الجيش سهّل لـ"بلطجية الوطني" مهاجمة المعتصمين بالتحرير

02 فبراير 2014
+ الخط -

 

القاهرة - محمد سالم

ثلاث سنوات مضت على جريمة مكتملة الأركان، ولا يزال الفاعل حرًا طليقًا، فاليوم الثاني من فبراير يوافق مرور الذكرى الثالثة على ما عرفت إعلاميًا بـ"موقعة الجمل"، والتي شن فيها مجموعات من أنصار الحزب الوطني الحاكم في مصر إبان عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، هجومًا على المتظاهرين العزل بميدان التحرير بوسط القاهرة أثناء ثورة 25 يناير 2011.

المعتدون جاءوا مترجلين من منطقة نزلة السمان بالهرم (محافظة الجيزة)، على ظهور الجمال والبغال والخيول، حاملين السيوف والسكاكين وقنابل المولوتوف، في الوقت الذي أفسحت لهم قوات الجيش (التي كانت تؤمّن البلاد حينها) كافة الطرق باتجاه الميدان الذي يعتصم به المتظاهرون المطالبين برحيل "مبارك".

وبالتزامن، حاول عدد من البلطجية في محافظتي الإسكندرية وبورسعيد تفريق التظاهرات المناوئة للنظام، ونزلت العديد من التجمعات الشعبية المؤيدة لخطاب "مبارك" حينها في بعض المدن، مع عودة خدمة الإنترنت بعد توقف دام 5 أيام في جميع أنحاء مصر.

واندلعت الاشتباكات نهار الأربعاء 2 فبراير، وحاول أنصار "مبارك" دخول ميدان التحرير في وسط العاصمة بالقوة في محاولة منهم لإخراج عشرات الآلاف من المحتجين الذين يعتصمون منذ أيام داعين إلى تنحي الرئيس.

وحاول المعتصمون التصدي للهجوم بتراشق الحجارة، واستمرت معارك كر وفر لساعات، ولجأ مؤيدو مبارك إلى إلقاء قنابل حارقة وقطع من الأسمنت على المعتصمين في ميدان التحرير من أسطح البنايات المجاورة، في ظل امتناع قوات الجيش عن التدخل!

13 قتيلا

سقط 13 قتيلاً و767 مصابًا بين صفوف المعتصمين، الذين كسبوا بعدها تعاطف الكثير من المصريين، ونزل الكثيرون لتأييد المطالب، وكذلك المشاركة في الاعتصام حتى تنحى الرئيس المخلوع حسني مبارك بعدها بتسعة أيام في 11 فبراير.

وعقب نجاح ثورة 25 يناير في الإطاحة بنظام مبارك، اتهم 25 من رموز الحزب الوطني باستئجار البلطجية في هذه المعركة، أبرزهم أحمد فتحي سرور، صفوت الشريف، محمد أبو العينين، عبد الناصر الجابري، يوسف خطاب، مرتضى منصور، عائشة عبد الهادي، حسين مجاور، إبراهيم كامل، رجب هلال حميدة، وطلعت القواس.

البراءة للجميع!

وبعد عدة جلسات من المحاكمات الهزلية، انهالت البراءات على جميع المتهمين، ليس فقط في موقعة الجمل، ولكن في جميع أحدث قتل المتظاهرين منذ اشتعال أحداث الثورة.

وقضت محكمة النقض بعدم قبول الطعن المقدم من النيابة العامة على حكم محكمة جنايات القاهرة ببراءة جميع المتهمين في وقائع قتل المتظاهرين خلال أحداث موقعة الجمل، لتسدل الستار على دماء الشهداء التي سالت دون قصاص.

تقصي الحقائق

تقرير تقصي الحقائق عن أحداث العنف والقتل التي صاحبت ثورة 25 يناير، أوضح أن أكثر الإصابات القاتلة جاءت في الرأس والصدر، وأن مستشفى قصر العيني استقبلت عددًا هائلًا من إصابات العيون، تحديدًا في يوم موقعة الجمل.

وكشف التقرير اعتداء مناصري "مبارك" على معارضيه باستخدام الجمال والجياد والأسلحة البيضاء، ونقل المصابين المستشفيات التابعة لوزارة الصحة فقط، ورفضت المستشفيات الجامعية أو العسكرية أو مستشفيات الشرطة استقبالهم!

دور الإخوان

حركة شباب 6 إبريل –أحد أهم القوى الداعية لفعاليات الثورة– قالت في بيان رسمي لها، في ذكرى مرور عام على أحداث الثورة: إن "شباب الإخوان شاركوا مع الثوار من أول يوم في الثورة، وتواجد شبابها وقياداتها شأن د. محمد البلتاجي في يوم 25 يناير أمام دار القضاء العالي".

