ندرة المياه وتوسع الحضر يخنقان زراعة الأردن

11 يوليو 2016
مشكلات الزراعة الأردنية كثيرة (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -
يعد الأردن، من الدول القليلة التي لا تفرض ضرائب على الدخول المتأتية من عملية الإنتاج الزراعي، ولا يضع أي ضرائب على الموارد الزراعية، علاوة عن إعفاءات أخرى، يمنحها قانون تشجيع الاستثمار، كإعفاء مستلزمات الإنتاج والآليات ومعدات المشاريع الاستثمارية من الرسوم والضرائب. إلا أن حصة الزراعة من الناتج المحلي الإجمالي تستمر بالتراجع، بموازاة تقلص المساحات الزراعية المستثمرة، وانكماش قوة العمل، في وقت يعتمد فيه نحو 25% من مجموع فقراء المملكة على الزراعة كمصدر دخل ثابت.

قد يكون ري المساحات المزروعة بشكل كاف، من الأمور الصعبة في بعض الأحيان، داخل بلد يعتبر واحداً من أفقر دول العالم بالمياه. ما يمثل تحدياً بالنسبة لكثير ممن يعملون في هذا القطاع، لأن معظم الشرائح الفقيرة من المجتمع، تقطن في مناطق تواجه مخاطر عالية من الجفاف، وتفتقر إلى القدرة على التكيف، نظراً لعدم وجود الأصول لديها.
لكن قلة مياه الري، ليست التحدي الوحيد الذي تواجهه الزراعة في الأردن، فهناك أسباب أخرى كما يقول الخبير الزراعي يحيى الجعافرة، من أهمها: "النشاط الحضري غير المخطط، الذي أخرج من الزراعة نحو 1.5 مليون دونم، واستمرار تفتت الملكيات الزراعية، وارتفاع المسجل منها إلى أكثر من ثلاثة أضعاف خلال سنوات قصيرة، واستنزاف أحواض المياه الجوفية لمستوى تم فيه تجاوز الحد الآمن للاستخراج، وتزايد معدلات تملح التربة وتدني إنتاجها بسبب استخدام مياه جوفية ومياه عادمة معالجة لكنها مرتفعة الملوحة، وتزايد الاعتماد على الاستيراد لتلبية حاجة السكان من السلع الاستراتيجية كالحبوب و المحاصيل العلفية والحقلية، واللحوم الحمراء ومنتجات الألبان".
ويضيف الجعافرة لـ "العربي الجديد": "في سياق هذا المشهد، تراجع إنتاجنا من أهم مادتين استراتيجيتين، هما القمح، الذي يزرع عادة في المناطق المطرية، حيث تراجع إنتاجه من 75 ألف طن إلى 20 ألف طن، وهي كمية لا تغطي حاجة البلد لأكثر من أسبوع، والشعير، فقد تراجع هو الآخر من 63 ألف طن إلى 18 ألف طن تقريباً، وهذا يعني أننا أمام معضلة كبيرة، قد تنعكس آثارها بشكل كبير على أمننا الغذائي في المستقبل".
وتبلغ قيمة مشتريات الأردن من القمح والشعير سنوياً، بحسب مصادر حكومية، نحو مليار دولار. كما ارتفع استهلاك المملكة من القمح من 850 ألف طن إلى مليون طن سنوياً، بسبب وجود اللاجئين السوريين على أراضيها.
وكانت وزارة الزراعة بالتعاون مع وزارتي المياه ووزارة الصناعة والتجارة، قد أعدت تقريراً، أرجع أسباب قصور الإنتاج الزراعي في المملكة إلى "صغر قاعدة الموارد الزراعية وتآكلها، وانخفاض نسبة الأراضي الصالحة للزراعة مقارنة بالمساحة الكلية، فضلاً عن ندرة المياه وسوء استغلالها وهدرها، وتدني الإنتاجية. ويوضح التقرير أن مساحة الأراضي الزراعية لا تتعدى نسبتها 9.7% من المساحة الكلية للأردن، معتبراً أن قلة الأمطار تشكل عاملاً رئيساً حد من تطور الزراعة، ودفع الأسر العاملة فيها كي تهجر أرضها بحثاً عن فرص عمل ومصادر دخل خارج القطاع. في حين تعاني الزراعة المروية من محدودية موارد المياه وتراجع المتاح منها للري، سطحية وجوفية ومياه ينابيع، أمام الحاجة المتزايدة لاستعمالاتها المنزلية والصناعية.

ويرى الخبير في قطاع المياه هيثم سعود أن الأردن استغل معظم موارده المائية المتجددة السطحية والجوفية، واستنزف بعضها، خاصة الجوفية، ولم يبق لديه سوى استعمال موارد مائية غير تقليدية، مثل تحلية المياه والمياه العادمة، والاستعمال الأمثل للموارد المائية وإدارتها بشكل جيد. ويؤكد في تصريح لـ "العربي الجديد أن إعادة تدوير المياه، واستخدام التكنولوجيا في معالجة المياه العادمة والمعالجة والمياه الرمادية سيقلل حتماً من حصة ما يستنزفه قطاع الزراعة في مياه الري، التي تقدّر بنحو 61% من المصادر المائية. كما سيزيد من حجم توظيف المياه العادمة المعالجة في مجال الري بنحو 232 مليون متر مكعب بحلول العام 2020.
ويركز المزارعون في أنشطتهم الزراعية كما يقول الخبير الاقتصادي صالح شقيرات، على البيوت البلاستيكية، نظراً لأنها تستهلك كميات أقل من المياه، مقارنة بزراعة الحقول. كما يعتمدون الري بالتنقيط لأنه يوفر الماء والطاقة.

ويضيف لـ "العربي الجديد": لقد ساعد نظام الري بالأنابيب المضغوطة، الذي يعتمده الأردن منذ سنوات، على تخفيف الفاقد، حيث يجري التحكم بالمياه المتدفقة من السدود إلى الأقنية الرئيسة، ومنها إلى شبكات التوزيع بكفاءة عالية تبلغ 90% وهي أعلى نسبة كفاءة في العالم.
المساهمون