نتنياهو تراجع عن مبادرة سلام إقليمية بعد لقاء العقبة

05 مارس 2017
نتنياهو وهرتسوغ اتفقا على المبادرة (جيم هولاندر/ فرانس برس)
+ الخط -




نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية وثيقة رسمية بالإنكليزية، تم التوصل إليها بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وزعيم المعارضة، يتسحاق هرتسوغ، في 13 سبتمبر/أيلول الماضي، بشأن التوصل إلى أسس لتشكيل حكومة وحدة وطنية في إسرائيل، شرط إطلاق مبادرة سياسية إقليمية تشارك فيها كل من مصر والأردن إلى جانب تأييد أميركي لها، تعتمد تكرار مقولة اعتماد حل الدولتين.

وذكرت الصحيفة، في عدد الصادر اليوم الأحد، أن الوثيقة كُتبت بالإنكليزية، وكان من المفترض أن يتم إعلانها في لقاء قمة يُعقد في القاهرة أو شرم الشيخ بحضور الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وربما بمشاركة العاهل الأدرني، الملك عبد الله الثاني.

ووفقا للوثيقة، التي نشرتها "هآرتس، فإن نتنياهو وهرتسوغ كان يفترض أن يعربا أولاً عن شكرهما للسيسي على أن يستعد لتحريك مبادرة سياسية إقليمية (بعدما أفشل نتنياهو في الصيف الماضي مبادرة مشابهة)، ثم يعلنا (نتنياهو وهرتسوغ) التزام إسرائيل بحل الدولتين، وإطلاق مفاوضات للتوصل إلى حل كهذا.

لكن الوثيقة تعرض شروطاً، من الواضح أنه لا يمكن للطرف الفلسطيني القبول بها، على الرغم من أنها تشمل كيل المديح المتحفظ للمبادرة العربية، باعتبارها تشمل نقاطاً إيجابية يمكن لها أن تشكل أساس حوار مع الدول العربية.


وبحسب "هآرتس"، فإن نتنياهو تراجع في نهاية المطاف، في أوائل أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن المضي قدماً نحو تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وإطلاق المبادرة الإقليمية، بفعل أزمة مستوطنة "عاموناه"، وتم إسدال الستار نهائياً على هذا الملف في 12 أكتوبر.

وتقوم الوثيقة التي تم الاتفاق عليها بين نتنياهو وهرتسوغ على 8 بنود، كما نشرتها صحيفة "هآرتس"، وهي:

· نشكر الرئيس السيسي على استعداده لأخذ دور ناشط في دفع السلام والأمن في المنطقة، وإطلاق عملية السلام مجدداً.

الوثيقة كما نشرتها "هآرتس" 


















· نعرب مجدداً عن الالتزام بحل دولتين لشعبين ونعلن رغبتنا في دفعه قدماً.

· تتطلع إسرائيل إلى إنهاء النزاع ووضع حد لكافة المطالب، وتحقيق اعتراف متبادل بين دولتين قوميتين، وترتيبات أمنية متواصلة وحل إقليمي متفق عليه يعترف من ضمن أمور أخرى بوجود مراكز سكانية قائمة (تعبير جديد للتغطية على مصطلح المستوطنات وليس فقط الكتل الاستيطانية، ن، و).

· في إطار البحث عن السلام، تمد إسرائيل يديها للفلسطينيين، وتطلب بدء مفاوضات مباشرة وثنائية من دون شروط مسبقة.

· تنظر إسرائيل بإيجابية للروح العامة لمبادرة السلام العربية، والعناصر الإيجابية فيها. ترحب إسرائيل ببدء مباحثات مع دول عربية بشأن هذه المبادرة، سعياً لترجمة التغييرات الدراماتيكية التي بدأت في المنطقة في السنوات الأخيرة، ومن أجل العمل سوية نحو دفع حل الدولتين وسلام أوسع في المنطقة.

· في سياق استئناف جهود السلام، سيطبق النشاط الإسرائيلي في المستوطنات بيهودا والسامرة (أي الضفة الغربية المحتلة، دون ذكر للقدس، ن.و) بشكل يتيح حواراً إقليمياً للسلام، ويمكن أيضاً (تحقيق) هدف دولتين لشعبين.

· تعمل إسرائيل مع السلطة الفلسطينية من أجل تحسين الوضع الاقتصادي والتعاون الاقتصادي بما في ذلك في المنطقة سي، وتوثيق التنسيق الأمني.

· تتطلع إسرائيل إلى تحقيق استقرار طويل الأمد في قطاع غزة، بما في ذلك إعادة الإعمار الإنساني وترتيبات أمنية ناجعة.


