20 يوليو 2019
هل أخطأ مروان البرغوثي؟
أحمد الصباهي (فلسطين)
يمثل موعد 17 من نيسان، يوم الأسير الفلسطيني، رمزيّة عاطفيّة شعبيّة دفّاقة، فبقدر ما يدلّل هذا اليوم على كفاح شعب، هو يرمز كذلك إلى معاناة الأسرى، ففي الأسر آباء وأمّهات وأبناء، وفي الأسر مناضلون وموظفون ونوّاب، وفي الأسر قصص لمليون فلسطيني، فإذا كانت الجزائر العزيزة قدّمت على مذبح الحريّة مليون شهيد، فصَنوها فلسطين، تروي حكاية مليون أسير منذ العام 1967.
كان الأسرى ينتظرون هذا اليوم بفارغ الصّبر، لا ليحتفل بهم العالم، بل ليخوضوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام تحقيقاً لمطالب عادلة، يقف على رأسها موضوع العلاج الطبيّ والعزل الإفرادي والاعتقال الإداري، وزيارة الأهل.
لم يتوّهم الأسرى أنّ إدارة مصلحة السّجون ستقف متفرّجة، فكلّ الإجرءآت التعسفيّة متوقّعة، وقد بدأت مفاعيلها حتى قبل بدء الإضراب، من اقتحام أقسام السّجون، وعزل قيادات الحركة الأسيرة، ومنع الخروج للفورة (السّاحة)، وصولاً إلى إلغاء صلاة الجمعة جماعة، ومصادرة الملح الذي يذيبه الأسرى مع الماء ليشربوه حتى لا تتعفّن أمعاؤهم، كلّها توقّعاتٌ في حساب خبرة التّجارب المتراكمة مع إدارة مصلحة السّجون.
ما غاب عن الأسرى، ولم في يكن في الحسبان، أن تعصف بالحركة الأسيرة رياح التّفرقة والخلافات السياسيّة، ومن المؤلم أن تدخل الحسابات السياسيّة في معركة الأمعاء ومطالب الأسرى الإنسانيّة، في قضيّة تشغلنا جميعاً، فهل لم يعد هناك محرّمات في قاموس السياسة الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس؟ ومن مصلحة من أن يدخل الأسرى في لعبة البازار السياسي بين المناضل مروان البرغوثي ومحمود عبّاس من جهة، وبين حماس وفتح من جهة أخرى؟
حاولت الماكينة الإسرائيليّة من سياسيّين وإعلاميّين، بكل ما أوتيت من قوة، أن تجهض الإضراب في محاولة لإلغاء مفاعيله وتداعياته على مستوى الدّعاية والسمعة الإسرائيلية، فبدأت التّحذيرات من دخول الأسرى الفلسطينيّين في إضراب مفتوح عن الطعام، وأطلق العنان للتحليلات المحذرة من تداعيات أمنيّة في الضفّة الغربية وفلسطين المحتلة في 1948، مع إطلاق الفاعليّات الشعبيّة المساندة لإضراب الأسرى، فأعلن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد أردان، أنّ الأسرى المضربين عن الطّعام لن يسمح لهم بدخول المستشفيات الإسرائيليّة، بل سيقام لهم عوضاً عن ذلك مستشفيات ميدانيّة في السّجون، وتوالت الحملات السياسيّة الضاغطة من أعلى رأس الهرم، بنيامين نتنياهو، واعداً بعدم تحقيق أيَ مطلب للأسرى. وتعالت التصريحات مطالبةً حتى بإعدام الأسرى، كذلك الإعلام الإسرائيلي تمّ توظيفه لزرع بذور الفتنة بإشاعة أكاذيب أنّ بعض الأسرى انسحبوا من الإضراب، وصولاً إلى اتهام الأسير مروان البرغوثي الذي تصدّر مشهد بداية إضراب 1500 أسير، أنه يصفّي حسابات الزّعامة على كرسيّ السلطة مع محمود عبّاس، وكأن ليس هناك ظلم وجور في السّجون الإسرائيليّة، والأسرى يضربون عن الطعام فقط كرمى لعيون مروان.
