منح البرلمان الإسباني، اليوم الجمعة، ثقته لزعيم المعارضة الاشتراكية بيدرو سانشيز، بعد أن حجبها عن رئيس الحكومة ماريانو راخوي الذي أضعفته فضيحة فساد.
وتبنّى البرلمان مذكرة حجب الثقة بحق رئيس الحكومة المحافظ الذي تولّى منصبه لأكثر من ست سنوات، بغالبية 180 صوتاً من أصل 350 كما كان متوقعاً، وامتنع نائب واحد عن التصويت.
وفوز سانشيز بالتصويت ليحلّ محل راخوي كرئيس للوزراء، يُعد أول إقصاء لرئيس وزراء إسباني من قبل البرلمان خلال أربعة عقود.
وخسر راخوي، أحد أطول رؤساء الحكومات ولاية في أوروبا، التصويت بعد اتهام أعضاء سابقين في حزبه الشعبي المحافظ بالفساد، الأسبوع الماضي.
سانشيز البالغ من العمر 46 عاماً الآن هو رئيس الوزراء المرتقب. ولا يزال يتعين عليه أن يؤدي اليمين الدستورية أمام الملك الإسباني فيليبي السادس.
وعقب التصويت توجه راخوي إلى سانشيز في البرلمان، وصافح رئيس الوزراء الجديد.
وقبل التصويت، أقرّ راخوي بأنّ غالبية من النواب ستوافق على مذكرة حجب الثقة التي تقدم بها الحزب الاشتراكي، وستقود زعيمه سانشيز إلى رئاسة الحكومة.
وقال رئيس الحكومة المحافظ، بحسب ما أوردت "فرانس برس"، إنّه "يمكننا أن نستنتج أنّه سيتم تبنّي مذكرة حجب الثقة. وبنتيجة ذلك، سيصبح بيدرو سانشيز رئيس الحكومة الجديد"، قبل أن يهنئ خصمه.
وبذلك تطوى صفحة من تاريخ إسبانيا. فقد صمد راخوي (63 عاماً) الذي يحكم البلاد، منذ ديسمبر/كانون الأول 2011، أمام أزمات كبرى من الانكماش الذي اضطر لفرض إجراءات تقشفية قاسية لمواجهته، وأشهر من الشلل السياسي في 2016 وصولاً إلى محاولة انفصال إقليم كاتالونيا، العام الماضي.
وقال سانشيز أستاذ الاقتصاد السابق الذي يوصف بأنّه "رجل إسبانيا الوسيم"، الجمعة، "اليوم نكتب صفحة جديدة من تاريخ الديمقراطية في بلدنا".
انتقام سانشيز
يبدو أنّ سانشيز (46 عاماً) يثأر لنفسه، بعدما رفضه النواب مرتين، في مارس/آذار 2016، قبل أن يسجل، في يونيو/حزيران من السنة نفسها، أسوأ نتائج في تاريخ الحزب الاشتراكي في الانتخابات التشريعية.
وقد خرج من الحزب بعد هذه الهزيمة الانتخابية، ثم عاد إلى قيادته، العام الماضي، بدعم من القاعدة المعارضة "لبارونات" الحزب الاشتراكي.
ويقود سانشيز حملة ضد راخوي منذ الإعلان، الخميس الماضي، عن إدانة "الحزب الشعبي" في فضيحة فساد كبيرة أطلق عليها اسم "غورتل"، ونجح هذه المرة في ضربته السياسية.
لكنه اضطر لتحقيق أغلبية متنوعة تضم الاشتراكيين (84 نائباً) واليساريين الراديكاليين في حزب "بوديموس" والاستقلاليين الكاتالونيين والقوميين الباسكيين.
وتمكّن سانشيز من جمع 180 صوتاً من أصل 350 نائباً في البرلمان.
وقال رافايل إيرناندو زعيم كتلة نواب "الحزب الشعبي" الذي يقوده راخوي، إنّ "سانشيز يريد أن يصبح رئيساً للحكومة بأي ثمن" لكنه "سيدخل إلى لامونكلوا (مقر رئاسة الحكومة) من الباب الخلفي".
ومن غير المعروف إلى متى سيتمكّن سانشيز الذي وعد باتخاذ إجراءات اجتماعية، وبالدعوة إلى انتخابات، من البقاء على رأس الحكومة، مع أغلبية متنوعة تبدو غير مستقرة.
وغادر راخوي البرلمان، مساء الخميس، عندما وجه إليه حزب "الباسك" القومي الممثل بخمسة نواب، ضربة قاضية بإعلانه الموافقة على مذكرة حجب الثقة مع أنّه صوّت لمصلحة ميزانية الحكومة، الأسبوع الماضي.
ولإقناع الباسكيين، تعهّد سانشيز لهم بعدم المساس بالميزانية التي تتضمن مخصصات كبيرة لمنطقة الباسك. كما وعد انفصاليي كاتالونيا بأنّه سيحاول "بناء جسور الحوار" مع حكومة كيم تورا.
قشة قصمت ظهر البعير
كانت إدانة "الحزب الشعبي" في قضية "غورتل"، لاستفادته من أموال تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة، القضية القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة راخوي الذي يواجه حزبه فضائح عدة.
وسيصبح راخوي، الجمعة، أول رئيس حكومة يسقط بموجب مذكرة لحجب الثقة منذ عودة الديموقراطية إلى إسبانيا.
وكانت ثلاث مذكرات سابقة (في 1980 و1987 وضد راخوي في 2017) قد أخفقت كلها.
وفي هذه القضية، توصّل القضاة إلى وجود "نظام فساد مؤسساتي متأصل" بين "الحزب الشعبي" ومجموعة خاصة عبر "التلاعب بالصفقات" ووجود "أموال سرية مصدرها غير واضح" داخل الحزب. وقد شككوا في مصداقية راخوي الذي نفى وجود هذه الأموال أمام المحكمة.
(فرانس برس)