الأغاني الوطنية العربية.... تعالوا نودع الجيل السابق

10 أكتوبر 2015
مازن السيد (فيسبوك)
+ الخط -
هل لا تزال الأغنية الوطنية مثار اهتمام الجمهور العربي؟ وهل لا تزال تثير فينا الشعور الحماسي للقضايا العربية التي تزدحم في الشارع؟ أسئلة كثيرة تُطرح اليوم دون إجابات واضحة حول واقع هذه الأغنية، وهل أصبحت تقتصر فقط على المناسبات وتتسلق على الأحداث الأمنية والسياسية التي نعيشها يومياً في العالم العربي؟


بعيداً عن التقليدية العاطفية الذي عُرف بها الخطاب الغنائي الوجداني لتحريك الجمهور في الحروب السابقة تحديداً في الحروب العربية الإسرائيلية إلى حد كبير، أضحت اليوم الأغنية "الوطنية" أو التعبيرية (توأم) لنبض الشارع أو الحراك المدني الذي بُعث بصورة واضحة في العام 2011 مع انطلاقة أولى الثورات العربية في تونس.

لمحة تاريخية

احتكر عدد من الملحنين العرب الأغنية الوطنية لسنوات طوال سبقت مرحلتي التسعينيات والألفية الجديدة. ولو تناولنا التجربة الحقيقية للأغنية الوطنية الجامعة التي صاغها مثلاً موسيقار الجيل محمد عبد الوهاب في أوبريت "الوطن الأكبر" العام 1960 لوجدنا أن هذه الأوبريت شكلّت العلامة الفارقة في الغناء الوطني العربي، إن في التوجه ولم "شمل" الوطن العربي بالأبيات الشعرية، أو من خلال مشاركة طائفة من المغنين العرب الذين بلغوا مرحلة متقدمة من الشهرة آنذاك.




في الستينيات أيضاً كان اللقاء الأول بين الشيخ إمام والشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم، كان في العام 1962واتسعت الدائرة عبر التعاون بالألحان وبدأت الثنائية بين الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم وتأسست شراكة دامت سنوات طويلة، كرست مفهوم الأغنية السياسية، لكن هذه المرة بعيداً عن تبجيل القائد، بل بنبرة نقدية، أدخلتهما مراراً السجن.




أقرأ أيضًا:مريم صالح وزيد حمدان: إحياء الشيخ إمام بموسيقى شبابية

ما بعد النكسة

بعد انتكاسات العرب المتكررة هدأت قليلاً الأغنية الوطنية أو صدى الشارع الفني وصولاً إلى بداية الحرب اللبنانية العام 1975. لم تكن الأغنيات التي نشطت في تلك المرحلة إلاّ عبارة عن تناغم روحي أوتوماتيكي لمحاكاة المجازر التي بدأت في بيروت والحرب الطويلة التي لا يزال اللبنانيون يعانون من تأثيرها.




وحدهم الرحابنة قدموا رؤية موسيقية جديدة بصوت فيروز إن تناولنا "بحبك يا لبنان" التي أصبحت كالنشيد الوطني وانتشرت بشكل عاطفي حماسي بين الدول العربية. في تلك المرحلة بدأت فكرة الأغنية الخاصة بالأحداث أو ما يطلق عليه اسم أغنية وطنية تصبح واقعاً، فجاء في العام 1982 أحمد قعبور متسلحاً بالخط اليساري للحرب اللبنانية فارضاً وجوده كتابة ولحناً على مرحلة الاجتياح الإسرائيلي للبنان، هذه المرحلة ولدّت مزيداً من الأفكار التي أسهم قعبور في رسم صورتها، ثم كان لجوليا بطرس وماجدة الرومي محاولات خجولة قياساً إلى تجارب فيروز وقعبور.




أقرأ أيضًا:افتتاح أكاديميّة الياس الرحباني الموسيقيّة

لبنان في الحراك

لم يشهد الشارع اللبناني في الثمانينيات مرحلة تصح تسميتها بالانتفاضة الموسيقية، حتى جاءت فترة الستعينيات التي حفلت بجيل آخر جاء "ثائراً" يحمل ثقافة من الطوق نحو حرية أكثر. محاولات كثيرة لم تكن جاهزة لنشرهدفها تلك الفترة في ظل الحكم السوري للبنان، بل كانت تائهة قليلاً، لكنها استمدت من حضور زياد الرحباني الثائر هوية بدأت تنكشف أسرارها تباعاً. ثمّ ومن قلب الشارع وصلنا فنّ "الراب" الذي أسهم في اكتساب ثقافة التعبير بطرق موسيقية بالغة الدقة والبساطة تحاكي الجميع، وبدأ أقرب إلى الشارع.


يعتبر مازن السيد أحد أبرز مغنيي الراب في لبنان، والمتحمس بشكل أساسي لما يحصل اليوم في الشارع البيروتي والحراك الشعبي. في حديث مع "العربي الجديد": "من غير المطلوب أن نبالغ بتصور تغير الرأي العام أو الذوق العام الفني، التغييرات لا تقتصر على هؤلاء، لكن الفئة التي قادت الحراك في السنوات الأخيرة هي (فئة محددة) إضافة إلى التغير الاجتماعي والثقافي، من هنا برزت المواهب الجديدة أو التي تعبر عن هذا الشارع الذي يسير باتجاه الحرية وقدرة التعبير والمساواة والعدالة وغيرها من الأمور.




هكذا دخلنا سياقاً صعباً من الأنواع المحددة في الموسيقى العربية، تمثلت بدخول الموسيقى الالكترونية إضافة إلى "حقل" صوتي في الغناء والإيقاع والضغط الموسيقي العام وصولاً إلى الإيقاع". وبرأي السيد، فإن المرحلة التاريخية للأغنية "الوطنية" أو الخاصة بالأحداث اتسعت وخرجت من تقليديتها.
مازن السيد وأغانيه تحتل ساحة الشهداء، وساحة الحراك اليوم، في ظل تراجع "أغاني الثورة" التقليدية، مثل أغاني جوليا بطرس وماجدة الرومي، التي غالباً ما رافقت تظاهرات اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم. حتى أن نفوراً واضحاً ظهر بين المتظاهرين وهذه الأغاني، بسبب انتماء مغنيها وقربهم من الطبقة السياسية.

الربيع العربي

الحراك في لبنان، وتغيّر المشهد فيه، يعيدنا إلى مشهد مشابه بدأت ملامحه بالظهور بشكل أساسي في تونس ومصر تحديداً، بعد الثورة. في مصر، وخلال الثورة وبعدها ظهرت كمية كبيرة من الأغاني التي أدت إلى تسفيه الثورة وتتفيهها.

ولعل أبرز مثال على ذلك أغنية حمادة هلال مثلاً التي تقول: "شهداء 25 يناير ماتوا في أحداث يناير"، وغيرها من الأغاني التي اكتفت بتركيب كلام مستهلك على ألحان بسيطة. لكن في المقابل، ظهرت موسيقى جديدة، أو طفت على السطح، وهي الموسيقى المستقلة (المسمّاة زوراً اندرغراوند) مع مجموعة من الفرق منها "كايروكي" و"مسار إجباري"، و"اسكندريلا"... وغيرها من الفرق التي نجحت في التعبير عن واقع الشباب المصري، وإن لم تكن التجارب دائماً موفقة.






أقرأ أيضًا: الفنانون اللبنانيون وقود الثورة المضادة: المتظاهرون عملاء وفوضويون

المساهمون