وأكدت الحركة أن "شباب الإخوان كان لهم دور رائع وتاريخي يكتب بحروف من نور مع كل شباب الثورة في يوم موقعة الجمل، وكنا سويًّا الدرع والسيف".

تدبير "الوطني"

وكتب عضو لجنة تقصي الحقائق الثانية -التي شكلها الرئيس محمد مرسي- تقادم الخطيب، على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قبل قليل: إن اللجنة التقت وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، في محبسه، وسجلت أقواله صوتا وكتابة، وأخذت توقيعه عليها.

وكشف الخطيب، أن العادلي قال في شهادته إن أمين عام الحزب الوطني، صفوت الشريف، اتصل به يوم ٢٧ يناير 2011، بعد اجتماع جمعه مع أعضاء لجنة السياسيات بالحزب، بحضور "مبارك" ونجله جمال، وأعضاء الحكومة، ورئيسها،  وقال له: "يوم الجمعة 28 يناير (جمعة الغضب)، ستكون هناك جِمال وأحصنة من أنصارنا".

ورد عليه العادلي قائلا: "سيكون هذا عبئا على القوات الموجودة في الشارع، خاصة أنها موجودة منذ أيام، ومنهكة، وإذا حدث أي استخدام للقوة فلن تفرق القوات بين المتظاهرين المعارضين والمؤيدين"، وعليه تم تأجيل موعد الموقعة.

وأضاف الخطيب أن هناك شخصيات كثيرة جدًا متهمة في موقعة الجمل من بينها أحمد الفضالي، رئيس ما يسمى بـ"تيار الاستقلال" حاليا، والذي قام مؤخرا بحملات إعلانية ضخمة باهظة التكاليف لتأييد الدستور، ودعم ترشح "السيسي" للرئاسة.

وقال أيضا إن اللجنة كشفت أن رجل الأعمال محمد المرشدي، قام بنقل عدد من الموظفين عنده بشركته، وعدد من البلطجية مقابل مبلغ ٣٠٠ جنيه لكل منهم، لكي يقوموا بالهجوم على المعتصمين بالميدان، وأن حسين مجاور، وعددًا من رجال أعمال "الوطني"، اجتمعوا بأحد الفنادق بحي المعادي، واتفقوا على تنفيذ وتمويل الموقعة، وكان هناك شهود شهدوا ضدهم، وأثبتوا أقوالهم.

سلخانات تعذيب

وأكد الخطيب أن "مبارك" وأعضاء المجلس العسكري كانوا على علم بالهجوم على المعتصمين، وتركوا الجمال والبلطجية تمر للاعتداء على المعتصمين، وأنه تم تحويل المتحف، وأسفل مجمع التحرير إلى ساحة تعذيب وانتهاكات للمتظاهرين، وقد كانت المخابرات الحربية برئاسة وزير الدفاع الحالي عبد الفتاح السيسي هي من تشرف عليها.

 واختتم قائلا: إن لجنة تقصي الحقائق الأولي التي شكلها رئيس الوزراء الأسبق الهارب، أحمد شفيق، ولجنة تقصي الحقائق الثانية لم يتوصلا إلى دليل واحد يشير إلى تورط "الإخوان" في موقعة الجمل، كما تزعم فضائيات رجال أعمال نظام مبارك.

معركة كبرى

عضو ائتلاف شباب الثورة، خالد عبد الحميد، قال فى شهادته: "مدخل المتحف المصرى شهد معركة كبرى استمرت من ظهر 2 فبراير حتى فجر الخميس 3 فبراير، وحاول البلطجية اقتحام الميدان بالجِمال والكارِتات، مستخدمين الأسلحة البيضاء والحجارة والرخام".

وأضاف "اعتلى أشخاص منهم المباني المقابلة للمتحف المصري وميدان عبد المنعم رياض، وألقوا كرات من النار على المتظاهرين، إلا أن شباب المعتصمين نجحوا في القبض على بعض هؤلاء البلطجية، وسجلوا اعترافات مصورة معهم، وقاموا بتسليمهم للجيش".

تواطؤ العسكر

وبحسب شهادة عبد الحميد، لم تحرك قوات الجيش ساكنًا في هذا اليوم، أو تظهر أي محاولة منهم لصد هذا الهجوم -رغم وجودهم- ونجح المعتصمون بعد فترة من الصمود في صد هذا الهجوم، مع إنشاء المستشفيات الميدانية لإسعاف المصابين".

واختتم شهادته قائلا: "مع الساعات الأولى من صباح اليوم الثاني، قام أشخاص ملثمون بقنص نحو ستة متظاهرين سقطوا شهداء من أعلى كوبري 6 أكتوبر المطل على مدخل ميدان التحرير من ناحية المتحف المصري، وبعدها اختفى هؤلاء القناصة، وهدأت الأوضاع وتراجع البلطجية، إلا أن القلق استمر في الميدان حتى الصباح، تحسبا لأي هجوم على الميدان مرة أخرى".

المساهمون