احتدام محاور القتال على حدود لبنان الجنوبية وسط استمرار حركة النزوح

22 أكتوبر 2023
التصعيد جنوب لبنان يرفع احتمالات توسع المواجهة إلى حرب شاملة (رويترز، العربي الجديد)
+ الخط -

يتواصل القصف المتبادل بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة بوتيرة متقطعة ولكن بتصعيدٍ متزايدٍ لم تستطع الاتصالات السياسية الدبلوماسية حتى اللحظة وقفه، ما يرفع مخاوف توسّع رقعة الاشتباكات، الأمر الذي دفع السلطات الرسمية اللبنانية إلى بدء تحضير "ورشة الطوارئ".

وارتفعت حدّة المناوشات النارية على الحدود من الطرفين، أمس السبت، إذ قصف حزب الله عدداً كبيراً من المواقع الإسرائيلية العسكرية وحقّق فيها، وفق زعمه، إصابات وقتلى وتدميراً لتجهيزات فنية وتقنية.

من جانبه، استهدف الاحتلال الإسرائيلي نقاطاً جنوبية حدودية عدّة، أبرزها أطراف بلدتي الضهيرة وعلما الشعب وكفرشوبا وسهل يارون، ومنها نقاط جديدة، لم يسبق أن وصلت إليها صواريخه، وقد طاولت بعض المنازل والأراضي الزراعية.

هذا، ونعى "حزب الله"، أمس السبت، 6 من عناصره ومقاتليه سقطوا في القصف الإسرائيلي.

كذلك، كان لافتاً دخول الجماعة الإسلامية في لبنان "المعركة"، إذ أعلنت "قوات الفجر"، الجناح العسكري التابع لها، عن توجيه ضربات صاروخية استهدفت مراكز إسرائيلية في الأراضي المحتلة وتحقيق إصابات مباشرة فيها، ووجهت رسالة بأن "كل عدوان صهيوني يطاول أهلنا في لبنان سيتم الردّ عليه".

وفي ساعات صباح اليوم الأحد، استعادت محاور الحدود الجنوبية احتدامها، إذ قصفت مدفعية الاحتلال الإسرائيلي عدداً من المواقع ضمنها أطراف بلدة الضهيرة وعلما الشعب، ومرتفعات كفرشوبا، في حين أعلنت وسائل إعلام "حزب الله" عن إطلاق صواريخ على موقع رويسات العلم الإسرائيلي في تلال كفرشوبا بالقطاع الشرقي من جنوب لبنان.

كذلك، سجل تحليق كثيف لطيران الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب وفي بيروت والمناطق الساحلية، في حين تزداد حركة نزوح السكان من القرى المحاذية للحدود إلى مناطق أكثر أمناً، وقد بدأت تظهر مبادرات فردية بهذا الإطار، لفتح مراكز إيواء للنازحين، في بلدة أنصار الجنوبية، وفي بعض المدارس الرسمية والخاصة.

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي في بيان، اليوم الأحد، إن "الاتصالات الدبلوماسية التي نقوم بها دولياً وعربياً واللقاءات المحلية مستمرة في سبيل وقف الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان وجنوبه تحديداً، ومنع تمدّد الحرب الدائرة في غزة إلى لبنان".

وقال أمام زوّاره: "إنني أتفهم شعور الخوف والقلق الذي ينتاب اللبنانيين من جراء ما يحصل، ودعوات عدد من السفارات لرعاياها لمغادرة لبنان، لكنني لن أتوانى عن بذل كل الجهود لحماية لبنان".

وأشار ميقاتي إلى أن "الاجتماعات والاستعدادات التي نقوم بها من أجل وضع خطة طوارئ لمواجهة ما قد يحصل هي خطوة وقائية أساسية من باب الحيطة لأننا في مواجهة عدو نعرف تاريخه الدموي، ولكننا في الوقت ذاته مطمئنون إلى أن أصدقاء لبنان يواصلون معنا بذل كل الجهود لإعادة الوضع إلى طبيعته وعدم تطوره نحو الأسوأ".

