على الرغم من أن رئيس الوزراء اليمني، أحمد عبيد بن دغر، أعلن، منتصف شهر مارس/آذار الماضي، أن عودته إلى عدن باتت قريبة، أكدت مصادر في الحكومة اليمنية أن العودة تأجّلت إلى موعد غير مسمى، بتوجيهات من الرئيس عبدربه منصور هادي، وعلى إثر الأوضاع غير المستقرة في المحافظات الجنوبية للبلاد، منذ الأحداث التي شهدتها عدن في يناير/كانون الثاني الماضي، ليبدو وضع الحكومة اليمنية أضعف مع دخول العام الرابع على بدء عمليات "التحالف العربي" بقيادة السعودية، والتي أعلنت أن هدفها "إعادة الشرعية".
وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم تسميتها، في حديث مع "العربي الجديد"، أن بن دغر كان ينوي العودة إلى سيئون عاصمة مديريات الوادي بمحافظة حضرموت شرقي البلاد، بعد وصوله للعاصمة السعودية الرياض عائداً من العاصمة المصرية القاهرة، الشهر المنصرم، ولكن هادي طلب منه التريّث والبقاء في الرياض إلى حين تكون الأوضاع في عدن مهيأة لاستقبال رئيس الحكومة. وتمّ تبرير التوجيهات بأن ثمّة خشية لدى الرئاسة من أن تقتصر تحركات بن دغر على محافظة حضرموت (مسقط رأسه) من دون التمكّن من العودة إلى عدن، وهو ما يعطي انطباعاً بنجاح القوى المدعومة إماراتياً، والتي كانت تطالب بإسقاط الحكومة، بتحقيق هدفها، وبأن الأخيرة باتت بالفعل في وضعٍ لا يمكّنها من العودة إلى عدن.
وأشارت المصادر إلى أن بقاء بن دغر في الرياض "سيستمر إلى أجل غير مسمى، لحين تسوية الأوضاع في عدن، وإعادة هيكلة العلاقة بين الحكومة الشرعية ودول التحالف، وتحديد الحدود الفاصلة بين الشراكة والتبعية"، على حدّ تعبيرها. ونوّهت المصادر إلى أنّ انعقاد مجلس الوزراء في الرياض، قبل نحو أسبوعين، كان أمراً استثنائياً، نتيجة البقاء الاضطراري لرئيس الحكومة وعدد من الوزراء في العاصمة السعودية.
وكان بن دغر غادر عدن، في فبراير/شباط المنصرم، متوجهاً إلى السعودية التي خضع فيها للعلاج من وعكة صحية، اضطرته إلى المغادرة لاحقاً إلى العاصمة المصرية القاهرة لإكمال العلاج. وفي 14 مارس/آذار الماضي، أعلن أن حالته الصحية في تحسّن، وأنه سيعود قريباً إلى عدن، إلاّ أنّ ذلك لم يتم.
وجاءت مغادرة بن دغر لعدن بعد الأحداث الدامية التي شهدتها المدينة بين قوات الحكومة وقوات أخرى موالية للإمارات وحلفائها، في ما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي يترأسه محافظ عدن السابق، عيدروس الزبيدي، إذ دارت مواجهات عنيفة اقتربت فيها القوات الموالية لأبوظبي وللانفصاليين من القصر الرئاسي، حيث تقيم الحكومة اليمنية برئاسة بن دغر، قبل أن تتدخّل الرياض لفرض تهدئة، نجحت في احتواء التصعيد، إلا أنها، وكما يبدو، لم تعالج الأزمة على النحو الذي تستقر معه الحكومة الشرعية، وتعود لممارسة مهامها.
في سياق متصل، تتحدّث تسريبات عن أن ضغوطاً تمارسها أبوظبي، بوصفها الدولة التي تتولّى واجهة حضور التحالف في المناطق الجنوبية لليمن، لدفع الحكومة اليمنية إلى إقالة أحمد الميسري من منصبيه كنائب لرئيس الوزراء ووزير للداخلية، في وقتٍ يمارس فيه الأخير بعض مهمات رئيس الحكومة في عدن، كأرفع مسؤول يوجد في المدينة.
وكان الخلاف بين الميسري والموالين لأبوظبي بدأ بعد تعيينه في منصبيه في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، إذ أطلق بعد عودته إلى عدن تصريحات تؤكد أهمية تبعية مختلف الأجهزة الأمنية إلى الداخلية اليمنية (في رفض ضمني لوضع التشكيلات الموالية لأبوظبي)، كما أصدر بياناً (بالتزامن مع تصعيد يناير)، حذّر فيه من إقامة فعاليات غير مصرّح بها في العاصمة المؤقتة، بعد تلويح الانتقالي باتخاذ إجراءات تهدف إلى إسقاط حكومة بن دغر، وهي الأزمة التي تطوّرت لمواجهات مسلحة في وقتٍ لاحق.
وخلال الفترة الماضية، ترأس الميسري الذي ينتمي لمحافظة أبين (مسقط رأس هادي)، مجلس الوزراء مراراً، منذ مغادرة بن دغر عدن في فبراير الماضي، وذلك بحكم منصبه كنائب لرئيس الحكومة. كما عقد العديد من اللقاءات مع دبلوماسيين دوليين ومسؤولين في منظمات دولية زاروا عدن في الأسابيع الماضية.
وتأتي التطورات الأخيرة، فيما كان وزيران يمنيان قد قدّما استقالتيهما في مارس الماضي، وهما نائب رئيس الوزراء، وزير الخدمة المدنية، عبد العزيز جباري، ووزير الدولة صلاح الصيادي، على إثر الأزمة بين الجانب الحكومي والتحالف، وما شهدته عدن من أحداث مثّلت خطوة إضافية في طريق إضعاف الحكومة الشرعية ووجودها الهش في الأصل في المحافظات التي يُطلق عليها "المحافظات المحررة". إلاّ أنّ بن دغر، وخلال أزمة يناير الماضي، صرّح بأن القرار الأول في عدن يعود لأبوظبي، فيما أطلق وزير ثالث، وهو وزير النقل صالح الجبواني، تصريحات شهيرة تتهم الإمارات بإعاقة عمل الحكومة وإنشاء جيوش قبلية ومناطقية غير خاضعة للدولة.