هشام البستاني: الانتفاضات كسرت تابو الأنظمة

10 يونيو 2014
إنغرد بالتزيرسن والبستاني في الندوة
+ الخط -

استضاف مركز الكتّاب النرويجيين في مدينة ترومسو، القاص الأردني هشام البستاني (1975)، حيث تحدّث في اللقاء الذي أدارته الكاتبة والمترجمة إنغرد بالتزيرسن، عن كتابته القصصية التي تقوم على الاشتباك، مع الأجناس الكتابية والأشكال الإبداعية الأخرى، مثل الشعر والموسيقى والفنون البصرية.

وأصر صاحب "الفوضى الرتيبة للوجود" على أن تكون اللغة العربية حاضرة إلى جانب اللغة الإنجليزية، في قراءة النصوص المختارة، ليتعرّف الحضور على اللغة الأصلية للنص وموسيقاها.

وعن خلفية تشبثه بالقصة القصيرة، كجنس أدبي وحيد في تجربته السردية، قال البستاني إنه يجد البلاغة في التكثيف والإيجاز التي تتوفر في القصة القصيرة أكثر من غيرها من الأشكال السردية، وأن على "القطعة الأدبية" أن تستبطن أكثر مما تعلن، وأن تفتح للمُتلقي فضاءات التخييل ومساحات الاشتباك لاستكمال النص.

إن الأدب في نظري ـ يقول البستاني ـ هو الذي تنتعش فيه الإمكانات والاحتمالات، ولا تصادَر فيه مساحات المتلقي، في صنع ما يلي الكتابة أو ما يسبقها.

ولم يخف صاحب "أرى المعنى" انتقاده للوضع الثقافي والإبداعي العربي، بعد الثورات والانتفاضات العربية، والذي قال إنه لم يختلف كثيراً عما كان قبلها، إذ لم نشهد مساهماتٍ أدبية وفنيّة تواكب التغييرات المفاهيميّة الكبرى التي حدثت.

وكنتيجة لحالة الخواء الثقافي، اندفعت الانتفاضات الشعبية العربية دون تحفيز من أرضيات فكرية أو معرفية محليّة سابقة عليها. وبينما واجهت "الجماهير" بنادق ودبابات وطائرات الأنظمة بصدورها، كان كثيرون ممن كانوا يسمّون أنفسهم "مثقفين ثوريين" يتراجعون عن أدوارهم المفترضة.

يبقى أن أقول ـ يضيف البستاني ـ إن الانتفاضات العربية كسرت إلى حد كبير واحداً من أهم تابوهات الكتابة والتعبير عن الرأي في العالم العربي، وهو تابو الأنظمة الحاكمة ورموزه التي لم يكن يجرؤ أحد في السابق على مسّها بشكل مباشر. وعدا عن استثناءات قليلة، كان الحديث عنها يتم بكثير من المواربة، وبما يترك مجالاً للكاتب للتهرّب من تبعات كتابته.

وبذكر التهرّب من الرقابة، سألنا صاحب "عن الحب والموت" عن السبل التي يمكن للكاتب العربي أن يتجنب بها المصادرات المختلفة الناتجة عن الرقابة، فقال إنه لا مجال للتخلص منها، قبل أن يتخلّص الكاتب العربي من رقيبه الداخليّ، ومن تبعيّته الماليّة من جهة ثانية.

وشدّد البستاني على ضرورة أن يكون الكاتب طليعيّاً ومتمرّداً وحادّاً وإشكاليّاً و"رسوليّاً"، وأن يعي أن واحدة من أهم مهامه (بالمعنى الوجوديّ) هي ضرورة مواجهة الوضع القائم بمحرّماته الكثيرة والاشتباك معها.

المساهمون