يأس من المنظمة وأمل في إصلاحها

20 يوليو 2015
(غرافيتي لـ بانكسي في غزة)
+ الخط -

تختلف نظرة الشقيقين مؤيد ومنذر أو نصر، من مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، لمنظمة التحرير الفلسطينية. فمؤيد المنتمي إلى حركة "حماس"، يرى أنّ المنظمة لم يعد لها وجود، وأنها باتت عنواناً للتفرّد يقوده الرئيس محمود عباس. لكن منذر الذي ينتمي لـ"فتح"، يرى أنّ المنظمة ما زالت الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين.

يقول مؤيد، إنّ منظمة التحرير كان لها "في السابق وقع أكبر وأكثر من الآن"، وأنّ المسؤول عن وضعها المهلهل، الآن، هو عباس الذي يريد التفرد بالقرار وبالقيادة. ويدعو إلى ضرورة الإسراع في إصلاح المنظمة وإعادة بنائها لتضم جميع الفصائل حسب حجمها الحقيقي على الأرض.

ويشير مؤيد إلى أنّ بعض فصائل المنظمة، حالياً، ليس لها وجود على الأرض، وهي لا تستحق أن تكون في هذا المكان، معتقداً أنّ إصلاح المنظمة هو بوابة لإصلاح الأوضاع الفلسطينية ككل، وإنهاء الانقسام، والتغلب على الصعاب الوطنية والأزمات المتعددة.

غير أنّ منذر يشير إلى أنّ المنظمة ستبقى ممثلة للفلسطينيين بكل فصائلهم وقياداتهم، متهماً حركة "حماس" بالفشل، في أوقات سابقة، في بناء كيان موازٍ للمنظمة، ومشيراً كذلك، إلى أنّ "حماس" لا تريد الشراكة في المنظمة، بل تريد الاستحواذ عليها وقيادتها خِدمة لمشروعها فقط.

ولا يُمانع منذر أن تُضم حركتا "حماس" و"الجهاد" للمنظمة، "شريطة أنّ تلتزما ببرنامجها السياسي"، وهو ما يرد عليه مؤيد: "هذا مستحيل، لا يمكن للحركتين أنّ تشرّعا التنازل عن فلسطين والاعتراف بإسرائيل، لأنّ ذلك خيانة وطنية".

سياسياً، يقول النائب عن حركة "حماس" في المجلس التشريعي، يحيى موسى لـ"فلسطين/العربي الجديد"، إنّ منظمة التحرير لا يوجد لها، حالياً، أي وجود حقيقي على الأرض، وهي باقية صورياً فقط، بسبب السياسات الإقليمية والدولية، التي لا تسمح لها بأن تأخذ دوراً حقيقاً يعبر عن الشعب الفلسطيني وطموحاته وتطلعاته.

ويؤكد موسى أنّ منظمة التحرير بوضعها الحالي مغيبة من القائمين عليها، وبعض الأطراف الإقليمية والدولية، التي لم يسمها، في ظل إلغاء ميثاق المنظمة التي قامت من أجله، وتعديل برنامجها السياسي بعيداً عن الشعب الفلسطيني.

ويشير إلى أنّ المؤسسات التابعة للمنظمة معطلة بالكامل ولا تؤدي دورها، إلا في الأمور الهامشية فقط، بفعل السلطة الفلسطينية ومؤسساتها التي أدت إلى غياب الدور الحقيقي والبنيوي لمؤسسات ولجان منظمة التحرير، متهماً قيادة السلطة باختطاف المنظمة والقرار الفلسطيني، وأنها معنية بإبقاء تعطيل الدور الحقيقي الذي نشأت من أجله.

ويضيف موسى: "هذه المنظمة لم تعد حتى تمثل جزءاً من الفصائل الفلسطينية، بل هي مختطفة باسم حركة فتح، التي تعيش في السنوات الأخيرة مشاكل داخلية قائمة على الإقصاء، وتقوم هذه الأطراف باستخدام اسم المنظمة وفتح لصالح حساباتها ومصالحها الشخصية".

ويشدد القيادي بـ"حماس" على أن القيادة الحالية غير معنية بإعادة هيكلة المنظمة وبناء دورها الحقيقي، ومشاركة فصائلية شاملة تقود لإعادة بناء جسم ومؤسسات المنظمة بشكل حقيقي وجدي، مطالباً بضرورة عقد مؤتمر وطني جامع من الفصائل الفلسطينية لمناقشة الواقع الحالي، ومناقشة آلية إعادة ترميم وبناء مؤسسات المنظمة، أو في حال تعذر ذلك، بناء جسم جديد يمثل الشعب الفلسطيني بكل فئاته وأطيافه.

