غريغ فيشر: المشرق من بومبيوس إلى فجر الإسلام

09 مايو 2020
من الآثار الإسلامية في مجمع "قطب منار" بدلهي (Getty)
+ الخط -

في كتابه الصادر مؤخراً عن منشورات "تايلور آند فرانسيس"، يستقصي الباحث البريطاني غريغ فيشر تاريخ مساحة شاسعة تمتد من جنوب شبه الجزيرة العربية مروراً بصحراء المنطقة، صاعداً في طريقه إلى سورية والعراق إلى أن يصل إلى بلاد فارس القديمة، ولا يقتصر امتداد الكتاب على جغرافيا كبيرة وحسب، الزمن يبدو أيضاً مترامي الأطراف، إذ ينطلق فيشر في عمله الضخم من لحظة وصول روما إلى حكم الشرق عام 63 قبل الميلاد مع استيلاء القائد الروماني بومبيوس على سورية وفلسطين، وينتهي بلحظة موت النبي محمد عام 632 ميلادية.

الكتاب صدر تحت عنوان "روما وبلاد فارس والجزيرة العربية: تشكيل الشرق الأوسط من بومبيوس إلى محمد"، ويقرأ الكاتب -المتخصص في دارسات التاريخ القديم في الشرق والمشرق العربي بالخصوص- عبره التأثير الهائل الذي مارسته القوى العظمى في العصور القديمة على الجزيرة العربية والعرب سياسياً وثقافياً.

يرى الكاتب أن فهم شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام ودراسة تاريخ العرب، مسألة في غاية الأهمية لفهم التاريخ العالمي، من هنا ينجز المؤلف قراءة واسعة النطاق يعود فيها إلى كتب ووقائع موثقة لعصر يصفه بـ "الحاسم ولكنه غير معروف ومدروس بما يكفي في تاريخ العالم الذي قدمه ويقدمه الغرب"، حيث يجري تقديم شبه الجزيرة العربية بأنها منطقة ذات تاريخ محدود وهامشي وغير مؤثر في العصور القديمة، وهذا ما ينفيه الكاتب عبر فصول الكتاب.

يقف فيشر مطولاً عند محاولة حاكم مصر الروماني أيليوس غالوس السيطرة على اليمن - الذي كان يعيش واحدة من أقوى فتراته القديمة وأكثرها تعقيداً، حيث الصراع بين مملكتين قويتين هما حِمْير وسبأ - والممر البحري الذي تعبر من خلاله البضائع إلى مصر.

بدا لروما أن السيطرة على اليمن ضرورية لاكتمال الهيمنة على المنطقة قبل أن تفعل الدولة الفرثية في بلاد فارس والتي كانت المنافس السياسي لروما، ولكن كان لهذه الفكرة نتائج كارثية، حيث خسر غالوس جنوده بعد أن حاصر مأرب بلا طائل، وهلك معظمهم من المرض والجوع، وعاد أدراجه دون أن يُخضع البلاد لروما.

كذلك يتناول الكتاب، أولى استطلاعات روما لسهوب سورية ومن هم حلفاؤها والمدن والممالك والقبائل التي كانت متورطة في الصراعات بين روما وفارس، ثم يتناول تطور المسيحية العربية في المنطقة، وظهور الإقطاعيات العربية على حواف القوة الإمبريالية لروما.

يواصل الكاتب حملته الاستكشافية للتاريخ القديم للمنطقة مع ظهور الإسلام، والبعد السياسي للحظة تكوّن بذور الدولة الإسلامية في المدينة ثم خروجها إلى المنطقة المحيطة بها، كما يتناول البحوث الحديثة في في أنثروبولوجيا المجتمعات القبلية القديمة وعلاقتها بالدول المحيطة بها.

يتضمن العمل خمسة فصول أساسية تبدأ مع "كتابة تاريخ العرب قبل الإسلام"، و"بين روما وفرثيا"، و"أعداء، حلفاء ومدّعون من 211 إلى 500 قبل الميلاد"، و"رجال الدولة العرب في القرن السادس ميلادية"، و"الإرث".

المساهمون