نير بركات... التهويد سبيلاً لقيادة "الليكود" وإسرائيل

29 اغسطس 2016
بركات (الثاني من اليمين) يطمح لخلافة نتنياهو(عبير سلطان/فرانس برس)
+ الخط -
بوتيرة متزايدة، بات رئيس بلدية الاحتلال في القدس، نير بركات، يبادر للإعلان عن المزيد من المشاريع الاستيطانية الهادفة إلى تهويد المدينة ومحيطها. وأصبح بركات ينافس وزراء الحكومة الأكثر يمينية وتطرفاً في تاريخ إسرائيل، من خلال إقدامه على تنفيذ تلك المشاريع التي تتسم بطابع استفزازي للمواطنين الفلسطينيين. ويسعى بركات، على ما يبدو، إلى توظيف مشاريع تهويد القدس المحتلة في معركته من أجل تزعم حزب "الليكود" الحاكم، كخطوة تضعه على طريق الوصول إلى قيادة إسرائيل. فهو لا يخفي رغبته في خلافة رئيس الوزراء الحالي، بنيامين نتنياهو. وبركات هو علماني، كان يدير شركة تقنيات متقدمة قبل وصوله إلى منصبه منذ عقد من الزمن. وقد أعلن أخيراً عن مشروع يمثل إضافة كبيرة لمخطط تهويد محيط القدس. ويتمثل هذا المشروع ببناء محطتين لخط السكة الحديدية المعلقة، لخدمة الجيب الاستيطاني الذي أقيم بتحريض من قبل اليمين الديني المتطرف في قلب بلدة سلوان الفلسطينية التي تقع في تخوم القدس، والذي يطلق عليه اسم "مدينة داود".

وبرر بركات هذه الخطوة بالقول إن المشروع الجديد يهدف إلى تمكين مئات الآلاف من السياح الأجانب للقدوم إلى المكان "لكي يعرفوا من هو صاحب السيادة في هذه المدينة". وفي فيديو نشره على صفحته على "فيسبوك"، أوضح بركات أنه عازم على تصميم مشاريع البناء والبنى التحتية في المدينة لتتلاءم مع كونها "العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل والشعب اليهودي" وفق قوله. وكان لافتاً من خلال الفيديو أن بركات أطلق إعلانه خلال جولة نظمها لنشطاء من حزب الليكود داخل القدس الشرقية، لإظهار جهوده الهادفة إلى تهويد المدينة. وضمن المشاريع التهويدية التي تباهى بركات بها، إعلان نيته بناء مشروع سياحي يحمل دلالات دينية عميقة، ويهدف إلى تمكين اليهود والأجانب الذين يزورون سلوان، من معاينة "جبل الهيكل"، وهو التعبير الذي يطلق في إسرائيل على الحرم القدسي.


أي أنه من أجل التدليل على هوية الطرف "صاحب السيادة" في القدس، يسعى بركات إلى شل حياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين، سواء في سلوان أو غيرها من الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية. ولا تقف الأمور عند هذا الحد، بل إن بركات يلعب دوراً مهماً في دفع حكومة الاحتلال للإعلان عن المزيد من المشاريع الاستيطانية في المدينة ومحيطها. وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية الأولى يوم الجمعة الماضي أنه من خلال مشاركته الدائمة في اجتماعات اللجنة الوزارية لشؤون القدس، يلعب بركات دوراً رئيساً في اقتراح المشاريع التهويدية، والتي أعلنت عنها الحكومة أخيراً.

ويتضح أن وزراء الحكومة، ولا سيما ممثلي حزب الليكود، الذين يدركون طابع محفزات بركات ورغبته في التنافس على قيادة الحزب، يبدون حماسة لمقترحاته، ويتجاوزونه أحياناً بطرح مشاريع أخرى. هكذا يتمكنون من عرض "إنجازات" أمام منتسبي الليكود عشية الانتخابات التمهيدية التي ستجرى في المستقبل لاختيار مرشحي الحزب. وهكذا يمكنهم بالتالي تفادي الاتهام بـ"التقصير" في مجال تهويد القدس المحتلة.

ويبرز من بين الوزراء الليكوديين الذين ينافسون بركات في تبني المشاريع التهويدية، كل من وزير "استيعاب المهاجرين وشؤون القدس"، زئيف إلكين، صاحب العديد من المشاريع التهويدية في قلب البلدة القديمة، ووزير المواصلات، يسرائيل كاتس، الذي دشن العديد من مشاريع السكك الحديدية وشبكات الطرق الهادفة لربط الجيوب الاستيطانية شرق القدس، بغرب المدينة وبإسرائيل والمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة. لكن بركات "يتفوق" على زملائه في الليكود من خلال توظيف صلاحياته كرئيس للبلدية في التضييق على المقدسيين.

وفي هذا السياق، قرر تعيين "مراقب" لمراجعة مناهج التعليم المعمول بها في المدارس الفلسطينية في القدس الشرقية، من أجل حرمان هذه المدارس من الدعم المحدود الذي تقدمه البلدية. وهي خطوة تهدف إلى محاولة إضفاء طابع صهيوني على الوعي الجماعي للطلاب الفلسطينيين، من خلال توظيف الخدمات التي يفترض أن يحصل عليها الطلاب بصفتهم "مواطنين". يذكر أن صحيفة "هآرتس" كشفت يوم الجمعة الماضي، عن أن ما يحصل عليه الطالب اليهودي من مخصصات مالية هو ضعف ما يحصل عليه الطالب الفلسطيني في القدس الشرقية.

كذلك، لعب بركات دوراً مهماً في إقناع الحكومة بتدمير منازل المقدسيين، الذين يشاركون في تنفيذ عمليات داخل المدينة. وكان أول من دعا المستوطنين في المدينة إلى حمل السلاح لمواجهة موجة عمليات المقاومة التي ضربت المدينة في الخريف الماضي ومطلع العام الحالي.