للمرة الثانية: الجمهوريون في الكونغرس يستهدفون التمويل الأميركي للاجئين الفلسطينيين

30 ابريل 2023
رفع العلم الفلسطيني من قبل متظاهر داخل مقر الكونغرس الأميركي (مايكل روبنسون تشافيز/Getty)
+ الخط -

في شهر فبراير/ شباط الماضي، تشارك السيناتور الجمهوري عن ولاية أيداهو جيم ريش، وهو نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، مع عضو مجلس النواب الجمهوري عن ولاية تكساس تشيب روي، في تقديم مشروع قانون بعنوان "المحاسبة والشفافية في أونروا". يستهدف المشروع كل التمويل الأميركي لوكالة غوث اللاجئين، التي تعنى بمساعدة 5.9 ملايين لاجئ فلسطيني. فعمل المنظمة ليس محصوراً في الضفة الغربية وقطاع غزة، بل يتعداهما إلى قطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، الذين أرغموا على مغادرة بيوتهم إلى الأردن وسورية ولبنان منذ 1948.

 

التشريع الذي يقوده الجمهوريون يمنع الولايات المتحدة من تقديم أية أموال لأونروا، إلا إذا صادق وزير الخارجية على إفادة أن أياً من مسؤولي المنظمة، أو موظفيها أو المتعاملين معها، لم يتعاطفوا مع/ أو يقوموا بأعمال معادية لإسرائيل، يشمل هذا الانخراط الدعم المادي لما يسمى أعمالاً إرهابية، ودعم حركة حماس وحزب الله، أو حتى وصف الإسرائيليين بأنهم "محتلون" أو "مستوطنون"، أو دعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، أو تأييد عودة اللاجئين الفلسطينيين. وإذا نجح التشريع، فستكون له عواقب وخيمة على اللاجئين، إذ إن الولايات المتحدة هي الممول الأكبر للمنظمة.

 

كذلك لمشروع القرار أهداف أخرى خطرة، إذ لا يهدف مشروع القرار إلى فرض تعريف جديد للاجئ الفلسطيني يرضي المصالح الإسرائيلية فقط، بل يسعى؛ على المدى البعيد، إلى تصفية قضية اللاجئين كلياً، بغرض تبرئة إسرائيل من أي مسؤولية سياسية ومالية وأخلاقية، وكأن وجود وكالة الغوث أو غيابها سيبرئ ساحة إسرائيل ومؤيديها من مسؤولياتهم التاريخية.

 

التمويل آمن اليوم لكن السياسة في الولايات المتحدة؛ للأسف، ستستمر في لعب دور كبير في حياة 5.9 ملايين لاجئ فلسطيني يعتمدون على التمويل الأميركي

من ناحية ثانية، يواجه التشريع معركة حامية قبل أن يصل إلى طاولة الرئيس للتوقيع عليه؛ لا يبدو أنه بصدد ذلك. أولاً؛ المشروع بنسختيه المختلفتين في مجلسي النواب والشيوخ طُرح في يوليو/تموز من عام 2021، أي في دورة الكونغرس السابقة (السابعة عشرة بعد المائة)، ولم يُطرَح للنقاش بعد. ثانياً؛ بينما أسفرت الانتخابات النصفية في نوفمبر 2022 عن فوز الجمهوريين برئاسة مجلس النواب، لا يزال الديمقراطيون يسيطرون على مجلس الشيوخ وعلى قوة التشريع هناك.

 

في مجلس النواب، هناك ثلاثون نائباً شاركوا النائب روي طرح التشريع في هذه الدورة، ومن المستبعد أن يجدوا نواباً ديمقراطيين يساعدونهم فيه. ورغم أنه لا يمكن الادعاء بأن الديمقراطيين في الكونغرس يعتَبَرون مؤيدين للفلسطينيين، فإن دعمهم لأونروا كان واضحاً في الماضي. في يونيو/حزيران من عام 2021، حظر السيناتور ريش؛ الذي طرح التشريع مرة ثانية في هذه الدورة، دفع 50 مليون دولار كمساعدة اقتصادية للفلسطينيين، مستخدماً قانون تايلور فورس. ولكن النائب الديمقراطي عن ولاية ميريلاند جايمي راسكن؛ وهو يهودي أميركي، بقيادة 140 نائباً ديمقراطياً كتبوا رسالة إلى السيناتور ريش، طالبوه فيها برفع الحظر عن الأموال، ما يعني أن الديمقراطيين لن ينضموا إلى الجمهوريين في دعم التشريع المستجد.