لم يكن هذا كله مستغرباً، فلن توقف هذه المحاولات البائسة الإضراب. لكن ما ضير أسرى حركة حماس المناضلين الذين نجلّ ونحترم، أن يمتنعوا عن إضراب لمطالب هم يعانون من حرمانها مثل بقيّة الأسرى، فما هو السّبب المبيح تصرّفاً كهذا؟
يتبيّن بعد ذلك، ويا للعجب العجاب وفق مصادر خاصة من إحدى مؤسّسات الأسرى، أنّ حركة حماس ليست معنيّة أن يتصدّر مشهد الإضراب فتحاويّ، حتى لو كان المناضل مروان البرغوثي. أما السلطة الفلسطينيّة فلم نشهد منها حراكاً وموقفاً واضحاً على مستوى الحدث بشخص رئيسها، محمود عبّاس، فهل، يا ترى، لا تستحق البطون الجائعة في السّجون انشغال عبّاس؟ وهل بدأ تنفيذ مفاعيل اشتراطات المؤسّسة الإسرائيليّة المدعومة ترامبيّا بتوقيف الدّعم المالي عن الأسرى وعوائلهم، فلاذ عباس بالصّمت؟
سينجح الأسرى في تحقيق مطالب بقدر ما يقدّر لهم، فيوم الأسير ليس يوماً لمروان، وليس كذلك لعبّاس ولا لحماس، بل هو لكلّ أسير وعائلته، بل لكلّ فلسطيني بعيد عن أرضه. أضرب الأسرى عن الطّعام في هذا اليوم ككل عام، وسيطالبون بحقوقهم بمروان وبغيره. لم يشارك كلّ الأسرى في هذا الإضراب، فمن بين سبعة آلاف أسير، وصل عدد المضربين وفق تّقديرات إلى ألفي أسير، أضربوا بأمعائهم، وكلّ يوم يعلن عن انضمام مجموعة جديدة في استرتيجيّة طويلة الأمد، لكن من امتنع لم يمتنع بعنوان سياسي كما فعلت حماس.
مروان البرغوثي، يبدو أنّك عقبة كأداء أمام مستقبل عبّاس ومشاريعه، وتحوّلت إلى عذر وحجّة لإدخال حركة حماس أسراها في أدران الخلاف السياسي، فهل كان يجب عليك أن تغيّر اسمك، وانتماءك؟ هل أخطأت يا مروان؟
كان الأسرى ينتظرون هذا اليوم بفارغ الصّبر، لا ليحتفل بهم العالم، بل ليخوضوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام تحقيقاً لمطالب عادلة، يقف على رأسها موضوع العلاج الطبيّ والعزل الإفرادي والاعتقال الإداري، وزيارة الأهل.
لم يتوّهم الأسرى أنّ إدارة مصلحة السّجون ستقف متفرّجة، فكلّ الإجرءآت التعسفيّة متوقّعة، وقد بدأت مفاعيلها حتى قبل بدء الإضراب، من اقتحام أقسام السّجون، وعزل قيادات الحركة الأسيرة، ومنع الخروج للفورة (السّاحة)، وصولاً إلى إلغاء صلاة الجمعة جماعة، ومصادرة الملح الذي يذيبه الأسرى مع الماء ليشربوه حتى لا تتعفّن أمعاؤهم، كلّها توقّعاتٌ في حساب خبرة التّجارب المتراكمة مع إدارة مصلحة السّجون.