من ناحيته، يقول القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، الشيخ خضر حبيب، لـ"فلسطين/ العربي الجديد"، إنّ واقع منظمة التحرير الحالي يشهد حالة من الترهل والعطب، والتهميش لدورها الحقيقي منذ اتفاق أوسلو، وازداد الأمر سوءاً خلال السنوات العشر الأخيرة.

ويشير حبيب إلى أنّ غالبية المؤسسات التابعة للمنظمة تعيش حالة من الترهل والعطب وعدم الاهتمام، لصالح مؤسسات السلطة الفلسطينية، حيث أصبحت المنظمة مجرد أداة تستخدمها القيادة السياسية للسلطة لتمرير ما تريد بشأن مفاوضاتها ومصالحها مع الاحتلال الإسرائيلي.

وكان من المفترض، وفق حبيب، أنّ تكون منظمة التحرير بيتاً جامعاً للكل الفلسطيني يجري تطويرها وهيكلتها بحيث تكون ممثلاً حقيقياً للفلسطينيين، وتعبر عن رأي الشارع الفلسطيني، وليس كما أوصلها القائمون عليها خلال العقدين الماضيين، حيث أصبحت مجرد وسيلة وأداة للمصالح الخاصة.

ويلفت القيادي بـ"الجهاد" إلى أنّ الواقع الحالي لمنظمة التحرير "لا يسر صديقاً ولا يغيض عدواً"، وذلك بفعل ما وصلت إليه المنظمة، إلى جانب عدم تنفيذ بنود اتفاق القاهرة الذي نص على إجراء انتخابات جديدة للمنظمة لانتخاب مجلس وطني، وإعادة هيكلتها على أساس مشاركة الكل الفلسطيني بما فيها حركتا "الجهاد الإسلامي" و"حماس".

والمسؤول عن كل هذا الوضع الذي وصلت إليه المنظمة، كما يقول حبيب، الرئيس عباس وبعض الفصائل الفلسطينية الصغيرة، والذين يعطلون تطوير وإعادة بناء المنظمة لأسباب مختلفة منها الرغبة بالتفرد بالقرار الفلسطيني، بالإضافة إلى أن بعضهم يخشى فقدان مكانه حال مشاركة حماس، والجهاد الإسلامي في المنظمة.

ويطالب حبيب بإعادة بناء منظمة التحرير على أساس الاتفاق الفصائلي الموقع برعاية مصرية عام 2011، لا أنّ يجري استخدام المنظمة كأداة لتنفيذ المصالح، مشدداً على ضرورة أنّ "تعبر المنظمة عن رأي الشعب الفلسطيني بكل توجهاته وتياراته الفصائلية بعيداً عن المصالح الشخصية".

ويتفق عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومسؤول فرعها في غزة، جميل مزهر، مع سابقيه، أنّ الرئيس عباس هو من يتحمل مسؤولية تعطيل إعادة بناء مؤسسات المنظمة، عبر رفضه دعوة الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير للانعقاد.

ويقول مزهر لـ"فلسطين/العربي الجديد"، إنّ واقع المنظمة الحالي يعيش نوعاً من الترهل والشيخوخة التي أصابت جذور مؤسساتها من الداخل، بفعل "البيروقراطية وعدم التجديد، موضحاً أنّ مؤسسات المنظمة الحالية بحاجة لإعادة بناء وضخ دماء جديدة عبر إعادة هيكلتها على قاعدة مشاركة الجميع، وإجراء انتخابات مجلس وطني جديد، يقود إلى بناء جديد وحقيقي للمنظمة، يعبر عن رأي الكل الفلسطيني وليس وجهة نظر واحدة فقط".

ويؤكد مزهر أنّ منظمة التحرير، حالياً، تعيش نوعاً من التفرد في القرار الفلسطيني، بعيداً كل البعد عن التوافق، في ظل عدم دعوة إطار المنظمة المؤقت للانعقاد ، مطالباً الرئيس عباس بضرورة دعوة الإطار للانعقاد من أجل التوافق على برنامج شامل لإعادة بناء مؤسساتها.

وينوه مزهر إلى أنّ إجراء انتخابات شاملة لانتخاب مجلس وطني جديد، يعتبر القاعدة الأساسية لإعادة بناء وهيكلة منظمة التحرير الفلسطينية، على أساس مشاركة كافة القوى والفصائل الفلسطينية، على مبدأ التمثيل النسبي.

دلالات
المساهمون