حزب الله يمنع فيلماً إيرانيّاً ببيروت: "يهاجم بلداً أجنبيّاً"!

17 نوفمبر 2014
باني خوشنودي مخرجة الفيلم
+ الخط -
ليست المرّة الأولى، ولن تكون الأخيرة. فحزب الله لا يتصرّف في لبنان على أنّه حزب من أحزاب كثيرة، ويمثّل مجموعة محدّدة من الناس، بل يتصرّف على أنّه الحاكم الأعلى، وأكثر تحديداً: على أنّه "المرشد الأعلى" للجمهورية اللبنانية، فيقرّر لها ما يمكن أن تفعله وما لا يمكن أن تفعله. 

ليست المرّة الأولى، ولن تكون الأخيرة. جهاز الرقابة في المديرية العامة للأمن العام في لبنان، الذي يرأسه اللواء عباس إبراهيم، منع عرض الفيلم الإيراني "الأكثرية الصامتة تتحدّث". ولم يمنع عرضه في صالات السينما اللبنانية، لأنّه ليس مطروحاً للعروض التجارية، بل منعه في مهرجان سينمائي بعنوان "الثقافة تقاوم". 

كان مقرّراً أن يشاهد الفيلم قلّة قليلة من "هواة النوع". لكن في لبنان، حيث يتصرّف "حزب الله" على أنّه "محمية إيرانية"، يسري علينا ما يسري على الإيرانيين في بلادهم. كما لو أنّنا رعايا في "الإمبراطورية الإيرانية". فيمنع الرقيب ما يريد "حزب الله" منعه.  

الفيلم يرصد أحداث "الثورة الخضراء" في إيران بعد الانتخابات الرئاسية في عام 2009. ويربط بين هذه الثورة والأحداث السياسية والأمنية والثورية التي شهدتها إيران خلال الأعوام المائة الفائتة. وتقول في الفيلم إنّ "غربان بلادي تعيش 100 عام". 

ليست المرّة الأولى. قبلها في عام 2011 منعت الرقابة اللبنانية في الأمن العام عرض فيلم "الأيام الخضراء" الإيراني، الذي يناقش "الثورة الخضراء" نفسها. ودائما الحجة متشابهة، وتدور حول أنّ "الفيلم" يساهم في "صناعة صورة عن بلد آخر ويهاجمه". هذا رغم أنّ الإعلام اللبناني كلّه، ويوميّاً، يتحوّل إلى منصّات لمهاجمة عشرات الدول الأجنبية. 

ولا يخفى على أحد أنّ الأحزاب اللبنانية كلّها تحصل على تمويل وتسليح من دول أجنبية. و"حزب الله" اللبناني نفسه، الذي يعيّن المدير العام للأمن العام في لبنان، المشرف على الرقابة التي منعت عرض الفيلم، "يهاجم دولة أجنبية" حرفيّاً، بالرجال والسلاح والمال، هي سورية التي أعلن الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، أنّه يقاتل فيها، ومستعدّ للقتال شخصيّاً فيها إذا لزم الأمر... ثم يطلب هذا الحزب من عباس إبراهيم منع فيلم سيشاهده عشرات اللبنانيين والمهتمّين الأجانب من ضيوف المهرجان، في أقصى تقدير لأنّه "يهاجم دولة أجنبية". هل يقبل عقلٌ تصرّفاً كهذا؟ 

هكذا، وبينما يعيش لبنان أزمات متناسلة، تتمثّل في العثور على عينّات من البراز في الطعام المقدّم على طاولات أفخر مطاعمه ومقاهيه، وبينما يشرب اللبنانيون مياهاً ملوّثة بسبب شحّ المياه، وفي الوقت نفسه يغرق اللبنانيون في أمطار الشتاء، بعد نصف ساعة من تساقط المطر، لا تجد "الأجهزة" دوراً تلعبه خارج منع عرض فيلم، فقط لأنّ مخرجته إيرانية، ولأنّه يقدّم وجهة نظر لا توافق عليها القيادة الإيرانية الحالية. 

المُضحك المُبكي أنّ مخرجة الفيلم التي لم تعلن عن اسمها منذ عام 2010، قرّرت هذا العام الكشف عن هويّتها، بعد انتخاب الرئيس الإيراني الجديد، حسن روحاني، وقالت في مقابلة مع موقع إلكتروني متخصّص في السينما، إنّها وجدت في انتخاب روحاني "فرصة". وقالت إنّها أعلنت عن اسمها "لأنّ فيلماً بلا اسم مخرج قد يطويه الزمن، وليس بسبب حاجتي إلى الإعلان عن نفسي". 

وقالت خوشنودي: "بما أنّ الأوضاع مستقرّة قليلاً، ربّما هو الوقت المناسب لنطرح الإشكاليات ونتحدّث". هي التي تقيم وتعمل في إيران، على ما قالت. لكن في بيروت، هي وفيلمها ممنوعان من العرض، في مفارقة مذهلة. 

دلالات

المساهمون