رحل المفكر البولندي زيغمونت باومان (91 عاماً) أمس في منزله في مدينة ليدز البريطانية، ناقد العولمة الذي ابتكر مصطلح "الحداثة السائلة" واصفاً به المجتمعات التي تسمها العولمة بالاقتصاد الرأسمالي العالمي وتعيش زيادة كبيرة في خصخصة الخدمات وتحكم تطوّرها ثورة المعلومات.
ألّف باومان (1925-2017) أكثر من خمسين كتاباً أعاد فيها قراءة الأخلاق وثقافة الاستهلاك والعولمة والحداثة وطبيعة العلاقات المعاصرة، وكان يوصف بأنه "الصوت الأخلاقي للمحرومين".
وربما يكون أحد أشهر كتب باومان، هو "الحداثة والهولوكست"، هو الذي هرب مع عائلته من حرائق النازية حين اجتاح جيش هتلر بولندا، وإن كان والده قد أخذه إلى "إسرائيل" فقد غادرها باومان ما أن سنحت له القدرة على ذلك وكان يعلن صراحة أنه ضد الصهيونية التي مشى والده على خطاها.
رغم ذلك كان باومان ضد المقاطعة الثقافية، حتى أنه ألقى محاضرات في جامعات "إسرائيل"، لكنه انتقد الاحتلال في أكثر من مناسبة، خصوصاً في تصريحاته في مقابلة سنة 2011 مع مجلة "بوليتكا" البولندية، التي تطرّق فيها إلى الكيفية التي تستخدم بها إسرائيل الهولوكوست لتجعل من نفسها ضحية مستمرة تعيش اضطهاداً تاريخياً، وتشرعن انتهاكاتها، معتبراً أن "إسرائيل" لم تكن يوماً مهتمة بالسلام مع الفلسطينين. واعتبر أنها مستوطنة من الكراهية بعد أن انتقد الجدار العازل بشدة.
في الثمانينيات، نشر باومان كتباً تتعلق بالحداثة والبيروقراطية والعقلانية والإقصاء الاجتماعي. وفي التسعينيات، بدأ اهتماماته بالنزعة الاستهلاكية وما بعد الحداثة.
من أهم كتبه "السوسيولوجيا اليومية" و"التأويلية والعلوم الاجتماعية"، "أخلاق ما بعد الحداثة" و"مدينة المخاوف، مدينة الآلام". وترجم له إلى العربية "الحداثة السائلة" و"الأخلاق في عصر الحداثة السائلة" و"الأزمنة السائلة.. العيش في زمن اللايقين" و"الخوف السائل".