دولة القياصرة والقدس

دولة القياصرة والقدس

18 نوفمبر 2014
+ الخط -

كان للقدس أهمية خاصة في مخيلة الشعب الروسي، ولا تزال حتى يومنا هذا، لارتباطها بسيرة السيد المسيح، وهذا شكل عاملاً من عوامل حضور اسم القدس، بتأثير ملموس في سياسة روسيا القيصرية الخارجية، وخصوصاً سياستها في الشرق الأوسط، وعلاقتها بالشعوب العربية آنذاك، ومن هنا برز دور الكنيسة الروسية وتأثيرها في الاستراتيجية القيصرية، وخاصة مع توافد البعثات والإرساليات إلى الديار المقدسة، مما يبين لنا مدى ارتباط هذا التصور بهدف سياسي، من  خلال  تطوير دور الكنيسة في الشرق الأوسط  ولعب دورٍ  مميزٍ في الانفتاح على المنطقة، وبالتالي دعم العرب الأرثوذكس في ظل الدعم الغربي للطوائف المسيحية الأخرى.

فالمستشرق الروسي قسطنطين بازيلي يصف الدور الروسي في تلك الحقبة في المشرق العربي بأنه "أصبح نفوذا وتأثيرا محوريا يستند إلى دعم الأغلبية الساحقة من مسيحيي الشرق، وهذا النفوذ سيكون معبرا أساسيا للنفوذ السوفييتي الأيديولوجي والثقافي والعسكري القادم في ظل الحرب الباردة والذي سيكون الشرق الأوسط والدول العربية أحد مراكز هذا الصراع".

وهنا يكفي الاطلاع على كمية المباني والأراضي التي استملكتها الكنيسة الروسية في القدس، منذ وقت القياصرة، لتكون نافذة، أو أحد النوافذ لممارسة الدور الذي يريده الكرملن في المنطقة، كون القدس تشكل قلبا نابضا لها، وبالعودة إلى الاستراتيجية السوفييتية، يمكن القول إنها استفادت مما كان قائما وقت روسيا القيصرية والعلاقة مع الشرق، لتبرير تدخلها ودورها، وأبقت على استغلال علاقات الكنيسة بأبناء الطائفة الأرثوذكسية مدخلاً إلى المنطقة، وهذا ما يمكن تلمسه حتى اليوم.

avata
avata
خالد ممدوح العزي (لبنان)
خالد ممدوح العزي (لبنان)