21 فبراير 2018
ملك المغرب محايداً في الانتخابات
في خطاب عيد الجلوس على العرش، يوم السبت الماضي، أعلن العاهل المغربي، محمد السادس، عزمه المضي في تحديث نظامه السياسي، وجعل السلطة في يد الشعب، يفوّضها لمن يشاء من الأحزاب، ويحاسبها كما أراد على إدارة الشأن العام، وأن الملك شخصياً سيبقى على مسافةٍ واحدة من جميع الأحزاب والقوى السياسية. وقال الملك، في خطاب الجلوس السابع عشر: (أنا ملك جميع المغاربة الذين يترشحون للانتخابات، والذين لا يصوّتون، وأنا ملك لكل الهيئات السياسية، دون تمييز أو استثناء، لا أنتمي لأي حزب، والحزب الوحيد الذي أعتز بالانتماء إليه هو المغرب).
أسباب نزول هذا الخطاب قرب موعد الانتخابات البرلمانية في السابع من أكتوبر/ تشرين أول المقبل، وازدياد الحديث وسط النخبة المغربية عن قرب حزب الأصالة والمعاصرة الذي أسسه وزير الداخلية السابق ومستشار الملك حالياً، فؤاد عالي الهمة، من القصر، وعن وجود سيناريو لتعبيد الطريق أمام (حزب الدولة) هذا ليعبر إلى الحكومة المقبلة، بعد أن يقفل القوس الذي فتحه الربيع العربي، في أجندة المغرب السياسية هذا القوس الذي سمح للحزب الإسلامي المعتدل، بقيادة حكومة ائتلافية، بزعامة عبدالإله بنكيران. الجالس على عرش المغرب لم يترك هذا الانطباع يترسّخ عند أحدٍ في الداخل، كما الخارج. ولهذا قال عبارته التي صارت متداولة "أنا ملك جميع المغاربة الذين يصوّتون والذين يقاطعون"، في إشارةٍ دالةٍ على وقوفه بعيداً عن حمّى الصراع السياسي الذي ارتفعت حرارته مع قرب موعد ثاني انتخاباتٍ برلمانيةٍ بعد الربيع العربي، وبعد إقرار دستور جديد للمملكة، تعوّل عليه القوى الديمقراطية في المغرب، ليصير من أدوات الانتقال الديمقراطي، في بلادٍ عاشت انتقالاتٍ بلا حصر، وظلت في النهاية حبيسة غرفة انتظار كبيرةٍ اسمها المغرب.
يعي الملك محمد السادس أن بلاده لا نفط فيها ولا غاز، وأن أراضيها لا تبعد عن أوروبا إلا بحوالى 12 كيلو متراً، وأن تأثير القارة الثقافي والسياسي والإعلامي يجعل من المملكة المغربية أقرب إلى الغرب منها إلى الشرق. ويعرف العاهل المغربي أيضاً أن مملكته عرفت التعدّدية السياسية وميلاد الأحزاب قبل الاستقلال، وأن في البلاد مجتمعاً مدنياً ناشطاً، ورأياً عاماً يطلب الاستقرار، لكن لا يفرّط في هامش من الحرية يريده أن يكبر سنةً بعد أخرى، في بلادٍ تريد أن تجعل من انفتاحها الديمقراطي رأسمالاً سياسياً ودبلوماسياً لجلب الاستثمارات الأجنبية، وللعب دور في القارة السمراء، وللحفاظ على الوحدة الترابية من مطامع الانفصال.
لكل هذه الاعتبارات، جاء خطاب الملك معلناً عن الاستمرار في تجربة الانفتاح السياسي التي بدأت قبل خمس سنوات، ولم تغلق على الرغم من أن الربيع تحول إلى خريف، والديمقراطية نزلت من سلم الأولويات، تاركةً مكانها للأمن، بعد أن صار الإرهاب يهدّد كيانات الدول... لهذا لا أتصور أن الانتخابات البرلمانية المقبلة ستعرف عودة إلى "التزوير القديم" الذي كان يتلاعب بالاستشارات الشعبية، ويتجاهل نتائج الصندوق في تعيين الحكومات. لكن، في الوقت نفسه، لن يترك حزب العدالة والتنمية يقطف ثمار شعبيته الكبيرة في الشارع، ولن يترك حرّاً طليقاً، حتى لا يرجع بقوة أكبر للحكومة والبرلمان المقبلين. ستعمد القوى المناهضة للتحوّل الديمقراطي على تحجيم حزب عبد الإله بنكيران نسبياً، ولا سيما إذا نزلت نسبة المشاركة في انتخابات أكتوبر، وزحف المال السياسي على صندوق الاقتراع، واستمرت لعبة شد الحبل بين حزب المصباح ووزارة الداخلية. في كل الأحوال، سيكون المشهد المقبل رهيناً بكلمة الشعب واختيار الشعب، وهذا هو المكسب الأول والأهم في هذه التجربة.
