وفي السياق، طالب مكتب منظمة العفو الدولية في الجزائر السلطات بـ"فتح تحقيق من قبل لجنة محايدة في ظروف وفاة الصحافي"، رغم أن وزارة العدل، المسؤولة عن السجون، أعلنت أن وفاة تامالت تمت في أحد المستشفيات، بعد إصابته بجلطة دماغية والتهاب في الرئتين، عقب أسابيع من دخوله إضرابا عن الطعام احتجاجا على إدانته بحكم قضائي بتهمة "إهانة رموز الدولة".
من جهتها، نددت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان بـ"الممارسات التي أدت إلى وفاة الصحافي تامالت"، وطالبت بـ"متابعة كل المتسببين في اعتقاله تعسفا (..)، ثم المتسببين في تدهور حالته الصحية في السجن والمستشفى، والمتسببين في وفاته".
وانتقدت الرابطة الحقوقية ما وصفته بـ"توظيف جهاز القضاء والأمن من أجل الاعتداء على حرية المواطنين"، ودعت إلى تشكيل "لجنة تحقيق ذات مصداقية للكشف عن ملابسات اعتقال ومحاكمة وسجن ووفاة الصحافي"، معتبرة أن "تمالت حاول الدفاع عن حقه في التعبير عن رأيه، وعن حقه في محاكمة عادلة بكل الوسائل والطرق السلمية، وآخر ما كان يملك في سبيل ذلك بعد حرمانه من الحرية وهو جسده".
وأثارت وفاة تامالت، أمس الأحد، حالة من الحزن واليأس في الوسط الصحافي في الجزائر، بسبب ما اعتبره الصحافيون "تضييقا على الحريات، وسجن صحافي لمجرد التعبير عن مواقف وآراء معارضة".
وكتب محامي الصحافي المتوفى، أمين سيدهم، أن "ما حدث وصمة عار"، كما حمّل الصحافي في يومية "الخبر"، حميد ياسين، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة "المسؤولية السياسية" في وفاة تامالت.
وكتب الصحافي حسان جزائري: "بالأمس كنا نسقط تحت خنجر الإرهاب ورصاص الحسابات والتصفيات، واليوم نغتال، كما بالأمس، لكن بالضغوطات والتجاوزات التي تفرضها السلطة على كل مغرد خارج السرب".
ونددت أحزاب سياسية بوفاة الصحافي تامالت، إذ وصفت "حركة مجتمع السلم" ما حدث بـ"الصدمة الكبيرة"، وأفاد بيان عنها بأن "ما وقع للمرحوم تامالت يدل على استخفاف منقطع النظير بالحياة البشرية، ولا بد للسلطات أن تبيّن للرأي العام حقيقة ما وقع، والمسؤولية الكاملة على ذلك"، معتبرة أن "صحة السجين هي مسؤولية سجانيه في كل الأحوال، وحتى في حالة إضرابه عن الطعام".
وأضافت الحركة أن "ملف الحريات وحقوق الإنسان خط أحمر، ولا يمكن السكوت عن مثل هذا الاستخفاف، خاصة وأن العالم يحيي يومه العالمي لحقوق الإنسان".
وشدد بيان لحزب "جيل جديد" على أن ما حدث لتامالت يؤكد تدهور وضعية حقوق الإنسان في الجزائر، واتهم السلطة بـ"إهمال الصحافي في السجن"، وبـ"ملاحقة الصحافيين الأحرار بدلا من ملاحقة من يبددون المال العام".
وكان تامالت قد اعتقل في 26 يوليو/تموز الماضي، بعد عودته من بريطانيا التي قضى بها عطلة قصيرة، ووجهت إليه تهمة "إهانة هيئة نظامية على مواقع التواصل الاجتماعي"، وذلك عقب نشره لمنشورات اعتبرتها النيابة العامة مسيئة لشخص رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، والوزير الأول عبد المالك سلال، وقائد أركان الجيش، الفريق قايد صالح، كانت بينها قصيدة شعرية.
ومنذ عودته من بريطانيا كان تامالت يتوقع اعتقاله في الجزائر، وكتب حينها على صفحته في الفايسبوك: "أنا في الجزائر منذ منذ أربع ساعات، لم يتم توقيفي في المطار، ولكن لا أمان في هذا النظام. فقد تبعتني سيارتان من المطار إلى منزل الوالدة الصغير، التي فرضت علي إقامة جبرية ومنعتني من الخروج لمدة ساعة خوفا علي".
وقبل سنوات، غادر الصحافي الجزائر للإقامة في بريطانيا، بسبب مضايقات أمنية كانت تلاحقه لمنشوراته وكتاباته، حيث سبق له أن نشر كتابين حول الأزمة الأمنية في الجزائر والعلاقات الجزائرية الإسرائيلية.
وكان الصحافي المتوفى يتهم قيادات في جهاز المن والمخابرات بملاحقته، واستمر بعد وصوله إلى بريطانيا في تسريب ونشر أخبار وصور ومعلومات عن الشخصيات الأمنية والعسكرية والسياسية الجزائرية على مجلة إلكترونية أسسها باسم "السياق العربي"، ما أغضب السلطات.
وفي سبتمبر/أيلول 2015، رفعت عائلة رئيس الحكومة الجزائرية دعوى قضائية ضد تامالت في بريطانيا، بتهمة الإساءة، لكن محكمة بريطانية ألزمته بعدم التعرض للعائلة بالقذف.