ليبيا: تدخّل مصر يخدم السيسي ويُورّط الجيش

16 فبراير 2015
تعجز مصر عن ضبط حدودها مع ليبيا (فرانس برس)
+ الخط -

يواجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أزمة كبيرة حيال ليبيا، نتيجة تزايد الضغط الداخلي عليه بعد أنباء عن مقتل مصريين هناك، بحسب روايات تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي، القريبة من فرع تنظيم "الدولة الإسلامية" في ليبيا، في وقت تبدو فيه السلطات عاجزة عن منع عمليات السفر إلى ليبيا، أو إخلاء الأراضي الليبية تماماً من المصريين.

ولا يزال مصير 21 مسيحياً مصرياً مجهولاً، بعدما أعلن "تنظيم الدولة" أسرهم في طرابلس، وإعلان رغبته في مبادلتهم مع زوجتي رجلي دين مسيحيين، هما وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة. وكان اختفاء السيدتين قد أثار ضجة كبيرة داخل المجتمع المصري، وتحديداً في أوساط التيار الإسلامي، على خلفية أنباء عن إخفائهما من قبل الكنيسة المصرية، عقب إشهارهما إسلامهما.
وفي حين أنّ مصير السيدتين لا يزال عالقاً، يبدو السيسي في وضع سيئ، باعتبار أنّ مصير 21 مصرياً سيحدده مدى التعاطي مع مطالبات "تنظيم الدولة" بالإفراج عن شحاتة وقسطنطين.

في غضون ذلك، يسعى السيسي إلى مواجهة الجماعات المسلحة في ليبيا، عبر شنّ حملة عسكريّة تستبق تمددها ووصولها إلى قلب مصر للقيام بعمليات واعتداءات، علماً أنّه سبق وتلقّى، وفق مصادر، ما يشبه رفضاً دولياً لأي تدخّل عسكري في ليبيا. لكن يبدو أنّ ثمّة بوادر انفراج في الموقف الدولي بهذا الصدد، بدأت تلوح في الأفق، مع إعلان وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني، عزم بلاده الانضمام إلى أي تدخل عسكري للأمم المتحدة في ليبيا، محذراً مواطنيه في الوقت ذاته من السفر إلى هناك بسبب الأوضاع الأمنيّة المتردية.

وكان السيسي قد مهّد لإمكانية التدخّل عسكرياً في ليبيا، خلال لقائه رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حين حذّر من أنّ "خريطة الإرهاب في المنطقة تتزايد، وهو ما يحتاج إلى تعاون أكبر مع كل أصدقائنا الأوروبيين". وقال إنّ "التفاهم الإيطالي هو الجسر الحقيقي، وهي بدأت تلعب دوراً، وهذا يدفعنا بشكل كبير خلال رئاسة إيطاليا للاتحاد الأوروبي لشرح وجهة نظر مصر"، مضيفاً "نتوقع رد فعل إيجابي، وليس تفهماً للحالة المصرية فقط، بل دعماً أوروبياً لمصر خلال الفترة المقبلة".

وفي سياق متّصل، تعتبر مصادر دبلوماسيّة لـ "العربي الجديد"، أنّ "مصر تواجه أزمة كبيرة في إقناع الغرب والدول الأوروبيّة بجدوى التدخل عسكرياً في ليبيا، لانشغالهم بمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" في كل من العراق وسورية.

في موازاة ذلك، يسعى تنظيم "الدولة" في ليبيا، إلى استدراج الجيش المصري إلى مواجهات داخل ليبيا، لتخفيف الضغط على فرع التنظيم في سيناء الذي يخوض مواجهات عنيفة مع الجيش المصري، فضلاً عن محاولات تضييق الخناق على تحرّكات عناصر الجماعة المسلحة. وفي هذا الإطار، يحذر خبير عسكري، في تصريحات إلى "العربي الجديد"، من مغبّة تدخّل مصر عسكرياً في ليبيا، باعتبار أنّ ذلك "سيخلق حالة عداء لدى الشعب الليبي أجمع"، لافتاً إلى أنّ "الجيش المصري لا يجيد حرب العصابات، وإذا حدث وتدخّل عسكرياً، فسيكون ذلك من خلال طائرات فقط".

ويقول المصدر إنّ "قدرات الجيش المصري لن تمكّنه من حشد قوات على الحدود ثم اختراقها إلى الداخل الليبي، خصوصاً أنّ كافة الأطراف في ليبيا متصارعة، وبالتالي سيصبح الجيش المصري هدفاً لكلّ التنظيمات والجماعات". ويحذّر من أن تنظيم "الدولة الإسلامية يحاول جرّ أقدام الجيش المصري إلى الوحول الليبية".

ويلفت المصدر إلى أنّ "الجماعات المسلحة في ليبيا، لا سيما الجهادية وهي أخطرها وأشرسها، قد بدأت بالتوغل والتمدّد بشكل كبير، وهي تنجح في جذب عدد كبير من الشباب، داخل ليبيا أو خارجها، للانضمام إلى صفوفها".

وفي سياق متصل، يعتبر الباحث في الحركات الإسلامية، صلاح حسن، في تصريحات إلى "العربي الجديد"، أنّ "ليبيا باتت من أخطر نقاط تمدد تنظيم الدولة الإسلامية، وبات أنصار تنظيم القاعدة في ليبيا يندرجون تحت لواء التنظيم، الأمر الذي يوفّر عدداً كبيراً من المقاتلين". ويشير إلى أنّ "التنظيمات الجهاديّة في ليبيا باتت مركزاً للمقاتلين في منطقة شمال أفريقيا، عقب إغلاق الطريق أمامهم للانضمام إلى تنظيم "الدولة" في العراق وسورية"، مشدداً على أنّ "هناك محاولة لاستدراج الجيش المصري إلى مواجهات داخل ليبيا". ويعتبر أنّ التنظيم "متأكد من عدم قدرة الجيش على التعامل مع المسألة الليبية، فضلاً عن الطبيعة الوعرة والمساحات الكبيرة التي يمكن أن يقع فيها الجيش".

المساهمون