انتقد نواب تونسيون معارضون، طرح البرلمان تعديل قانون مكافحة الإرهاب، بعد ثلاث سنوات على إقراره، مُرجعين ذلك إلى "ضغوط خارجية" تمارس على الحكومة، فيما رفض آخرون إعادة القانون إلى لجنة التشريع، مشددين على ضرورة المصادقة على التعديل، "نظراً لحاجة البلاد إليه".
وعقد البرلمان التونسي، أمس الإثنين، جلسة عامة طرح فيها تعديل قانون مكافحة الإرهاب، فيما أكد وزير العدل كريم الجموسي، أنّ تنقيح القانون "سيمكّن تونس من تجاوز تصنيفها أخيراً ضمن القائمة السوداء للبلدان الأكثر عرضة لتمويل الإرهاب، ولتبييض الأموال من قبل مجموعة العمل المالي بباريس، المختصة في محاربة تمويل الإرهاب".
واعتبر عدد من نواب المعارضة، أنّ "الحكومة التونسية، أصبحت تعمل على مقاس القوى الأجنبية، ووفق إملاءات مؤسسات ولوبيات خارجية"، معتبرين أنّ "الحكومة الحقيقية تسيّر البلاد من وراء البحار، وليس من قصر الحكومة بالقصبة"، على حد تعبيرهم.
وشدد البرلمانيون على أنّ "التعديلات الحكومية المطروحة، لم تأت استجابة لطلبات القوات المسلحة التونسية، ولا لتطوير تدخل السلطات في الحرب على الإرهاب ومقاومة تمويله، بل جاءت استجابة لضغوط مؤسسات مالية أجنبية، تقف وراءها لوبيات وحكومات أجنبية تسيطر عبرها على قرار الدول ومصائرها"، وفق رأيهم.
وطالب نواب، خلال مناقشات تعديل قانون مكافحة الإرهاب، بإعادته إلى لجنة التشريع، لبحث إدخال تعديلات عليه تتوافق مع عمل القوات الأمنية والقضاة، في مسار الحرب على الإرهاب.
ودعا النائب ووزير العدل السابق نذير بن عمو، خلال الجلسة العامة، إلى "إرجاع مشروع القانون إلى اللجنة المعنية لإعادة النظر فيه"، مشيراً إلى أنّه "لم يتم القيام بدراسته بشكل مستفيض، ولم يتعرّض بشكل واقعي لمشاكل في إطار مكافحة الإرهاب بما يقضي بإعادة النظر فيه، بعد المصادقة عليه سنة 2015".
وقال بن عمو إنّ "هذا القانون سيطرح صعوبات كبيرة في تطبيقه، والمشكلة تكمن في التعليمات الصادرة بشأنه، حيث إنّه امتثال لتوصيات أجنبية بسبب حاجة تونس إلى الاقتراض والابتعاد عن التصنيف في القائمات السوداء".
وشدّد بن عمو على "ضرورة سن قوانين حسب الحاجة الوطنية"، معتبراً في هذا الشأن أنّ "مكافحة الإرهاب تكمن أيضاً في ضرورة معالجة الوضع الاقتصادي".
من جانبها، قالت النائبة عن "التيار الديمقراطي" سامية عبو، إنّ "مبادرة تعديل قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، لم تأت بمبادرة من وزارة الداخلية أو من وزارة العدل بل جاءت من عند مجموعة العمل المالي في الجانب المتعلّق بتبييض الأموال، ومن منظمات حقوقية دولية في الجانب المتعلّق بمكافحة الإرهاب، وهو ما يجعل هذه التنقيحات مسقطة ولا تعني الواقع الوطني في شيء".
وبدوره، ذكّر رئيس "الكتلة الديمقراطية" سالم لبيض، القيادي في "حركة الشعب"، بأنّه كان من النواب الذين تحفّظوا على قانون 2015، "لأنه تضمّن تعريفاً فضفاضاً للإرهاب، ولم يفرّق بين المقاومة الشرعية للشعوب والإرهاب"، معتبراً أنّ "هذا التعديل إملاء من جهات خارجية وليس نابعاً من الإرادة الوطنية".
في المقابل، قال رئيس كتلة "حركة النهضة" نور الدين البحيري، إنّ "واجب البرلمان القيام بما يلزم إذا تطلّب الأمر تنقيحات أو تعديلات، والمشكل يكمن في عدم تعديل القانون الذي يمكن أن يعطي فرصة للإرهاب لكي يهدد البلاد"، داعياً إلى "الاتفاق على توحيد الصفوف في الحرب على الإرهاب، لأنّها حرب كل الشعب وكل المؤسسات وحينها يمكن أن نعدّل قانون الإرهاب في أيّ لحظة"، كما قال.
وشدد البحيري على "ضرورة المصادقة على تعديل القانون"، رافضاً إعادته إلى لجنة التشريع "لأنّ البلاد في حاجة إليه".
بدورها، اعتبرت النائبة هاجر بالشيخ أحمد، عن كتلة "الائتلاف الوطني"، الداعمة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، أنّ التعديل الوارد "ضروري من أجل ملاءمة القانون الحالي مع المواثيق الدولية"، داعية البرلمانيين إلى المصادقة عليه.
وكانت لجنة التّشريع العام قد صادقت، في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على تنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المتعلّق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، بعد مناقشات بحضور ممثلين عن وزارتي الداخلية والعدل، عملاً بتوصيات الحكومة التونسية الصادرة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.