وكان رئيس مجلس النواب، محمد الناصر، قد أعلن، في كلمته في افتتاح الجلسة العامة في 30 مايو/أيار 2017، أنه دعا رئيس الحكومة للحضور في جلسة عامة في أقرب الآجال، سيخصّصها للتطرق إلى حملة مكافحة الفساد، مشيرا الى أن الشاهد أبدى استعدادا للمثول أمام المجلس.
ويبدو أن تأخر الشاهد في تلبية دعوة الناصر أصبح مصدر توتر تحت قبة البرلمان، إذ استغلته المعارضة لإثارة موضوع الفساد في البلاد، وتوجيه اتهامات بالتستر عليه من قبل نواب الائتلاف الحاكم في مطلع كل جلسة عامة، وخلال أعمال اللجان، وعبر وسائل الإعلام.
واتهمت المعارضة البرلمانية، ممثلة في كتلة "الجبهة الشعبية" و"الكتلة الديمقراطية" وكتلة "الاتحاد الوطني الحر"، رئيس الحكومة بـ"التملص من الرقابة البرلمانية"، وطالبته، في بيانات وتصريحات إعلامية لقياداتها، بـ"المثول أمام السلطة الأولى التي منحته الثقة لشرح وتوضيح ما يقوم به".
وتقدّمت "الكتلة الديمقراطية" بطلب إلى رئاسة المجلس، من أجل "استعجال تنظيم جلسة عامة خلال الأيام القليلة المقبلة، للحوار مع رئيس الحكومة حول مكافحة الفساد".
وأكد الأمين العام لحزب "التيار الديمقراطي"، النائب غازي الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مسألة الحوار مع الحكومة هي مطلب متواصل للمعارضة داخل البرلمان، وقد تم طرحها من جديد في مكتب المجلس المنعقد نهاية الأسبوع.
وبين أن رئيس المجلس تعهد بمراسلة رئيس الحكومة كتابيا لتذكيره بطلب البرلمان إجراء جلسة عامة للحوار معه، في إطار مهمة البرلمان الرقابية، معبرا عن أمله في أن تتم الاستجابة لطلب الكتلة في أقرب الآجال، وذلك لمناقشة توجهات الحكومة وسياستها في مجال مكافحة الفساد، مشيرا إلى أنه "منذ تاريخ منح الثقة لحكومة الشاهد، لم تخصص أية جلسة عامة للحوار معها، رغم تتالي مطالب نواب المعارضة في هذا الشأن".
واعتبر الأمين العام لـ"التيار الديمقراطي" أن "هناك ضبابية في تعاطي الشاهد اليوم مع ملف الفساد"، ملاحظا تراجع وتيرة الإيقافات في صفوف من تحوم حولهم شبهات الفساد، "بما يقيم الدليل على أن تحرك الحكومة لم يستند منذ البداية إلى آليات ومنهجية وسياسة موضوعية مضبوطة مسبقا".
وأوضح الشواشي أن "الحرب على الفساد تندرج في خانة التمويه والتغطية على أحداث أخرى، ولا تعدو أن تكون شعارات جوفاء، إذا ما اقتصرت على بعض الأسماء والقطاعات، ولم تشمل الوزارات والإدارة التونسية، وجميع الأطراف دون استثناء".
من جانبه، قال مساعد رئيس البرلمان، لطفي النابلي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "جلسة الحوار مع رئيس الحكومة تهم جميع الأحزاب والكتل، وفي مقدمتها أحزاب الحكم"، مشيرا إلى أن "الحرب على الفساد يجب ألا تخضع لمزايدات أي طرف كان، بل ينبغي على الجميع دعم هذا المسار، وهذا المطلب الشعبي، ومساندة الحكومة في توجهاتها المحمودة".
وأضاف النابلي أن "دعوة الحكومة إلى جلسة الحوار كانت بمبادرة من رئيس البرلمان، بقي أن توقيت عقد الجلسة يتطلب تنسيقا بهدف تحقيق الأهداف المرجوة والنجاعة المطلوبة".
مصدر من الحكومة قال لـ"العربي الجديد" إن الشاهد غير مستعد للمثول أمام البرلمان وتقديم تفاصيل عن الحرب التي يشنها على الفساد، خشية التشويش على خطته وإرباك تحركاته المستقبلية بإفشاء محاورها، كما أنه "لا يرى مدعاة في أن يقدم خطابا خاليا من المعطيات والحقائق، لا يتجاوز العموميات التي قد تستفز البرلمانيين"، مشيرا إلى أن "رئيس الحكومة عوّد الشعب على خطاب الصراحة، وكشف الحقائق، ولا يريد أن ينزلق في مطب التسويف، بهدف تحقيق أهداف حكومة الوحدة الوطنية في حربها على الفساد".