عام 2013، أنجز The Conjuring لجيمس وان. عروضه التجارية حقّقت نجاحًا نقديًا وجماهيريًا تجاوز المتوقّع، إذْ بلغت إيراداته الدولية 319 مليونًا و494 ألفًا و683 دولاراً أميركياً، علمًا أن ميزانية إنتاجه تساوي 20 مليون دولار أميركي فقط. ومع احتوائه على عدد من الأيقونات المرعبة، قرّرت شركة "وارنر إخوان" استثمار النجاح في "عالم رعب سينمائي"، يحكي عن كلّ أيقونة رعب منها بشكل منفرد، فكان النتاج في الأعوام الماضية على النحو التالي: جزآن من Annabelle، وجزآن آخران من Conjuring، و"الراهبة" في العام الفائت، وصولاً إلى "لعنة لا لورونا" لمايكل شافيز، المعروض حاليًا.
تجاريًا، تحقّق السلسلة كلّ ما هو مطلوب منها، بل أكثر من ذلك أيضًا، بعائداتٍ تتجاوز أضعاف ميزانياتها (مليار و656 مليون دولار أميركي إيرادات دولية، مقابل 112 مليونًا و500 ألف دولار أميركي ميزانية إنتاج الأفلام الـ6 المعروضة). لكن، ربما يُشكِّل هذا مشكلة، على المستوى الفني: النجاح مضمون، وتجاوز عتبة 100 مليون دولار أميركي كإيرادات أمر سهل، حتى مع فيلم "فقير" تنفيذيًا، كـ"لعنة لا لورونا"، فإذا بالسلسلة تمرّ في الدائرة المعتادة لأفلام الرعب، منذ بداية السينما تقريبًا، إذْ يكون الجزء الأول ممتازًا وناجحًا ومختلفًا (Saw لجيمس وان مثلاً)، ثم تكراره في أجزاءٍ كثيرة، تحقّق نجاحات متفاوتة، ويفشل بعضها جدًا، فتنتهي السلسلة كلّيًا.
يبدأ "لعنة لا لورونا" بمشهدٍ تأسيسي جيّد للشخصية الأساسية، تدور أحداثه في المكسيك، عام 1673. هناك أمٌّ تُغرق طفليها بقسوة، لكن السبب غامض. هذا يحدث قبل الانتقال إلى الزمن الفعلي للحكاية، أي عام 1973، في لوس أنجليس: أخصائية اجتماعية تدعى آنّا غارسيا (ليندا كارديلّيني) تحقِّق في حادثة اختفاء طفلين. رغم عثورها عليهما، لا تُحَلّ "لعنة لا لورونا"، الروح الغامضة التي تُغرق الأطفال، وتستهدف طفليّ آنّا نفسها الآن.
كلّ شيء في الفيلم يُثير شعورًا بمشاهدته مرّات عديدة سابقًا. البداية مقبولة نسبيًا، في مشهد المكسيك وفي تقديم شخصية آنّا وبحثها عن الطفلين. لكن، بعد مرور ربع ساعة فقط، يصبح كلّ شيء تمهيدًا لمَشاهد Jump scares بدائية وفارغة للغاية، ولمَشاهد أخرى طويلة ومملّة كثيرًا، لشدّة تقليديّتها.
مثلٌ على ذلك: آنّا والقسيس. تحاول آنّا فَهم ما يحدث، فيبدأ القسيس بشرحٍ مطوّل يفتقر إلى أي خيالٍ، قبل الوصول إلى المواجهة الختامية في المنزل. ما الفرق بين هذا البناء، وذاك الموجود في "الراهبة" لكوران هاردي؟ لماذا تتكرّر المشاكل نفسها، رغم الاستقبال الفني السيئ جدًا لـ"الراهبة"؟
هذا يؤدّي إلى سؤال أهم، يصلح كإجابةٍ أيضًا: هل يهتمّ منتجو السلسلة، حقًا، بالمستوى الفني، إذا كانوا قادرين على تحقيق أكبر قدر ممكن من الإيرادات، بأقلّ ميزانية ممكنة؟ الجواب، غالبًا: "كلا". فلا المستوى ولا الشكل التنفيذي مهمّان، لأن منتجي العمل يدركون، ويستسلمون تمامًا في الوقت نفسه، أنّ فكرة "دورة" أفلام الرعب تبزغ ثمّ تأفل ثم تنتهي في 10 أعوام، وبالتالي فالهدف الوحيد هو المكسب المالي، لا البقاء.