تعتزم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الاثنين، إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، لمنع الجهود الفلسطينية الرامية إلى دفع المحكمة الجنائية الدولية لإجراء تحقيق بشأن جرائم إسرائيل.
ومن المقرر أن يعلن جون بولتون مستشار الأمن القومي للرئيس دونالد ترامب، ذلك في كلمة سيلقيها في منتصف النهار أمام الجمعية الاتحادية، وهي جماعة محافظة في واشنطن، بحسب ما نقلت " وول ستريت جورنال".
وسيقول بولتون وفقاً لمسودة الخطاب "ستقف الولايات المتحدة دائما مع صديقتنا وحليفتنا إسرائيل"، مشيراً إلى أن "إدارة ترامب لن تبقي المكتب مفتوحاً عندما يرفض الفلسطينيون بدء مفاوضات مباشرة وذات مغزى مع إسرائيل".
وسيكون هذا أول خطاب رئيسي لبولتون منذ انضمامه إلى البيت الأبيض في عهد ترامب.
وفي معرض شرحه قرار إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، يخطط بولتون للقول إنه يعكس مخاوف الكونغرس التي طال أمدها من الجهود الفلسطينية الرامية إلى إجراء تحقيق من جانب المحكمة الجنائية الدولية بشأن إسرائيل، وفقًا لتصريحاته المعدة سلفًا.
غير أن بولتون يخطط لقول إن إدارة ترامب لا تزال ملتزمة بالتفاوض على اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، حيث سيقول حسب المسودة المنشورة "الولايات المتحدة تؤيد عملية سلام مباشرة وقوية، ولن نسمح للمحكمة الجنائية الدولية، أو أي منظمة أخرى، بتقييد حق إسرائيل في الدفاع عن النفس".
وإلى جانب ذلك، ستتخذ الولايات المتحدة، كذلك، موقفاً صارماً من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، إذ ستهدد بفرض عقوبات على قضاتها إذا شرعوا بالتحقيق في مزاعم جرائم حرب ارتكبها أميركيون في أفغانستان.
وشهدت الفترة الماضية انتعاشاً في الحديث عن احتمال إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، والذي ترافق مع خطوة السلطة قبل أشهر التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية ومطالبتها بالتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني واعتداءاتها الاستيطانية.
وكانت الناطقة الرسمية في الخارجية، هيذر نويرت، قد أشارت، ولو مواربة، في مايو/أيار من هذا العام، إلى أن احتمال إغلاق البعثة "أمر وارد"، وأن إدارة الرئيس دونالد ترامب ترفض الشكوى الجنائية على إسرائيل بزعم أنها خطوة "غير مجدية ولا تساعد عملية السلام"، مع التقليل من أهميتها على أساس أن أميركا "ليست عضوا في هذه المحكمة" التي تأسست عام 2002 بعضوية 123 دولة.
ويعود التحذير في هذا الخصوص إلى عام 2015، حين بادرت مجموعة من المفاتيح الإسرائيلية في الكونغرس ومن بينهم النائبة روس-لهتينان إلى استصدار تشريع يشترط عدم لجوء السلطة الفلسطينية إلى المحكمة الجزائية الدولية ضد إسرائيل، تحت طائلة إقفال بعثتها في واشنطن لو فعلت.
وكانت الموافقة على فتح البعثة قد حصلت عام 1994 بعد اتفاق أوسلو، عبر تعديل لقانون 1987 الذي كان يحظر فتح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن. ويومذاك اشترط الكونغرس مقابل موافقته على هذه الخطوة أن يتجدد رفع الحظر هذا كل ستة أشهر، وبعد أن تزوده الإدارة بتقرير يؤكد انخراط السلطة الفلسطينية بمفاوضات جدية مع إسرائيل.
وبقي الأمر على هذا المنوال إلى خريف 2017، حين قررت إدارة ترامب إقفال المكتب الذي لا يتمتع بحصانة دبلوماسية، رداً على خطاب الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة والذي لوّح آنذاك بخيار المحكمة الدولية. اعتبرت الإدارة أن عباس "تجاوز الخط الأحمر" بهذا التلويح.
لكن البلبلة والضغوط التي أثارها القرار حتى من جانب بعض أركان الإدارة، حملت البيت الأبيض في 17 نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي على التراجع ولو الملتبس، حيث تم غض النظر عن ترك البعثة تمارس أعمالها، مع توصية بضرورة "الحد من نشاطاتها بحيث تقتصر على مساعي السلام" فقط. وجرى ربط ذلك بآلية تقضي بأن يعاد تجديد السماح بممارسة عملها كل ثلاثة أشهر إذا ما واصلت السلطة الفلسطينية جهودها التفاوضية "بجدية".