الحوار الاستراتيجي القطري ــ الأميركي في الدوحة: تعميق التعاون

الحوار الاستراتيجي القطري ــ الأميركي في الدوحة: تعميق التعاون الأمني والتجاري

22 نوفمبر 2022
بلينكن ونظيره القطري في واشنطن، نوفمبر 2021 (أوليفيير دوليري/فرانس برس)
+ الخط -

تعقد في الدوحة، اليوم الثلاثاء، الدورة الخامسة من الحوار الاستراتيجي القطري - الأميركي، برئاسة وزيري الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن،  الذي وصل إلى الدوحة أمس الإثنين، تزامناً مع انطلاق فعاليات بطولة كأس العالم في قطر. 

ويناقش الطرفان القطري والأميركي، في هذه الدورة، عدداً من القضايا والملفات المهمة، لا سيما التعاون الأمني والتجارة والاستثمار والتغير المناخي، إلى جانب الصحة العالمية والمساعدات الإنسانية والتنمية الدولية.

وزير الخارجية القطري: الحوار فرصة لتطوير علاقاتنا الاستراتيجية والارتقاء بها تحقيقاً لمصالحنا المشتركة

وكتب وزير الخارجية القطري، في تغريدة أمس الإثنين: "أتطلع لاستضافة صديقي وزير الخارجية بلينكن في الدوحة غداً (اليوم)، لافتتاح الدورة الخامسة من الحوار الاستراتيجي القطري - الأميركي. يوفر الحوار إطاراً محورياً لمبادرات تعزيز التعاون المشترك بيننا في شتى المجالات، وهي فرصة لتطوير علاقاتنا الاستراتيجية والارتقاء بها تحقيقاً لمصالحنا المشتركة".

نقلة نوعية في العلاقات القطرية الأميركية

وقال ماجد بن محمد الأنصاري، مستشار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، والمتحدث باسم وزارة الخارجية، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية (قنا)، إن "الحوارات الاستراتيجية تعد نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين، وتعكس مستوى الشراكة الراسخة والمتطورة بينهما في كافة المجالات".

واعتبر أن "احتفاء الجانبين أخيراً بمرور 50 سنة على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وتصنيف (الرئيس الأميركي جو بايدن) دولة قطر حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي (ناتو)، والتعاون الوثيق بين البلدين في المجالات الثنائية والإقليمية والدولية دليل على الإرادة المشتركة للدفع بالعلاقات إلى آفاق أرحب".

وأشاد الأنصاري "بالشراكة الأمنية القوية بين البلدين، بما في ذلك التعاون في إنفاذ القانون والطيران وأمن الحدود، ومكافحة التطرف العنيف ومكافحة الإرهاب وتمويل الإرهاب"، مجدداً التأكيد على "التزام دولة قطر بتقديم 75 مليون دولار على مدى خمس سنوات وتنفيذ الجهود لدعم عمل مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب".

التعاون في عملية الإجلاء من أفغانستان

وشدد على أن "الشراكة المتميزة التي أظهرها البلدان في الملف الأفغاني، لا سيما بشأن الإجلاء، تعكس بوضوح المستوى الرفيع الذي وصلت إليه العلاقات الراسخة بينهما". وقال الأنصاري إن "دولة قطر تعمل في بيئة من التحالفات الدولية والثنائية والمتعددة الأطراف، وتعتبر الولايات المتحدة أقوى حليف وأهم شريك في كثير من المجالات"، معرباً عن ثقته في استمرار التعاون الاستراتيجي الوثيق بين البلدين في الملفات المختلفة.

وكان بلينكن قد غادر واشنطن، أول من أمس الأحد، متوجهاً إلى الدوحة للمشاركة في الحوار الاستراتيجي بين البلدين، وتهنئة قطر على استضافة كأس العالم، وحضور المباراة الأولى لمنتخب بلاده مع منتخب ويلز، والتي أقيمت على ملعب أحمد بن علي أمس الاثنين. 

وذكرت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، الأحد الماضي، "أن الولايات المتحدة وقطر تتمتعان بشراكة وثيقة لأكثر من 50 عاماً"، وأضافت أن الشراكة تعمقت أكثر في يناير/ كانون الثاني الماضي عندما استضاف البيت الأبيض أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أول زعيم خليجي يزور واشنطن منذ تولى الرئيس (جو) بايدن، منصبه" في 20 يناير 2021. وكان بايدن قد وجه، في مارس/ آذار الماضي، مذكرة إلى بلينكن، تتضمن تصنيفه دولة قطر حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي (ناتو).

التزام أميركي بالتحالف مع قطر

واعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر محمد المسفر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تزامن عقد الدورة الخامسة من الحوار الاستراتيجي القطري الأميركي مع انطلاق بطولة كأس العالم، التي شهدت حضوراً رفيع المستوى من زعماء عرب وأجانب، يظهر الالتزام الأميركي القوي بالتحالف الاستراتيجي بين واشنطن والدوحة، ولفت إلى الحملة الشرسة على دولة قطر على خلفية تنظيمها بطولة كأس العالم، والتي حاولت النيل من هذا المنجز وعرقلة تنظيمه.

محمد المسفر: الملف الإيراني الذي وصل إلى طريق مسدود، سيكون حتماً على جدول أعمال هذه الدورة

وحول أبرز القضايا العربية والدولية التي سيتم بحثها بين البلدين، قال المسفر إن الملف الإيراني الذي وصل إلى طريق مسدود سيكون حتماً على جدول أعمال هذه الدورة، حيث تؤدي دولة قطر دوراً ميسراً في محاولة تقريب وجهات النظر بين واشنطن وطهران بشأن العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني.

