الدوسري: الكويت بحاجة لتعديلات دستورية تُحدث إصلاحاً سياسياً شاملاً

05 يونيو 2023
الدوسري: هناك حاجة للتطور الديمقراطي في الكويت (العربي الجديد)
+ الخط -

أصبحنا على أبواب رئاسة الوزراء الشعبية

أخوض الانتخابات مستقلاً ولا أمثل حركة العمل الشعبي

نظام القوائم النسبية يحوّل الصراع الانتخابي إلى صراع فكري

الإصلاح شرط مد يد التعاون مع الحكومة

تستعد الكويت لإجراء انتخابات جديدة لاختيار أعضاء مجلس الأمة (البرلمان)، غداً الثلاثاء، وهي الثالثة من نوعها خلال عامين ونصف العام فقط، منذ تقلّد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح منصب أمير البلاد، أواخر سبتمبر/ أيلول 2020.

"العربي الجديد" قابلت مرشح الدائرة الخامسة التي تضم مناطق محافظتي الأحمدي ومبارك الكبير محمد مساعد الدوسري، وأجرت معه هذا الحوار الخاص، بدءاً من تشخصيه لأزمة الكويت السياسية، مروراً بشكل المشهد العام المقبل بعد الانتخابات، والأسباب التي دفعته إلى الترشح في هذا التوقيت، وعمّا إذا كان يخوض هذه الانتخابات ممثلاً عن حركة العمل الشعبي، وعن قائمة الأولويات لديه بعد الوصول إلى البرلمان، وما هي شروطه نحو مد يد التعاون مع الحكومة المقبلة.

*ما هو تشخيصك لأزمة الكويت السياسية اليوم؟
أعتقد أن النظام السياسي في الكويت بشكله القائم لم يعد قابلاً للاستمرار ما لم يكن هناك تطوير حقيقي بالانتقال من النظام الحالي إلى نظام أكثر تطوّراً يحاكي احتياجات المستقبل.

طُرحت فكرة رئاسة الوزراء الشعبية في السنوات الماضية وكانت مثاراً للجدل، وأعتقد أننا أصبحنا على أبواب تقبّل هذه الفكرة في السنوات المُقبلة، ولا أستبعد أن تكون واقعاً قريباً، مع وجود هذا النمط من رئاسات مجلس الوزراء في السنوات الأخيرة، مع ضرورة وجود تعديلات دستورية، لكن تخضع لوجود مناخ قادر على استيعاب حاجة التطور الديمقراطي في الكويت، وتلاقي الإرادتين الأميرية والشعبية، ممثلةً بنوّاب مجلس الأمة. فإذا كانت الظروف مناسبة، والمناخ ملائم للأوضاع، أعتقد أن هناك حاجة لتعديلات دستورية تتوسع من خلالها الحقوق والحريات للشعب الكويتي، وتتناغم مع احتياجات العصر، بعد مُضي أكثر من 60 عاماً على إقرار الدستور.

*كيف ترى مشهد الكويت العام بعد يوم الاقتراع في 6 يونيو/حزيران الحالي؟
هناك ضرورات ملحّة في الفترة المُقبلة تبدأ بإصلاح سياسي شامل، حتى نخرج من الدوامة التي استمرت لسنوات طويلة، لأن الوضع القائم بهذا الشكل، بلا إصلاحات سياسية شاملة، مدعاة للاستمرار في الدوامة ذاتها.

الدوسري: الوضع القائم بهذا الشكل، بلا إصلاحات سياسية شاملة، مدعاة للاستمرار في الدوامة ذاتها

الصراع جزء من المشهد المُقبل، لكنّه سيكون محدوداً مقارنةً بالفترة السابقة، لأن هناك إجماعاً من قِبل السلطتين، السلطة التنفيذية وأغلبية في السلطة التشريعية المتوقعة، على إبعاد أيادي الفاسدين التي عاثت فساداً في السنوات الماضية، وستكون مهمّشة في المرحلة المُقبلة لضرورات مرتبطة بضرورة نهضة البلاد، وتحركها بعد وجود شلل سيطر على مؤسسات الدولة، وركود في الشؤون الاقتصادية والتجارية، وانعدام وجود مشاريع حقيقية مستقبلية كبرى تنطلق الكويت من خلالها إلى المستقبل. وكل هذه الأمور تقف على تحييد جبهة كانت تجثم على صدر أبناء الشعب الكويتي طوال السنوات الأخيرة، وأعتقد أنها تحتضر، وإن كانت تُنافس بقوة في الانتخابات، إلا أنها تلاقي رفضاً شعبياً كبيراً.

* نشطت في الفضاء العام لأكثر من 15 عاماً، لماذا قررت تحديداً خوض انتخابات مجلس الأمة 2022 ثم هذه الانتخابات؟
هناك اعتقاد من قِبلي، على الأقل على المستوى الشخصي، أنني قادر على إحداث تغيير مع من يوائم فكري الذي أحمله. نحن جيل لنا تطلعات ولنا رؤية للمستقبل، ونرى أن الأوضاع بالكويت في السنوات الأخيرة أصبحت طاردة لكل الكفاءات والمُبدعين والشخصيات، حتى على مستوى الأدب والفن وغيره، كل هذه الأمور أصبحت تضمحل أخيراً وتتراجع بقوة. جيلنا حظي بفرصة كبيرة لأن ينمو في ظل مناخ سياسي واجتماعي واقتصادي وأدبي يساعد على الإبداع والابتكار والخروج بأفكار جديدة.