وأضاف: "كذلك، فإن التدابير المتخذة في المطار ومن قبل شركة طيران الشرق الأوسط هي أيضاً من باب الوقاية والحذر والاعتبارات المتعلقة بإدارة المخاطر، ولم نتلق أي معطيات تفيد بأي أمر جلل قد يحصل في المطار، وبإذن الله ستكون التدابير الاستثنائية لفترة وجيزة ليعود بعدها الوضع إلى طبيعته".

وتحدث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع ميقاتي، السبت، لـ"تأكيد دعم الولايات المتحدة للشعب اللبناني كما أشار إلى القلق المتزايد المتأتي من ارتفاع مستوى التوترات على طول الحدود الجنوبية للبنان".

وفي بيان صادر عن الخارجية الأميركية، أكد بلينكن "أهمية احترام مصالح الشعب اللبناني الذي سيتأثر بانجرار لبنان إلى الصراع"، مشدداً على استمرار الدعم الأميركي للقوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي، "الضامنين الشرعيين الوحيدين لاستقرار لبنان وسلامة أراضيه".

وفي سياق الاتصالات الداخلية والخارجية، قال مصدرٌ نيابي في "حزب الله" لـ"العربي الجديد"، إن "حزب الله يتلقى العديد من الاتصالات الداخلية التي تنقل له أجواء التحذيرات الخارجية التي يتلقونها، وحول ضرورة التحييد والنأي بالنفس عن الصراع، ولكن الاتصالات يجب أن تكون مع العدو الذي هو من يرتكب الاعتداءات ويصوّب على المدنيين والصحافيين، والحزب كان واضحاً بأن كل نقطة دم ستواجَه بنقطة دم".

وأشار المصدر إلى أن "كل التهديدات والتحذيرات لن تجدي، وسمعنا بعضاً منها على لسان المسؤولين الغربيين الذين أتوا إلى بيروت في الأيام الماضية، إذ أن حزب الله في قلب المعركة ولا يمكنه أن يقف على الحياد أمام الجرائم الإسرائيلية، وكل الرسائل لن تخيفنا، وتطوّر المعركة مرتبطٌ بمساحة التدخلات الإسرائيلية".

من جانبه، قال مصدرٌ مقرّبٌ من ميقاتي لـ"العربي الجديد" إن "على العدو الإسرائيلي أن يوقف اعتداءاته على الجنوب والمدنيين والصحافيين، وعلى الدول أن تتدخل بهذا الإطار"، مشيراً إلى أن "الحكومة بدأت استعداداتها لمواجهة أي طارئ، وهناك خططٌ قيد البحث وتجري دراستها"، مضيفاً أن "الوضع اليوم مختلف تماماً عن عدوان يوليو/ تموز 2006، نظراً للانهيار النقدي وتراجع مستوى الخدمات، لكن مع ذلك، سنقوم بكل الجهود اللازمة لنكون حاضرين للأسوأ".

وفي السياق، كان وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض قد لفت لـ"العربي الجديد" إلى أن هناك خريطة جرى وضعها في الاجتماعات الوزارية، لتقسيم المناطق اللبنانية، إلى ثلاث؛ اللون الأحمر هي الأكثر عرضة للعدوان الإسرائيلي، وأخرى باللون الأصفر تأتي في المنتصف، ومجموعة ثالثة باللون الأخضر وهي الأقل عرضة، وهذه المحاكاة تستند إلى الخبرات السابقة وعدوان 2006، مستدركاً بالقول إن "المشهد قد يختلف، خصوصاً أننا أمام عدوّ يرتكب جرائم غير مسبوقة وغير متوقعة ولم نشهد لها مثيلاً في حياتنا".

وقال الأبيض إن "جهود وزارة الصحة تتركّز اليوم على مرحلة التجهيز ورفع الجهوزية، إذ إنّ المهمّ ليس عند وقوع الحدث الأمني بل كيفية التحضير لمواجهته في حال اندلاعه"، مؤكداً أنّ "موقف لبنان معروف، فهو يرفض الحرب. لكن في حال اندلعت، سوف تكون مفروضة عليه لا من اختياره، وعندها يجب أن نكون حاضرين للتعامل معها".

المساهمون