نصف الجاهز

12 اغسطس 2016
تجهيز لـ رافائيل غوميز باروس/ كولومبيا
+ الخط -

يبدو أن الجميعَ مدعو إلى الوليمة، مرّة على طاولات ذات أغطية بيضاء، ومرة في حفل شواء. الحديث عن البلاد العربية لم يعد حكراً على أقلية تمرّست بقضايا المنطقة واحتكّت بها.

فالصحافيون وعلماء الاجتماع ومحلّلو السياسة والاقتصاد والروائيون والمختصّون النفسيون والفنانون التشكيليون والسينمائيون يقدّمون الصحن نفسه. في عقد من الزمن، أو أكثر بقليل، تضخّمت مساحة الحديث عنا، ويقال إن ثمة نهماً متصاعداً لاستهلاك الطبق.

من بلاتوه تلفزيوني إلى آخر، كثيراً ما نسمع شيئاً عنا. ونلاحظ وفرة من الكتب الصادرة باللغات الأكثر مقروئية في الأشهر الأخيرة عن الإسلام أو التاريخ المعاصر لبلادنا، كما نقف على أفلام عديدة، روائية ووثائقية، تضيء هذه الظاهرة أو تلك، وهنا أو هناك معارض فنية ضمن التوجّه نفسه. وفرة تكاد تطمر كل وجه أصلي للمواضيع التي تتناولها، بل لعلها تُعفينا ذات يوم من إنتاج صورة عن أنفسنا، كما تُعطّل السكّريات الاشتغال السليم للغدد.

بعد كل هذا الحضور في الوليمة، هل ما زال ثمة معنى لكلمة مستشرق، ذلك الخبير المتخصّص في الشرق؟ كلهم بهذا التوصيف مستشرقون، وهؤلاء لم يتغلغلوا في اللغة والعادات كما يفعل المستشرقون القدماء، بل هم أقرب إلى متداولي "نصف الجاهز"، ومن ثم يفصّلون بدلات، قد يحدُث أن تفرِض سياقات ما أن يرتديها الجميع، تماماً كالبدلات التي يرتديها أغلبية سكان الكوكب.

دلالات
المساهمون