ما غاب عن الأسرى، ولم في يكن في الحسبان، أن تعصف بالحركة الأسيرة رياح التّفرقة والخلافات السياسيّة، ومن المؤلم أن تدخل الحسابات السياسيّة في معركة الأمعاء ومطالب الأسرى الإنسانيّة، في قضيّة تشغلنا جميعاً، فهل لم يعد هناك محرّمات في قاموس السياسة الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس؟ ومن مصلحة من أن يدخل الأسرى في لعبة البازار السياسي بين المناضل مروان البرغوثي ومحمود عبّاس من جهة، وبين حماس وفتح من جهة أخرى؟
حاولت الماكينة الإسرائيليّة من سياسيّين وإعلاميّين، بكل ما أوتيت من قوة، أن تجهض الإضراب في محاولة لإلغاء مفاعيله وتداعياته على مستوى الدّعاية والسمعة الإسرائيلية، فبدأت التّحذيرات من دخول الأسرى الفلسطينيّين في إضراب مفتوح عن الطعام، وأطلق العنان للتحليلات المحذرة من تداعيات أمنيّة في الضفّة الغربية وفلسطين المحتلة في 1948، مع إطلاق الفاعليّات الشعبيّة المساندة لإضراب الأسرى، فأعلن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد أردان، أنّ الأسرى المضربين عن الطّعام لن يسمح لهم بدخول المستشفيات الإسرائيليّة، بل سيقام لهم عوضاً عن ذلك مستشفيات ميدانيّة في السّجون، وتوالت الحملات السياسيّة الضاغطة من أعلى رأس الهرم، بنيامين نتنياهو، واعداً بعدم تحقيق أيَ مطلب للأسرى. وتعالت التصريحات مطالبةً حتى بإعدام الأسرى، كذلك الإعلام الإسرائيلي تمّ توظيفه لزرع بذور الفتنة بإشاعة أكاذيب أنّ بعض الأسرى انسحبوا من الإضراب، وصولاً إلى اتهام الأسير مروان البرغوثي الذي تصدّر مشهد بداية إضراب 1500 أسير، أنه يصفّي حسابات الزّعامة على كرسيّ السلطة مع محمود عبّاس، وكأن ليس هناك ظلم وجور في السّجون الإسرائيليّة، والأسرى يضربون عن الطعام فقط كرمى لعيون مروان.
لم يكن هذا كله مستغرباً، فلن توقف هذه المحاولات البائسة الإضراب. لكن ما ضير أسرى حركة حماس المناضلين الذين نجلّ ونحترم، أن يمتنعوا عن إضراب لمطالب هم يعانون من حرمانها مثل بقيّة الأسرى، فما هو السّبب المبيح تصرّفاً كهذا؟
يتبيّن بعد ذلك، ويا للعجب العجاب وفق مصادر خاصة من إحدى مؤسّسات الأسرى، أنّ حركة حماس ليست معنيّة أن يتصدّر مشهد الإضراب فتحاويّ، حتى لو كان المناضل مروان البرغوثي. أما السلطة الفلسطينيّة فلم نشهد منها حراكاً وموقفاً واضحاً على مستوى الحدث بشخص رئيسها، محمود عبّاس، فهل، يا ترى، لا تستحق البطون الجائعة في السّجون انشغال عبّاس؟ وهل بدأ تنفيذ مفاعيل اشتراطات المؤسّسة الإسرائيليّة المدعومة ترامبيّا بتوقيف الدّعم المالي عن الأسرى وعوائلهم، فلاذ عباس بالصّمت؟
سينجح الأسرى في تحقيق مطالب بقدر ما يقدّر لهم، فيوم الأسير ليس يوماً لمروان، وليس كذلك لعبّاس ولا لحماس، بل هو لكلّ أسير وعائلته، بل لكلّ فلسطيني بعيد عن أرضه. أضرب الأسرى عن الطّعام في هذا اليوم ككل عام، وسيطالبون بحقوقهم بمروان وبغيره. لم يشارك كلّ الأسرى في هذا الإضراب، فمن بين سبعة آلاف أسير، وصل عدد المضربين وفق تّقديرات إلى ألفي أسير، أضربوا بأمعائهم، وكلّ يوم يعلن عن انضمام مجموعة جديدة في استرتيجيّة طويلة الأمد، لكن من امتنع لم يمتنع بعنوان سياسي كما فعلت حماس.
مروان البرغوثي، يبدو أنّك عقبة كأداء أمام مستقبل عبّاس ومشاريعه، وتحوّلت إلى عذر وحجّة لإدخال حركة حماس أسراها في أدران الخلاف السياسي، فهل كان يجب عليك أن تغيّر اسمك، وانتماءك؟ هل أخطأت يا مروان؟
مقالات أخرى
04 يوليو 2019
20 يونيو 2019
21 مارس 2019