الانعكاسات النفسيّة على سوق المال

الانعكاسات النفسيّة على سوق المال

01 ابريل 2015
تراجع البورصات الخليجية وبنسب كبيرة (Getty)
+ الخط -
يلعب القرار الاستثماري الدور الرئيسي في التوجه نحو تحديد نوعية العمليات داخل أسواق المال، إما للبيع العام أو الشراء. حيث يؤدي انعكاس نوعية ذلك القرار الفردي ضمن الحزمة إلى الارتفاع أو الانخفاض لأداء أي جزء من السوق المالي بشكل عام، إلا أن التناقض في الأداء قد يكون بسبب محدد واحد ما بين سوقين ماليين مختلفين.


والمقصود بالسوق المالي بشقيه الأساسيين، سوق رأس المال، ومن أشكاله البورصات والأسهم، أما الشق الثاني فهو السوق النقدي، سواءً المحلي أو العالمي، وهما في معظم الأوقات مختلفان في اتجاه أدائهما، وقد يعملان بالاتجاه العكسي بعضهما مع البعض. وبالتالي تتأثر القرارات الاستثمارية بشكل معقد نوعاً ما بسبب حجم التعامل مع تلك الأسواق ومشاركة المحافظ المالية الواحدة بنوعية التشكيلة المتباينة من الاستثمارات والتي هي عبارة عن تشكيلة من أسهم وعقود ونقود وغيرها من الأدوات المالية المختلطة ما بين سوق رأس المال والسوق النقدي.

تعتمد إدارة المخاطر الحديثة في إدارة المحافظ المالية على مقدار ذلك التنوع والذي يكون على هيئة نسب معينة من تلك الأدوات. و في الوقت ذاته الذي تكون فيه أداة أخرى من الطرف الآخر مرتفعة، يعتمد العمل على فلسفة الارتباط العكسي ما بين تلك الأسواق أو الأدوات المالية تحديداً.

ومن ذلك المنطلق، يجب معرفة كيفية تأثر تلك الأسواق والأدوات بالعوامل المختلفة والتي تتباين قواها في أوقات مختلفة أو في مواسمها التي تكون في الغالب معروفة سلفاً، باستثناء العوامل العارضة والتي يأتي تأثيرها بمدى القوة الوقتية أو مدى وجودها وقدرتها التحكمية في اتخاذ القرارات، بحيث ينتهي أثرها مع تراجع قواها أو تأثر القرار الاستثماري بعامل آخر يدخل في محيط السوق المالي أو الأداة التي تستمد اتجاهها العام بجملة من العوامل.


على مر التاريخ وجدنا أن الآثار المتناقضة من عامل واحد ذي قوة كبيرة، أدى لتحقيق أرباح كبيرة إلى جانب خسائر أكبر للجانب الآخر، نظراً لوجود عامل زمني مفاجئ لم يكن متوقعاً أن يحدث، ما يثير تساؤلاً منطقياً في تحقيق البعض للخسائر فقط لاتخاذهم قراراً معيّناً، وذلك من خلال عمليات البيع، مثلاً في حالة الهلع، دون معرفة الكثير من الباعة عن سبب ذلك الانهيار والتراجع.

ويمكن القول بأن تصفية الذهن عند اتخاذ القرار المناسب، بعيداً عن أوقات الخوف أو الهلع، وبعد مضيّ وقت من بداية الأثر لعمليات البيع، قرار صائب، حيث نجد أن أسعار الأداوت تصبح مغرية للمضاربة، وهو ما يكون عاملاً مغرياً لمن يبحث عن اصطياد الفرص السريعة، ولهذا تعتمد المحافظ المالية على أوقات الأزمات من أجل تعديل مسار أدائها ليكون الربح السريع في أحد الجانبين هو في نهاية المطاف الهدف من تلك التشكيلة المتنوعة من المحفظة المالية.

يعتبر بعض مدراء المحافظ الماليين المحترفين أن تشكيل أي محفظة مالية مثالية يجب أن يستهدف الأوراق المالية ما بين أسهم وسندات بجانب معيّن، وعقود مشتقات في سوق النقد في جانب آخر، بالإضافة إلى نقد ملائم بجانب ثالث، يستفاد منه في الدخول على أي من تلك الأوراق في حال بلوغها أسعاراً مغرية نتيجة عامل معيّن، سواءً سلبياً أو إيجابياً.

وتعتبر العمليات العسكرية أو الحركات الجيوسياسية أو الكوارث الطبيعية من أبرز العوامل التي تؤثر سلباً في سوق رأس المال وتؤثر إيجاباً في سوق النقد وسوق النفط الذي يتحرك وفق التوقع بنقص أو زيادة الإمدادات اليومية للسوق مع وجود ذلك العامل، في حين أن سوق رأس المال يتأثر بسلبية توقف الأعمال أو وجود خسائر من فقدان جزء أو كل من الأصول أو انكماش الأعمال في بلد السوق الرأسمالي.


تأثرت البورصات خلال السنوات الأخيرة، مع التحرك الجيوسياسي في دول عربية وفقدت الكثير من النقاط نظراً لعدم وجود نظام للدولة يؤدي إلى استقرار الأعمال، وبالتالي العمل بالأنشطة التجارية وفق ماهو مقدّر لها ان يكون، إلا أن العودة إلى الارتفاع قد تأتي سريعاً بل وإلى مستويات أفضل من سابقاتها، وهذا ما أثبتته التجارب.

خلال الأحداث الأخيرة في الوطن العربي، تأثرت أسواق النفط بالإمدادات النفطية من دول استراتيجية هامة، ومنها ليبيا على سبيل المثال، ليكون مصير ارتفاع أسعار النفط مرتبط بتلك الأحداث والتي سرعان ما تراجعت حدتها بعد التطورات التي أدت إلى تغيير النظام هناك ليعود النفط إلى اتجاهه التراجعي.

كما أن تطورات الخليج الأخيرة في أحداث اليمن وعاصفة الحزم حرّكت أسعار النفط التي كانت تسير باتجاه أقل من 40 دولاراً أميركياً لبرميل برنت، لتعكس الارتفاع في أسعار النفط. والمفارقة الاستثمارية ظهرت بتراجع البورصات الخليجية وبنسب كبيرة، باستثناء السوق السعودي الذي عكس اتجاهه في آخر وقت لجلسة يوم بدء العمليات العسكرية.

إقرأ أيضا: مستثمر مصري ينقل طبق الكشري إلى غزة