وما كان يلفت الانتباه أكثر خلال العاصفتين هو وجود عمال النظافة (يطلق عليهم أردنياً "عمّال الوطن") بفعالية يومية على جميع الطرق، مهما اشتدّت ذروة المنخفض القطبي الذي حوّل الأردن إلى بساط أبيض من الثلج.
هؤلاء لم يتمكّنوا من أن يلتحفوا منازلهم هرباً من قسوة البرد، كما فعل بقية الناس خلال العواصف، أو أن يحتضنوا صغارهم لحمايتهم من أصوات الرعد والبرق، أو تدفئتهم من الثلوج التي تساقطت بلا توقف. هم تركوا أسرهم في وقت الصقيع والبرد، التحفوا البرد وخرجوا إلى الشوارع والأنفاق، ليحافظوا على نظافة المدن الأردنية.
هؤلاء؛ الباحثون عن رزق حلال لا يأتيهم بسهولة بل بعذابات يومية، هم الصورة الأكثر روعة، فهم الرجال الذين لا يعرفون الراحة، ولا يدركون طعم الشبع. فالفقر أقسى عليهم من سوء الأحوال الجوية.
تقول الأرقام إنّ ما لا يقلّ عن 1250 عاملاً من "عمّال الوطن" التحقوا بأشغالهم رغم الظروف الجوية خلال العاصفتين. كلام أكّدته عيون الناس التي كانت تطلّ من شبابيك منازلها إلى الطرق، تطلّ من الدفء على زمهرير الثلج. وأكّدته أيضاً كاميرا "العربي الجديد" التي التقطت صورهم وهم يعملون أو يأخذون قسطاً من التعب، بدل الراحة.
"عمال الوطن".. حضورهم كان واضحاً، فهم ساعدوا أيضاً الكثير من الأسر في تنظيف مداخل منازلهم، إضافة إلى قيامهم بعملهم المعتاد، وبأبسط آليات العمل.