سينما المول "تأكل" سينما البوب كورن

15 فبراير 2015
لماذا ستدفع أكثر ويمكنك مشاهدة الفيلم نفسه بكلفة أقلّ
+ الخط -

يلاحظ روّاد ومحبّو السينما في لبنان تراجع حضور ودور بعض صالات عرض الأفلام والمراكز التي اشتهرت في العقدين الأخيرين، منذ إعادة إعمار بيروت. فلماذا هذا التراجع؟ ولماذا بات الجيل الجديد، وحتّى الذين كانوا من زبائن الصالات القديمة، يُفضلون الذهاب إلى "المول" لمشاهدة الأفلام السينمائية، بدلاً من الصالات التقليدية، رغم ارتفاع أسعار بطاقاتها؟

كانت السينما خلال السنوات العشرين الماضية، في العاصمة بيروت، تتمحور حول الصالات التالية: "الكونكورد" في منطقة الحمرا، والـ"الدونز" في منطقة فردان، و"الأبراج" في فرن الشبّاك، والغالاكسي" في منطقة الحدت، على أطراف ضاحية بيروت الجنوبية.

وما زالت هذه المراكز موجودة حالياً، لكنّ منافسة "المولات" لها جعلت روّادها يعدّون على عدد أصابع اليدين في كلّ "دورة". فقد تراجعت حركة الإقبال عليها بسبب نشوء مراكز كبيرة في العاصمة وتفضيل الروّاد "ثقافة" مشاهدة جديدة مختلفة عن "الذهاب إلى السينما" ومشاهدة فيلم، مع وعاء من البوب كورن.

في المول هناك ما هو أكثر من البوب كورن، هناك المقاهي، والمطاعم، ومتاجر الثياب، بل ومحلات تبيع الحلوى، مثل بوظة "هاجن داز". فالخيارات في المولات تجعل من مشاهدة الأفلام "نزهة" أو "رحلة" يمكن خلالها شراء قطعة ثياب أو حذاء أو شرب فنجان من القهوة أو تناول الغداء أو العشاء.

أيضاً فإنّ صالات السينما الجديدة في مولات "الكارفور"، على طرف ضاحية بيروت الجنوبية، على الطريق المؤدية إلى الحازمية، و"ABC" في الأشرفية" و"سينما سيتي" في أسواق بيروت و"لو مول" في الضبية، وغيرها، بُنِيَت منذ سنوات قليلة فقط، وهي تتمتّع بتجهيزات من الصعب أن تجهّز الصالات القديمة نفسها بها. تجهيزات لا تبدأ بالإضاءة الحديثة والمختلفة ونوعية الكراسي الجديدة والمريحة، التي بعضها يتحرّك لمزيد من راحة الظهر والقدمين، ولا تنتهي بالقاعات الأكبر والأكثر إراحة للعين والنظر.



كلّ هذا جعل الصالات القديمة في موقف لا تحسد عليه، فبادرت إلى تخفيض الأسعار بشكل كبير للبقاء على قيد المنافسة. فالأبراج مثلا خفّضت ثمن التذكرة من 10 آلاف ليرة لبنانية، أي 6.5 دولارات أميركية تقريباً، إلى أقلّ من خمسة دولارات للبطاقة، في عرضي الساعة 2.30 ظهرا و5.30 بعد الظهر، و6.5 دولارات إذا كان الفيلم بالأبعاد الثلاثية، 3D. وعروض الساعة 7.30 و10.30 بـ6.5 دولارات و8 دولارات إذا كانت 3D.

أمّا في الصالات التي بالمولات فسعر البطاقة لا يقلّ عن 13 ألف ليرة، أي 8.5 دولارات، ويصل إلى 11 دولاراً إذا كان الفيلم 3D. وقد يصل ثمن البطاقة إلى 35 دولارا في الصالات المخصّصة للزوّار المهمّين "V.I.P.".

مدير التسويق الإقليمي في مركز "الأبراج"، إيلي غميقه، قال في حديث لـ"العربي الجديد" إنّ "الأبراج يقوم دائما بعروضات وتخفيضات للأسعار، فهو من أرخص الأسعار في لبنان، وهذا هدفه استقطاب الناس بالتأكيد وهذه الطريقة ناجحة".

وأضاف غميقه: "زبائن الأبراج معروفون وهم دائما يأتون لمشاهدة الأفلام حتّى لو افتتحت مولات ومراكز سينما أخرى، وبالطبع أغلب الناس يُفضّلون الذهاب إلى المولات ليس فقط لمشاهدة السينما، وإنّما للقيام بنشاطات أخرى مثل التسوّق وتناول الطعام والجلوس في المقاهي".

ويعتبر غميقه أنّ الناس يتهافتون على أيّ شيء جديد. فعندما افتتحت سينما الأبراج لم يكن هناك "محل لتحطّ إجرك من العجقة"، وهذا طبيعي. فالإنسان يحبّ اكتشاف كلّ ما هو جديد.
وقد أثّرت المولات الجديدة على حركة الإقبال". شعار الأبراج الجديد، المكتوب على جدران الشارع قرب الصالات، هو التالي: "لماذا ستدفع أكثر، ما دام يمكنك مشاهدة الفيلم نفسه بكلفة أقلّ".

هكذا خفّضت المنافسة أسعار بطاقات السينما في الصالات "القديمة" إلى النصف تقريباً، وباتت المولات في بيروت هي "السينما" الجديدة...كأنّ "المول" أكل "سينما البوب كورن".

المساهمون