وأشار المسفر إلى أن قضايا، مثل لبنان وفلسطين، إلى جانب بعض الملفات الخليجية العالقة ستكون أيضاً على جدول الأعمال، خاصة ما يتعلق منها بالبرود في العلاقات بين بعض الدول الخليجية ودولة قطر، رغم اتفاق العلا (في 4 يناير/ كانون الثاني 2021)، الذي طوى صفحة الأزمة الخليجية، حيث سيكون هذا الملف حاضراً على جدول الأعمال، لأن واشنطن شريكة في حفظ الأمن بمنطقة الخليج.

وقال مدير مركز "دراسات النزاع والعمل الإنساني" غسان كحلوت، لـ"العربي الجديد": نأمل أن تعزز هذه الجولة من الحوار الفرص لإحلال السلام ومنع النزاعات وتخفيف حدتها، والتعاون المشترك في قضايا حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية، والتبادل الثقافي والتعليمي، إقليمياً ودولياً. 

وحول أهمية توقيت عقد الحوار اعتبر أنه مع إبهار تنظيم كأس العالم وظهور قطر بمظهر يعطي انطباعاً بأنها الدولة التي تستطيع أن تلعب دوراً رئيسياً كنقطة تلاقي للعالم، شمالاً وجنوباً، تأتي أهمية انعقاد الدورة الخامسة للحوار الاستراتيجي القطري الأميركي في الدوحة. ولا بد من التذكير أنه عبر السنوات الماضية كان للحوار القطري الأميركي فوائد جمة، تجلت في التعاون في الملف الافغاني، إذ ساعدت قطر في إجلاء الآلاف من أفغانستان والتوصل إلى تسوية في هذا الملف.

الاتفاقيات تعطي دفعة قوية للشراكة القطرية الأميركية

وجسّد الحوار الاستراتيجي بين دولة قطر والولايات المتحدة منذ انطلاقته في العام 2018، الشراكة القوية بين البلدين، حيث شكلت مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي جرى إبرامها على مدار السنوات الأربع الماضية دفعة قوية للشراكة التاريخية بين البلدين، والتي تشمل كل المجالات، حيث تجاوزت الشراكة الاقتصادية بين الدوحة وواشنطن 200 مليار دولار في مجالات التجارة والاستثمار.

وشهد العام الماضي التوقيع على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في عدد من القطاعات، بما في ذلك الترتيبات بشأن حماية المصالح الأميركية في أفغانستان، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون لاستضافة الأفراد المعرضين للخطر بسبب الوضع في أفغانستان.

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، وعلى هامش زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للبيت الأبيض، حيث اجتمع مع بايدن، أعلنت شركة الخطوط القطرية توصلها إلى اتفاق لشراء ما يصل إلى 50 طائرة من طراز "بوينغ 737 ماكس" من إنتاج شركة "بوينغ" الأميركية، بقيمة تتجاوز 20 مليار دولار.

ماجد الأنصاري: الشراكة في الملف الأفغاني تعكس المستوى الرفيع الذي وصلت إليه العلاقات بين قطر وأميركا
 

وتم وقتها توقيع الاتفاق في البيت الأبيض، بحضور وزيرة التجارة الأميركية جينا رايموندو، ورئيس شركة "بوينغ" ديف كالهون، والرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية أكبر الباكر. وشملت الصفقة طلباً منفصلاً لشراء 34 طائرة شحن ذات محركين من طراز "بوينغ 777 إكس"، لتصبح الشركة القطرية أول مشترٍ لطائرة الشحن المستقبلية.

وكان الجانبان قد بحثا، خلال الدورة الرابعة من الحوار الاستراتيجي بين قطر والولايات المتحدة، التي عقدت في واشنطن، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، القضايا الإقليمية والعالمية وتعزيز التعاون الثنائي في مجالات الصحة والمساعدات الإنسانية والتنمية الدولية، وأيضاً حقوق الإنسان والتعاون الإقليمي وتغير المناخ، فضلاً عن التجارة والاستثمار والثقافة والتعليم، وفق البيان الختامي للدورة.

قطر شريك بتعزيز الاستقرار الإقليمي

وأشار وزير الخارجية الأميركي، في ختام اجتماعات الدورة الرابعة، إلى أن دولة قطر تُعد شريكاً مهماً في تعزيز الاستقرار الإقليمي، ليس فقط باستضافة القوات الأميركية التي توفر الأمن في جميع أنحاء المنطقة، ولكن أيضاً بتقديم المساعدات الاقتصادية والإنسانية للأشخاص في المواقف والأوقات الصعبة. 

ولفت الوزير الأميركي، وقتها، إلى أن دولة قطر تبرعت على مدى العقد الماضي بأكثر من 1.3 مليار دولار من المساعدات للفلسطينيين في غزة، وقدمت دعماً كبيراً للشعب اليمني، بما في ذلك 100 مليون دولار تعهدت بها في أغسطس/ أب 2021، و90 مليون أخرى تبرع بها أمير دولة قطر من خلال برنامج الغذاء العالمي. 

واعتبر بلينكن أن العلاقة بين دولة قطر والولايات المتحدة أقوى من أي وقت مضى، معرباً عن اعتقاده أنها "ستقوى وتزدهر بشكل أعمق وأكثر تنوعاً لصالح شعبي البلدين والشعوب الأخرى".