ولكن وعلى الرغم من موافقة هرتسوغ على هذه الوثيقة، والاتصالات التي أجريت لاحقاً مع الأطراف الدولية والإقليمية المختلفة، خلال هذه الفترة، والتي تؤكد اطلاع الولايات المتحدة ووزير خارجيتها جون كيري على هذه الوثيقة، والدول العربية ذات الصلة، إلا أن نتنياهو كان قلقاً من اقتراب وتداعيات مؤتمر باريس، مع الضغوط الداخلية عليه في الائتلاف الحكومي لا سيما من قضية مستوطنة عامونا، واقتراب موعد إخلائها بحسب قرار المحكمة الإسرائيلية، ما دفعه إلى التراجع في أوائل أكتوبر عن الوثيقة كلياً.

وأفشل هذا التراجع، عملياً، عقد لقاء قمة إقليمي في القاهرة، كان يفترض عقده في مطلع أكتوبر، يعلن خلاله نتنياهو وهرتسوغ عن هذه الوثيقة، التي صيغت خصيصاً بالإنكليزية، لهذه الغاية ولإطلاع الأطراف الإقليمية عليها خاصة الطرف المصري والأميركي.

وعلى الرغم من أن نتنياهو بادر لمحاولة إحياء فكرة المؤتمر الإقليمي، بعد فشل المحاولة الأولى أواسط العام 2016، والتي انتهت في مايو/أيار 2016، عبر فشل اتصالات نتنياهو – هرتسوغ الأولى، بضم أفيغدور ليبرمان إلى الحكومة، وإعلان الاثنين في مؤتمر صحافي مشترك، مواقف قريبة للغاية مما تطرحه الوثيقة أعلاه، إلى أنه عاد وفشل في ذلك.


وفي هذا السياق، أشارت "هآرتس" إلى أن العودة إلى فكرة محاولة تشكيل حكومة وحدة وطنية مع المعارضة، كتمهيد لإطلاق مبادرة سياسية إقليمية، طرحت مجدداً بعد فشل ضم هرتسوغ للحكومة، في لقاء بين كيري ونتنياهو في روما خلال شهر يونيو/حزيران، باعتبار أن مثل هذه المبادرة كان يمكنها أن تحل نهائياً محل مؤتمر باريس، خاصة أن كيري طرح أن تُدعى للمؤتمر الإقليمي للسلام دول عربية إضافية، بينها العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة التي لا توجد بينها وبين إسرائيل علاقات دبلوماسية، على أسس لقاء العقبة ذاته، الذي جمع في فبراير/ شباط بين نتنياهو والسيسي وكيري وعبد الله الثاني.

ووفقاً لما نشرته "هآرتس"، فإن محاولات كيري للنفخ في مسألة المبادرة الإقليمية مجدداً، ومحاولة تجنيد تأييد المعارضة الإسرائيلية، بما فيها هرتسوغ وزعيمة حزب "كاديما" تسيبي ليفني، ووجهت بتشكيك كبير من قبل ليفني وهرتسوغ بجدية نوايا نتنياهو. وأجرى هرتسوغ على ضوء توجهات كيري اتصالات مع قادة من الدول العربية، وليس فقط من مصر والأردن، وإنما أيضاً مع زعماء عرب من دول لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، لمعرفة مدى استعداد هذه الدول للمشاركة في مؤتمر سلام إقليمي.

وتبين لهرتسوغ، بحسب "هآرتس"، أنه على امتداد هذه الفترة، وبموازاة الجهود الأخيرة التي بذلها كيري، في الأشهر الأخيرة لولايته في الخارجية الأميركية، لوضع أسس لتسوية دائمة وعقد مؤتمر دولي، فإن رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، كان ينشط مع الرئيس المصري الحالي، للدفع باتجاه مبادرة إقليمية أكثر تواضعاً من تصور كيري.

ويبين تقرير "هآرتس" أيضاً، أن هرتسوغ اشترط عندما توجه له نتنياهو مجدداً في سبتمبر/أيلول باقتراح دفع مبادرة إقليمية، الحصول على ضمانات، على شكل سماع تأييد عربي للفكرة، وبشكل مباشر من ممثلي الأطراف العربية.

وعلى هذا الأساس وصل إلى تل أبيب مبعوث مصري رفيع المستوى أكد لهرتسوغ أن السيسي معني بدفع هذه المبادرة قدماً، كما نقل مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى رسائل هاتفية لهرتسوغ بهذا الخصوص، ما دفع الأخير نهائياً للوصول مع نتنياهو إلى بلورة الوثيقة المذكورة. إلا أن نتنياهو تراجع عن المبادرة كلها بعد موت الرئيس شمعون بيرس، ولم يعاود طرح الفكرة من جديد بفعل تطورات أزمته داخل الائتلاف الحكومي في قضية مستوطنة "عاموناه"، التي تم في نهاية المطاف في مطلع فبراير، إخلاؤها وهدم منازلها.




دلالات
المساهمون