"مطلوبون"... المنسيون برؤية سينمائية ضعيفة

09 يناير 2019
من الفيلم (المكتب الإعلامي)
+ الخط -
تعود الكاتبة اللبنانية نيبال عرقجي إلى السينما اللبنانية في فيلم جديد، يبدأ عرضه تجارياً غداً الخميس في الصالات اللبنانية، "Wanted"، أو "مطلوبون"، يروي قصة مجموعة من المسنين اختاروا السكن في دار الراحة، تملكه امرأة متسلطة تُدعى قمر (عايدة صبرا).
محاولة الكاتبة عرقجي، التي تحولت إلى مخرجة بعد آخر أفلامها "يلا عقبالكن" (2016)، من إخراج شادي حنا، جيدة، لكنها اليوم تقع في فخ الاستسهال الواضح في تنفيذ الفيلم والاستعانة بوجوه ضعيفة، لم تُسعف القصة ولا السيناريو ولا الأحداث لبلوغ مرحلة التشفي من المشاهدة لمدة تقل عن ساعتين.
أسئلة كثيرة يطرحها الفيلم، حول نكران الأبناء لوالديهم، مرة، والزوجة التي تفقد زوجها، والأم التي تنتظر زيارة أبنائها لها في المأوى من دون جدوى، والسيدة الوحيدة التي لم تتزوج؛ ففضلت السكن إلى جانب من هؤلاء، لتقع في قصة حب مع رجل يصغرها قليلاً.
حالات كانت لتخرج سينمائياً بصورة أقوى، لكن الكاتبة عرقجي تحولت إلى مخرجة، وتمارس، من دون شك، أحادية في عدم فصل الأدوار مكتوبة على الورق، ثم إخراجها كأدوات متحركة برسم المشاهد. من المؤكد أن عرقجي لم تسعَ إلى "تحريك" الممثلين، بعضهم نراه ممثلاً للمرة الأولى، بل تركت أبطالها والناس في الفيلم على سجيتهم أو بساطتهم ينساقون طوعاً إلى نصها الضعيف من دون إرشادات.
ثمة مشكلة في قالب يقوم على العاطفة والكوميديا الساخرة في أحداث الفيلم. الإفلات من ضبط المواقف التي تبنتها القصة المفترض أنها مؤثرة. الملل من اللحظات الأولى لبداية العرض. مع مرور الوقت، يجد المتفرّج نفسه أمام مشاهد مترابطة في سياق درامي يحاول أن يشده للدهشة والمتابعة، لكنه يفشل في الثواني الأخيرة، من دون قصد، وهذا ما يؤكد التفرد من قبل الكاتبة في رسم أو تصوير الفيلم، والإشراف على مناطق تعتبرها قوة بالنسبة لها، لكنها تأتي ضعيفة باردة، من دون مبرر يشبع المشاهد من سيل التساؤلات، أو الاستخفاف ببعض المواقف الإنسانية، كالرجل العاجز الذي يحمل عبوة "الأوكسجين" معه أينما ذهب، وهو يعاني من نكران ولده الوحيد الذي يحرمه من حفيده.
جاكو ودعد ووليد وأديب، يقيمون في بيت للراحة. تتلقى جاكو رسالة تُعلمها بأن ضريح زوجها الراحل ستتم إزالته لأن شركة تعتزم بناء مجمّع تجاريّ مكانه. يقرر أصدقاؤها الثلاثة مساعدتها لمواجهة المُشكلة؛ فيهربون معاً من المأوى لمنع الشركة من تنفيذ المشروع. وفي رحلتهم الطويلة إلى موقع المشروع، يواجه الأصدقاء الأربعة كل أنواع المواقف المجنونة، وتصبح قصتهم قضية رأي عام.
تستعين عرقجي بمحطة تلفزيونية لبنانية، MTV، من دون مُبرر، قد يكون ذلك بحكم الترويج للفيلم. اختيار مقدم البرامج بيار رباط طبيبًا في دار الراحة، ومساندته للمسنين، وتيسير أمورهم بشأن المشكلة التي تعترض زميلتهم. يطرح أسئلة حول الغاية من استقدام مقدم برامج عادي جداً، ومنحه هذا الدور والضوء، والتعاطف الذي يبديه مع المسنين، وحتى حربه مع مالكة الدار الممثلة عايدة صبرا، التي لم تكن هذه المرة في أفضل حالاتها، أو استسلمت لإرادة الكاتبة والمخرجة عرقجي، من دون أن تضيف من حرفيتها العالية على الدور، وبالتالي خرجت من ثوبها المسرحي التجريبي، (مونودراما)، إلى عالم سطحي، على الرغم من نوعية الفيلم التي تضعه في خانة الاجتماعي الكوميدي، لكن من دون شوق الانتظار ولهفة المتابعة.
الاستعانة بشخصية ميريام كلينك، تطرح أيضاً مزيداً من الأسئلة حول الهدف من وراء ذلك، لكن الواضح أن عرقجي تقصدت ذلك من باب الإثارة فقط.

كان بإمكان عرقجي الاستعانة بمخرج آخر يرى ربما بعض التفاصيل الصغيرة، الضرورية لتقديم فيلم لائق، أو استهداف شريحة معينة والتصويب نحو حلول، من دون تسخيف أو برودة في المواقف والأدوار.

دلالات

المساهمون