ترويج إسرائيلي لـ"حرب الإسلام على الغرب"

18 مارس 2015
هجوم على أوباما لرفضه إلصاق الإرهاب بالإسلام (فرانس برس)
+ الخط -
تهاجم أوساط إسرائيلية الرئيس الأميركي باراك أوباما في أعقاب تلميحاته الأخيرة بأن أحد أسباب "الإرهاب" الذي تشنّه بعض الجماعات الإسلامية، يعود إلى وجود أنظمة الاستبداد وللظلم التاريخي الناجم عن الاستعمار الغربي الطويل للعالمين العربي والإسلامي.

ومن الواضح أن هذه الأوساط تعي أن إسرائيل ومصالحها ستتضرر في حال تم الانطلاق من القناعات التي عبّر عنها أوباما في التعاطي مع الأوضاع في الشرق العربي، إذ إن هذا يعني أن الغرب مُطالب بإعادة تقييم موقفه بشكل حقيقي من أنظمة الاستبداد في العالم العربي التي تعتبر تل أبيب أن استقرارها يُمثّل مصلحة كبيرة لها.

وقد سعى البروفسور يونتان فاين، المختص بشؤون "الجماعات الأصولية" في "مركز هرتسليا متعدد الاتجاهات"، لتفنيد موقف أوباما، مدّعياً أن "الشريعة الإسلامية هي التي تُحرّض على العنف"، وأن "ميل المسلمين للعنف لا يتأثر بالأوضاع الاقتصادية ولا بحكم الاستبداد، ولا حتى بالماضي الاستعماري للغرب في المنطقة".

وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "ميكور ريشون"، شدد فاين على أن الحديث يدور عن "حرب دينية بكل ما تعني الكلمة"، محذراً من أنه في حال "لم يستيقظ الغرب فإنه سيضطر لخوض الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في ميادين المدن الأوروبية".

وهاجم فاين أوباما لأنه يحاول نفي صفة الإرهاب عن الإسلام، مشدداً على حرص الإعلام الأوروبي على وصف منفذي هجمات باريس بأنهم "متطرفون" من دون الإشارة إلى دينهم، معتبراً أن هذا "يمثل تضليلاً فجاً يعكس عمق الخوف من المسلمين داخل أوروبا".

ويدّعي فاين أن مظاهر "خنوع" القادة الأوروبيين للإسلام أكثر فجاجة من خضوع أوباما بسبب اعتبارات السياسة الداخلية الأوروبية وما بات يمثله الأوروبيون المسلمون من ثقل انتخابي يأخذه الساسة بعين الاعتبار عندما يبلورون مواقفهم من الشرق وقضاياه، منتقداً مراكز الأبحاث في الغرب التي تصوّر العمليات "الإرهابية" التي ينفذها مسلمون على أنها تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية، مدّعياً أن الإسلام كدين "يقدّس الحرب المطلقة على الآخر".

اقرأ أيضاً: فضائح نتنياهو تجعله اللاعب الأقوى في إسرائيل

من جهته، ذهب السفير الإسرائيلي الأسبق في القاهرة، تسفي مزال، بعيداً عندما اعتبر أن ضمان أمن الغرب يتوقف على إلحاق هزيمة كبيرة بالجماعات الإسلامية داخل ليبيا.

وفي ورقة نشرها مركز "يروشليم لدراسات المجتمع والدولة"، الذي يترأسه دوري غولد كبير المستشارين السياسيين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على موقعه الإثنين الماضي، وجّه مزال انتقادات حادة للغرب لعدم دعم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حربه على الإسلاميين في ليبيا.

وحسب مزال، فإن الولايات المتحدة وأوروبا وجّهتا "ضربة استراتيجية للسيسي وسددتا له لطمة قوية على وجهه، أحرجته"، عندما رفضتا طلبه استصدار تفويض من مجلس الأمن الدولي لمحاربة الإرهاب في ليبيا، معتبراً أن تشديد العالم على ضرورة أن يتم التوافق على حل سياسي للأزمة الليبية يُمثّل "سحباً للبساط من تحت أقدام السيسي وتقليصاً لهامش المناورة أمامه بشكل لم يتصوره".

واعتبر أن تبني حل سياسي للأزمة الليبية يعني "إضفاء شرعية على دور الجماعات الإسلامية، وضمنها الإخوان المسلمين في إدارة شؤون ليبيا".

وواصل مزال توبيخه للغرب، متسائلاً "كيف تربطون دعمكم للسيسي بسجل نظام حقوق الإنسان، وهل الدول الأخرى التي تدعمونها أكثر احتراماً لحقوق الإنسان؟"، محذراً من خطورة أن تتحوّل ليبيا إلى قاعدة تنطلق منها ما سماه بـ"دولة الخلافة" لتصبح تهديداً مباشراً لكل من الولايات المتحدة وأوروبا.

وزعم مزال أن وجود مئات الآلاف من المهاجرين المسلمين في أوروبا يُعقّد الأمور أكثر، مما سيجعل هؤلاء عاملاً لإضعاف أوروبا لأنه سيُولّد "تهديدات اجتماعية واقتصادية" ستؤثر على استقرار القارة العجوز.

لكن الباحث البارز في "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، مارك هيلير، يرفض الحماس لفكرة الحرب الدينية، ويهاجم القادة السياسيين والنخث الثقافية في إسرائيل التي تحاول إثبات أن هناك علاقة بين إسرائيل والإرهاب، محذراً من أن ضرر هذا السلوك أكبر من نفعه بكثير.

وفي ورقة نشرتها مجلة "مباط عال" في عددها رقم 659، التي يصدرها المركز، أشار هيلر إلى أن القادة الغربيين يحسنون صنعاً عندما ينفون العلاقة بين الإسلام والإهاب، على اعتبار أن مثل هذا الربط يستفز فقط مزيداً من المسلمين، ويدفعهم للعداء ضد الغرب، معتبراً أن الحرص على التمييز بين الإسلام والإرهاب يساعد على العثور على المزيد من الحلفاء داخل العالمين العربي والإسلامي لمواجهة التطرف والإرهاب.

المساهمون