أسباب نزول هذا الخطاب قرب موعد الانتخابات البرلمانية في السابع من أكتوبر/ تشرين أول المقبل، وازدياد الحديث وسط النخبة المغربية عن قرب حزب الأصالة والمعاصرة الذي أسسه وزير الداخلية السابق ومستشار الملك حالياً، فؤاد عالي الهمة، من القصر، وعن وجود سيناريو لتعبيد الطريق أمام (حزب الدولة) هذا ليعبر إلى الحكومة المقبلة، بعد أن يقفل القوس الذي فتحه الربيع العربي، في أجندة المغرب السياسية هذا القوس الذي سمح للحزب الإسلامي المعتدل، بقيادة حكومة ائتلافية، بزعامة عبدالإله بنكيران. الجالس على عرش المغرب لم يترك هذا الانطباع يترسّخ عند أحدٍ في الداخل، كما الخارج. ولهذا قال عبارته التي صارت متداولة "أنا ملك جميع المغاربة الذين يصوّتون والذين يقاطعون"، في إشارةٍ دالةٍ على وقوفه بعيداً عن حمّى الصراع السياسي الذي ارتفعت حرارته مع قرب موعد ثاني انتخاباتٍ برلمانيةٍ بعد الربيع العربي، وبعد إقرار دستور جديد للمملكة، تعوّل عليه القوى الديمقراطية في المغرب، ليصير من أدوات الانتقال الديمقراطي، في بلادٍ عاشت انتقالاتٍ بلا حصر، وظلت في النهاية حبيسة غرفة انتظار كبيرةٍ اسمها المغرب.
يعي الملك محمد السادس أن بلاده لا نفط فيها ولا غاز، وأن أراضيها لا تبعد عن أوروبا إلا بحوالى 12 كيلو متراً، وأن تأثير القارة الثقافي والسياسي والإعلامي يجعل من المملكة المغربية أقرب إلى الغرب منها إلى الشرق. ويعرف العاهل المغربي أيضاً أن مملكته عرفت التعدّدية السياسية وميلاد الأحزاب قبل الاستقلال، وأن في البلاد مجتمعاً مدنياً ناشطاً، ورأياً عاماً يطلب الاستقرار، لكن لا يفرّط في هامش من الحرية يريده أن يكبر سنةً بعد أخرى، في بلادٍ تريد أن تجعل من انفتاحها الديمقراطي رأسمالاً سياسياً ودبلوماسياً لجلب الاستثمارات الأجنبية، وللعب دور في القارة السمراء، وللحفاظ على الوحدة الترابية من مطامع الانفصال.
لكل هذه الاعتبارات، جاء خطاب الملك معلناً عن الاستمرار في تجربة الانفتاح السياسي التي بدأت قبل خمس سنوات، ولم تغلق على الرغم من أن الربيع تحول إلى خريف، والديمقراطية نزلت من سلم الأولويات، تاركةً مكانها للأمن، بعد أن صار الإرهاب يهدّد كيانات الدول... لهذا لا أتصور أن الانتخابات البرلمانية المقبلة ستعرف عودة إلى "التزوير القديم" الذي كان يتلاعب بالاستشارات الشعبية، ويتجاهل نتائج الصندوق في تعيين الحكومات. لكن، في الوقت نفسه، لن يترك حزب العدالة والتنمية يقطف ثمار شعبيته الكبيرة في الشارع، ولن يترك حرّاً طليقاً، حتى لا يرجع بقوة أكبر للحكومة والبرلمان المقبلين. ستعمد القوى المناهضة للتحوّل الديمقراطي على تحجيم حزب عبد الإله بنكيران نسبياً، ولا سيما إذا نزلت نسبة المشاركة في انتخابات أكتوبر، وزحف المال السياسي على صندوق الاقتراع، واستمرت لعبة شد الحبل بين حزب المصباح ووزارة الداخلية. في كل الأحوال، سيكون المشهد المقبل رهيناً بكلمة الشعب واختيار الشعب، وهذا هو المكسب الأول والأهم في هذه التجربة.