مرحلة فلسطينية جديدة

مرحلة فلسطينية جديدة

07 أكتوبر 2016
ترهيب لفلسطينيي الداخل من "مغبة" العمل السياسي(جاك غيز/فرانس برس)
+ الخط -
تبيّن عودة حكومة الاحتلال الإسرائيلي أمس الأول إلى اقتحام مؤسسات مدنية في الداخل الفلسطيني، بما فيها المركز الإعلامي للقدس "كيوبرس" وهيئة نصرة القدس والأقصى، المحسوبتان على الحركة الإسلامية الشمالية، وحملة التحريض التي يشنّها الإعلام الإسرائيلي ضد مقاطعة فلسطينيي الداخل لجنازة الرئيس الإسرائيلي الراحل شمعون بيريز، مدى مثابرة حكومة الاحتلال على مشروع إقصاء الفلسطينيين في الداخل عن المشهد السياسي في إسرائيل، ما دامت مشاركتهم تستند إلى إجهار الانتماء للشعب الفلسطيني وقضيته من جهة، وحجم القلق الذي يساور حكومة الاحتلال من النشاط الذي تقوم به الهيئات الأهلية في الداخل، في كل ما يتعلق بالمسجد الأقصى ورفض الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد، سواء لمواطنين يهود عاديين أم لمسؤولين سياسيين، من جهة أخرى.
وترتبط هذه العودة أيضاً في نفس السياق باستدعاء النائبين جمال زحالقة وحنين زعبي، للتحقيق معهما في الملف الجنائي الذي تحاول الحكومة الإسرائيلية تلفيقه لحزب التجمّع الوطني الديمقراطي وضرب الحزب جماهيرياً وتشويه سمعته، إلى جانب ترهيب عامة الناس في الداخل الفلسطيني من "مغبة" الاشتغال بالسياسة، أو حتى مجرد التعامل والتعاون مع أحزاب عربية ترفض الدوران في الفلك الإسرائيلي.
ولكن بموازاة هذه الملاحقة، تجتهد إسرائيل وإعلامها في السعي لمحاولة خلق قيادة بديلة تقدّمها للناس وأهل البلاد كمن تهتم بأمورهم اليومية وقضاياهم الحياتية، عبر تضخيم دور وحجم هذه "القيادات"، مع أنها في الواقع لا تتعدى كونها رؤساء مجالس بلدية انتخبوا أصلاً لمعالجة الخدمات اليومية في القرى العربية، في ظروف من التمييز العنصري القومي الصارخ.
الملاحقة السياسية التي يتعرض لها "التجمّع" والحركات والهيئات التي تتهمها إسرائيل بأنها امتداد للحركة الإسلامية التي تم حظرها قبل عام بأمر من الكابينيت السياسي الأمني لحكومة الاحتلال، تضعان مجمل الفلسطينيين في الداخل وحركاتهم السياسية على عتبة مرحلة جديدة، وإن كانت شروطها: إما إخضاع العمل السياسي والاجتماعي وحتى التعليمي للضوابط الإسرائيلية، وشرطها الأول والرئيسي هو التنصل من كل ما له علاقة بالهوية القومية والوطنية وبكل ما يمت للمسجد الأقصى بصلة، وإما الإقصاء النهائي والإخراج عن القانون مع كل ما يترتب على ذلك. وهي مرحلة تأتي للأسف في وقت تبدو فيه الحركة الوطنية في الداخل تفتقر فيها لاستراتيجية عمل منهجية وقيادة موحدة، بعد أن توغّلت في وَهم التأثير البرلماني على حساب العمل الجماهيري والشعبي.