ويشير تكرار لقاء الناصر برئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بفون إلى انشغاله كثيرا بمسار الانتخابات الرئاسية ومخاوف عززتها البلاغات الرسمية لمؤسسة الرئاسة التي تكرر هواجس الرئيس حول نزاهة الانتخابات.
وتكاد تكون لقاءات الناصر ببفون شبه أسبوعية دون الأخذ بعين الاعتبار المكالمات الهاتفية، حيث استقبل الرئيس المؤقت رئيس هيئة الانتخابات ثلاث مرات خلال أقل من 3 أسابيع، وكان الوضع القانوني للقروي أبرز محاور الاجتماعات، كما نُقل عن بفون.
وأعلنت رئاسة الجمهورية أمس أن محمد الناصر جدد، خلال لقاء جمعه الأربعاء بقصر قرطاج ببفون، "دعوته لإيجاد الحلول اللازمة لضمان تكافؤ الفرص بين المترشحين للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية".
وأضافت الرئاسة أن الناصر دعا في هذا الإطار كلا من الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، ورئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، لـ"التباحث حول مستجدات العملية الانتخابية والسبل الكفيلة بتوفير المناخ الملائم لحماية المسار الديمقراطي في البلاد من المخاطر المحدقة به وضمان عدم المس بمصداقية العملية الانتخابية، نظرًا لما سيمثّل ذلك من ضرب لأسس التجربة الديمقراطية الفتيّة".
ورفضت محكمة الاستئناف أمس طلب هيئة الدفاع عن القروي للإفراج عنه بحجة الاختصاص ليتواصل حبسه على ذمة التحقيق وحظر السفر عليه وعلى شقيقه غازي القروي منذ منتصف أغسطس/آب الماضي على خلفية قضايا فساد وتبييض أموال إثر شكوى قدمتها منظمة "أنا يقظ" المختصة في الشفافية ومكافحة الفساد منذ العام 2017.
وعلق مهاب القروي الرئيس السابق لـ "أنا يقظ" والذي قدمت الشكوى منظمته، على لقاءات الناصر ببفون قائلا "من 11 سبتمبر/أيلول إلى اليوم، استدعى محمد الناصر نبيل بفون ثلاث مرات، آخرها صباح اليوم، وفي كل مرة يكون موضوع المقابلة "تكافؤ الفرص بين المترشحين".
وأضاف مهاب القروي على صفحته الرسمية فيسبوك "محمد الناصر على قدم وساق لإطلاق سراح القروي وهو بصدد تسليط ضغوطات رهيبة على القضاة".
وأكد مقربون من الناصر لـ"العربي الجديد" أن هم الناصر الوحيد مغادرة قصر قرطاج حسب المواعيد الدستورية يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول، أي بعد 90 يوما من وفاة الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، كما ينص الدستور"، مشيرين إلى أنه ليس لديه أية أهداف أو مصلحة سوى نجاح الانتخابات.
وشددوا على أنه ليس للناصر أي نية للتدخل في عمل القضاء أو التأثير على دائرة الاتهام أو التدخل في عمل الهيئة الدستورية المستقلة للانتخابات، وأنه يمارس فقط صلاحياته الدستورية لضمان احترام الدستور وإنجاح المسار الديمقراطي.
من ناحيته، اعتبر المحلل عبد المنعم المؤدب في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه لا وجود لحسن النوايا في الممارسة السياسية والصراع الانتخابي على أشده، مشيرا الى أن إطناب الرئيس المؤقت في طرح ملف القروي على هيئة الانتخابات والمنظمات الوطنية وجعله الملف الرئيسي لعمل الرئاسة من شأنه التأثير على السلطة القضائية التي تتعرض لضغوط خارجية وداخلية مباشرة.
وبين المؤدب أن الناصر لا يملك الصفة القانونية لمطالبة القضاء بالإفراج عنه، ولا يدخل الأمر في صميم صلاحياته الدستورية لاعتبار السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية، كما أن القروي ليس محكوما عليه حتى يشمله عفو رئاسي خاص.
وأضاف المحلل أن سلوك الرئيس المؤقت سسيعمق الشكوك في نزاهة القضاء، مشيرا إلى أن السلطة القضائية وحدها تتحمل المسؤولية والتبعات في إطلاق سراحه من عدمه.