جيلنا، الذي أخذ حقه في تلك السنوات، يرى أن الجيل الحالي مظلوم، وهناك أجيال مقبلة ما لم تُوجد لها فرص كما حصل عليه جيلنا ستكون فرصها للأسف منعدمة في المستقبل، وغير قادرة على أن تبتكر وتُبدع كما حظينا نحن في وقتنا.

*خضت الانتخابات الأخيرة ممثلاً عن حركة العمل الشعبي، ماذا عن هذه الانتخابات؟
آثرت حركة العمل الشعبي أن تمتنع عن خوض انتخابات هذا العام، وأعطت الصلاحية والحق لمنتسبيها في حريّتهم بمسألة خوض الانتخابات من عدمها. لذلك أنا أخوض هذه الانتخابات مستقلاً، مع كامل التقدير والاحترام لزمالتي وصداقتي مع الإخوة في الحركة، ولن تؤثر هذه الانتخابات في علاقتنا. وأعتقد أنها فرصة جديدة وقد تفتح لي آفاقاً ومساحات جديدة للتحرك في الساحة الانتخابية والسياسية.

*ما هي قائمة أولوياتك في حال وصولك إلى البرلمان؟
أولوياتي تنصبّ على مسارين، مسار يرتبط بالإصلاح السياسي الشامل، ومسار آخر مرتبط بتحسين الظروف المعيشية للمواطن الكويتي، خصوصاً من الطبقة المتوسطة والمحدودة الدخل.

الدوسري: أولوياتي تنصبّ على مسارَي الإصلاح السياسي الشامل وتحسين الظروف المعيشية للمواطن

الكويت اليوم تحتاج إلى إصلاح سياسي شامل حتى نخرج من الدوامة التي استمرينا فيها طويلاً، مثل تدشين المفوضية العليا للانتخابات، وتعديل قانون المسيء، ورد الاعتبار بإلغاء التجريم الأبدي والسلب الأبدي لحقوق المواطنين الكويتيين بالترشح للانتخابات، وأيضاً إصلاح النظام الانتخابي من حيث تقسيم الدوائر والكتل الانتخابية، ورفع عدد الأصوات الممنوحة للناخب الكويتي حتى تتعدد اختياراته، وإقرار القوائم النسبية، حتى نستطيع من خلال هذه القوائم تحقيق تعاون جديّ بين الكتل البرلمانية داخل مجلس الأمة، وتحويل الصراع أو التنافس الانتخابي من تنافس بين الطوائف والملل والفئات والقبائل إلى صراع فكري قائم على صبغة فكرية لكل قائمة.

وأعتقد أننا بحاجة إلى ذلك بشدة في الفترة المُقبلة. كما لا نستبعد القضايا المعيشية، لأنها ضرورة في هذه المرحلة وليست ترفاً، وإصلاح الوضع المعيشي الذي تتعرض له الأسرة الكويتية الصغيرة من الطبقة المتوسطة والمحدودة الدخل، خصوصاً مع وجود تضخم عال، وتراجع القوة الشرائية للدينار الكويتي، وغلاء الأسعار التي جعلت مداخيل الأسرة الكويتية العادية لا تكفي لسداد التزاماتها الناتجة عن هذه الظروف الصعبة التي وُضعت فيها.

*ما هي شروط مد يد التعاون مع الحكومة المقبلة؟
مهم جداً في المرحلة المقبلة أن تكون هناك نيّة حقيقية للإصلاح لدى الحكومة، ممثلة برئيس مجلس الوزراء، مرتبطة بنظافة يد المسؤولين ممن يتم اختيارهم، سواء في الوزارة الجديدة أو في الوظائف الإشرافية، ومرتبطة بمخطط جاد للمستقبل يُعطي تصوراً واضحاً لأبناء الشعب الكويتي ولأجياله القادمة بفترة زمنية محددة نحو بناء كويت حديثة تتواكب مع العصر، وتساعد على نهوض البلاد من جديد، بعدما غرقنا لسنوات عديدة في الفساد.

وإذا لم تتوفر هذه الشروط، فأنا أعتقد أنه لن يكون هذا الأمر مقبولاً من جانبنا، لكننا متفائلون في هذا الجانب، وفي تصوري أن السلطة التنفيذية في المرحلة المُقبلة أكثر اهتماماً وأكثر واقعيةً، وعلى معرفة بأن تعطّل مناحي الحياة، والشلل الذي أصاب البلاد في السنوات الأخيرة له أثر مدمر كبير ما لم تتداركه، وأن الوقت لم يعد ترفاً نملكه في قادم الأيام.

محمد مساعد الدوسري في سطور:
محمد مساعد الدوسري حاصل على شهادة الدكتوراه في القانون، مُنتسب إلى "حركة العمل الشعبي" (حشد)، التي يتزعمها المعارض السياسي البارز مسلّم البراك، والتي اخُتير فيها رئيساً للمكتب القانوني من قِبل أعضاء الأمانة العامة للحركة، في مايو/ أيار 2022.

خاض انتخابات مجلس الأمة لأول مرة في الانتخابات الأخيرة ممثلاً عنها في الدائرة الخامسة، من دون أن يُكتب له النجاح، بحصوله على 3387 صوتاً. اشُتهر بدفاعه أمام المحاكم عن قضايا الحراك الاحتجاجي المعارض في الكويت، وقدّم برنامجين، هما "الكلام الحر" و"180 درجة" على قناة "اليوم" المعارضة، والتي أغلقتها الحكومة في يوليو/ تموز 2014.