 

إذا مرّر مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون التشريع، فإن مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون سيوقفه. والنسخة الجديدة من تشريع ريش مدعومة من قبل 17 سيناتوراً جمهورياً، ولا يظهر حتى الآن أن هناك أياً من شيوخ الديمقراطيين يريد دعم التشريع. وفي ما يحتل ريش أقوى موقع جمهوري في لجنة العلاقات الخارجية، فإن رئيس اللجنة؛ السيناتور عن ولاية نيو جرسي روبرت منديز، ليس عنده أي حافز لمخالفة رفاقه الديمقراطيين عبر السماح بمناقشة التشريع في اللجنة. بالعكس، تصريح السيناتور منديز الأخير حول فلسطين وإسرائيل، يدعم إدارة الرئيس بايدن في محاولاتها المرتبكة الأخيرة لتقديم مشروع سلام مؤقت، في اجتماعَي العقبة وشرم الشيخ الأخيرين.

 

ملحق فلسطين
التحديثات الحية

من المتوقع أن يدعم الديمقراطيون أهداف سياسة الرئيس بايدن الخارجية قبل الانتخابات الرئاسية القادمة عام 2024، والإدارة قد أوضحت أنها تدعم منظمة أونروا وتمويلها. بعد أشهر من تولي جو بايدن الرئاسة فقط، نقض الرئيس قرار قطع التمويل عن الفلسطينيين، الذي أصدره الرئيس السابق دونالد ترامب، إذ قدم 150 مليون دولار لأونروا في إبريل/نيسان 2021. وبعد الإعلان عن ذلك التمويل، وقّعت وزارة الخارجية وأونروا إطاراً للتعاون يضمّن آليات للمحاسبة والشفافية حول الدعم.

 

في وقت سابق من العام الحالي؛ أعلن وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن عن 50 مليون دولار من المساعدات الأميركية لأونروا؛ خلال زيارته الأخيرة إلى رام الله. كما تتضمن الموازنة العامة التي طرحها الرئيس بايدن لعام 2024 تمويلاً لأونروا، من ضمن 3.9 مليارات دولار مخصصة لدعم اللاجئين والمهاجرين. من ناحية أخرى؛ إذا تمكن الجمهوريون من تمرير مشروع القانون الحالي، فإن الرئيس سيرفض التوقيع عليه وسينقضه، وليس هناك تأييدٌ كافٍ في الكونغرس لتأمين ثلثي الأعضاء لنقض نقض الرئيس.

 

جدد الجمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ جهودهم التشريعية الخطرة لاستهداف الدعم الأميركي، الذي يقدم مساعدة اقتصادية إنسانية وحرجة للاجئين الفلسطينيين. وفيما لا يظهر أن محاولاتهم ستكلل بالنجاح، فإن هناك احتمالاً متجدداً وممكناً من تحقيق هدفهم بعد انتخابات 2024. إذا نجح الجمهوريون في هذا المسعى، فإن العواقب ستكون وخيمة. فالولايات المتحدة تبقى الممول الأكبر لوكالة الغوث، وقرار إدارة ترامب عام 2018 بتخفيض الدعم، أدى إلى أزمة التمويل الكبرى والأكثر خطورة بتاريخ المنظمة. التمويل آمن اليوم لكن السياسة في الولايات المتحدة؛ للأسف، ستستمر في لعب دور كبير في حياة 5.9 ملايين لاجئ فلسطيني يعتمدون على التمويل الأميركي.