تصر روسيا عبر المتحدثين الرسميين باسمها على إنكار ما جرى في خان شيخون. ورغم أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أكدت الأربعاء الماضي استخدام غاز السارين في خان شيخون بريف إدلب، يصر الروس على أن "الأمر مفبرك" مستندين إلى "تقارير منظمات محايدة"، ومنها منظمة سويدية.
صحيفة "داغنيهتر" السويدية كشفت اليوم السبت أن الاعتماد الرسمي السياسي والدبلوماسي الروسي "بدعم من الماكينة الدعائية في روسيا اليوم وسبوتنيك يستند إلى مجموعة دعائية وليس منظمة إنسانية". والمقصود هنا هي منظمة "أطباء سويديون من أجل حقوق الإنسان Swedish doctors for human rights (Swedhr)".
واستخدم ممثل روسيا في المنظمة العالمية لحظر السلاح الكيميائي، ميخائيل أليانوف، تقارير صدرت عن هذه المجموعة ضد عناصر الدفاع المدني السوري. إذ سبق للمنظمة أن اتهمت "الخوذ البيضاء" بأنها " قامت بنشر الإشاعات عن الحكومة السورية".
وفي التفاصيل التي نشرتها الصحيفة السويدية عن المنظمة يتبين أنها تستند إلى "دراسة أشرطة الفيديو وتدعي بأن الأطفال الذين ظهروا في الشريط كانوا تحت تأثير مخدر لفبركة القضية"، وليس إلى أي تقارير ميدانية أو تحاليل طبية.
الرواية الروسية المقدمة في لاهاي قالت "نحن نحيلكم إلى بيانات مؤسسي منظمة أطباء سويديون لحقوق الإنسان وضمها إلى التقارير النهائية". بيد أن صحيفة داغنيهتر السويدية بحثت في خلفية هذه المنظمة المشار إليها لتخرج بدحض "مهنية روسيا وماكينتها الدعائية".
تأسيس المنظمة
الطبيب اليساري المتقاعد/ من أصل تشيلي، مارسيللو فردا دي نولي، أسّس مع زميل سابق له، أندرس رومشلو، في 2015 المنظمة بهدف "العمل من أجل السلام والحد من المواجهة بين القوى الكبرى".
وكشفت الصحيفة السويدية في عددها اليوم أنّ ما تقوم به المنظمة هو "العمل على تنظيف صفحة النظام السوري في مجال جرائم الحرب. بحيث يطل على الماكينة الدعائية الروسية كخبير، وبالتالي يتم اقتباس ما يقوله ويعرض في المحافل الدولية على أنه خبير محايد".
وبالرغم من تكرار إطلاق بشار الجعفري، ونائب مندوب النظام في جلسات مجلس الأمن، صفة "منظمة مستقلة"، على هذه المنظمة، فقد خرجت الصحيفة السويدية بما هو مثير. وتذكر داغنيهتر "بالتواصل مع نقابة الأطباء وجمعية الطب في السويد ومنظمات مساعدات إنسانية فإن أحداً منهم لا يعرف شيئاً عن هذين الشخصين (الطبيب فردا دي نولي وزميله السويدي رومشلو)".
مدير منظمة "هيومان رايتس ووتش" في السويد، مونس مولاندر، يقول حرفياً :"عملت في مجال حقوق الإنسان منذ 2003، وعملت لدى المحكمة الأوروبية ولوزارة الخارجية في جنيف، لكني أبداً لم أسمع عن هذه المنظمة".
تفكيك عمل البروباغندا الروسية حول سورية
ولتفكيك ما أطلقت عليه الصحيفة "خريطة عمل البروباغندا" تذكر بأنه "ولتبرئة النظام السوري يقوم هؤلاء بنشر مقال باللغة الإنكليزية على موقعهم، الذي لم يسمع به السويديون أنفسهم، لا خبراء ولا عاديين. وبعدها تتولى الماكينة الروسية في روسيا اليوم وسبوتنيك إجراء لقاءات معهم ليتحدثوا بالإنكليزية".
وكمثال على ما جرى تشير داغنيهتر إلى أنه "في السادس من مارس/آذار نشر مقال عن أن الخوذ البيضاء نشرت مشاهد أطفال متوفين نتيجة قصف كعمل دعائي. يومان بعد نشر موقع هذه المنظمة للمقال، جرى استقبال دي نولي على روسيا اليوم ليصرح بأن هدف تلك الدعاية هو فقط إسقاط نظام شرعي، وليس إنقاذ الأطفال.
وبعد أسبوع واحد خرجت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، لمهاجمة الخوذ البيضاء، وقالت بشكل واضح في المؤتمر الصحافي "يجب أن تأخذوا استخلاص المنظمة السويدية المستقلة لحقوق الإنسان بعين الاعتبار. فهؤلاء (تقصد المنظمة السويدية المزعومة) كشفوا إدارة المسرحية".
ولم يمض أسبوع حتى بات دي نولي ضيفاً متنقلا بين سبوتنيك وروسيا اليوم والقناة الأولى الروسية، والنقاش لم يدر حول عمله الطبي الذي هو بالأساس عن الصحة الشعبية في المجال النفسي وليس شيئا آخر، بل عن اتهام المعارضة باستخدام السلاح الكيميائي".
رئيسة رابطة "أخلاقيات الطب" ومجلس المسؤولية المهنية في السويد، إيلين كارلسون، تقول: "لا أعرف هذه المنظمة بتاتاً (أطباء من أجل السلام) وهناك ادعاءات خطيرة جدا وتهم أخطر تخرج بها منظمة تدعي أنها سويدية ولا تستند إلى الموضوعية والتخصص".
ومن ناحيته يقول رئيس جمعية الصحة العالمية في منظمة الطب السويدية، توبياس أولفين، "منظمتنا لا تعرف هذه المنظمة ولم يكن هناك أي تعاون مع أشخاصها".
ردّ مارسيللو فردا دي نولي
لم يستطع مارسيللو فردا دي نولي تقديم إجابة على "الاهتمام الروسي والسوري بمقالاتكم ومنظمتكم" وفق الصحيفة السويدية. بل يقول: "نحن قمنا بما لم تقم به وسائل الإعلام في العالم وخصوصاً في السويد حول الهجمات الكيميائية المزعومة. أنا لا أعتقد بأن الرئيس بشار الأسد يفعل ذلك".
وحين سأله الصحافي السويدي: "أتقصد البروباغندا؟" أجاب دي نولي: "الآن سأقوم بإغلاق الخط، نحن نتبع فقط خطوطنا الخاصة، وإذا توافق ذلك مع مصالح بعض الدول فليست مشكلتنا".
بالعودة إلى تصريحات هذا الشخص في وسائل الإعلام الروسية، كروسيا اليوم باللغة الإنكليزية، يردد دي نولا دائماً "الحكومة السورية تربح الحرب الآن، والسلاح الكيميائي يخدم فقط المعارضة".
أحد مفتشي الأمم المتحدة السابقين في سورية، أوكا سلستروم، يقول تعقيباً على ما تدعيه هذه المنظمة: "لا أعرف ولم أسمع عنها (المنظمة السويدية) وما يخلصون إليه من شريط فيديو ليس فيه أي نوع من المهنية، لأنهم ليسوا على الأرض ولم يروا أو يفحصوا ما جرى. فمن فحص الناس يعرف بأنهم أصيبوا بالغاز".