الكويت: حكم بالسجن 4 سنوات بحق الناشط مساعد القريفة

22 مايو 2024
الناشط السياسي الكويتي مساعد القريفة (إكس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- محكمة الجنايات بالكويت تحكم بسجن الناشط السياسي مساعد القريفة أربع سنوات بتهمة "التطاول على مسند الإمارة"، مما يعكس التوتر بين السلطات والمعارضة.
- القريفة، قائد بارز في الحركة المعارضة ومرشح سابق للانتخابات، لم يفز بعضوية البرلمان لكن حقق دعماً شعبياً ملحوظاً، مستفيداً من "مرسوم الضرورة" الذي سمح له بالترشح.
- القضية أثارت تفاعلات واسعة ووقفات تضامنية، تعكس الانقسامات حول حرية التعبير، في ظل استمرار المحاكمات بتهم مشابهة وفق قانون أمن الدولة والدستور الذي يحمي ذات الأمير.

أصدرت محكمة الجنايات في الكويت، اليوم الأربعاء، حكماً بحبس الناشط السياسي مساعد القريفة وهو المرشح السابق لانتخابات مجلس الأمة (البرلمان)، التي أُجريت أخيراً في الرابع من إبريل/ نيسان الماضي. وجاء قرار المحكمة بسجن القريفة لمدة أربع سنوات مع الشغل والنفاذ، في قضية "أمن دولة" على خلفية ما تضمّنه خطابه في الندوة السياسية خلال موسم الانتخابات، من "التطاول على مسند الإمارة".

ويُعتبر مساعد القريفة واحداً من أبرز قادة الشباب في الحراك الاحتجاجي المعارض قبل عشرة أعوام، وتقلّد خلال ذلك الحراك منصب عضو المكتب السياسي في "ائتلاف المعارضة" عام 2014، وهو التجمع الذي ضمّ تحت مظلته القوى السياسية المُعارضة في الكويت احتجاجاً على "مرسوم الضرورة" (مرسوم أميري في غياب البرلمان) صدر عام 2012، وقلل بموجبه أمير الكويت الأسبق الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، النظام الانتخابي من الإدلاء بأربعة أصوات لأربعة مرشحين في كل دائرة انتخابية، إلى صوت واحد لمرشح واحد فقط في الدائرة. وقاد الائتلاف حينها عدة تجمعات احتجاجية ضد نظام الانتخابات الجديد، كما كان من بين ما تمخّض عن الائتلاف إصداره مسودة لتعديل الدستور الكويتي، اشتملت على تعديل نحو 36 مادة.

وخاض مساعد القريفة انتخابات مجلس الأمة الكويتي لأول مرة عام 2022، والتي شُطب فيها بسبب قانون الانتخابات السابق، الذي يحرم كل من أُدين على خلفية قضايا المساس بـ"الذات الأميرية" من الترشح للانتخابات حرماناً أبدياً، قبل أن يسمح "مرسوم الضرورة" الصادر في 21 فبراير/شباط الماضي، بشأن انتخابات أعضاء برلمان 2024، باستئناف المشاركة السياسية من جديد، في حال "ردّ الاعتبار" إلى المحرومين، وهو ما تحقق للقريفة، حيث ترشح للانتخابات الأخيرة، وعلى الرغم من عدم نيله لعضوية البرلمان، إلا أنه حقق مركزاً متقدماً بحلوله في المركز الـ13 عن الدائرة الرابعة (خمس دوائر في الكويت تنتخب كل دائرة عشرة أعضاء)، بعد حصوله على 5350 صوتاً.

وكان الناشط قد تحدث خلال ندوته الانتخابية عن "الفرصة الأخيرة" لأسرة الحكم (آل الصباح) في إدارة حكومة دولة الكويت، بسبب سوء نهجها في الإدارة، مُحذراً من استمرار ذات النهج في المرحلة المقبلة، رغم تشديده على أنّ للأسرة الحاكمة في ذرية الشيخ مبارك الصباح "بيعة في أعناقنا". وعلى خلفية هذا الجزء من الخطاب، وجهت إليه النيابة العامة عدة تهم، من بينها "الطعن في صلاحيات الأمير"، و"التطاول على مسند الإمارة".

وكانت النيابة العامة في الكويت قد أمرت، في 24 إبريل/ نيسان الماضي، بحبس القريفة مدة 21 يوماً على ذمة التحقيق، وإحالته إلى السجن المركزي، بعد يوم واحد من اعتقاله من قِبل جهاز أمن الدولة في وقت متأخر، والذي أثار حينها موجة من ردود الأفعال الغاضبة على طريقة اعتقاله، التي وُصفت بـ"البوليسية" واعتُبرت "تعسفاً" باستخدام القانون، لا سيما من قبل أعضاء البرلمان الذي حُلّ فيما بعد، قبل أن تُحيله النيابة العامة لاحقاً إلى محكمة الجنايات. وعُقدت أولى جلسات محاكمة مساعد القريفة لدى محكمة الجنايات، في الأول من مايو/ أيار الحالي، ثم جلسة كل أسبوع لأربعة أسابيع متتالية، قبل أن تصدر حكمها اليوم بحبسه مدة أربع سنوات مع الشغل والنفاذ.

ونُظّم "مشروع الشباب الإصلاحي" ثلاث وقفات تضامنية مع مساعد القريفة ضد استمرار حبسه، في ديوانية الأخير (ملحق متصل بالبيوت يتجمع فيه الرجال)، في ذات اليوم من قرار النيابة العامة بحبسه، ثم في 29 من نفس الشهر، وأخيراً في السادس من مايو/ أيار الحالي، والتي حضر إليها عدد واسع من النوّاب والنوّاب السابقين، والناشطين السياسيين وغيرهم، وأُقيمت ندوتان تُنددان باعتقال القريفة في التجمع الثاني والثالث، شارك فيها نوّاب وممثلو تيارات سياسية فاعلة، قبل أن تتوقف بعد إعلان أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، في 10 مايو/ أيار، حلّ مجلس الأمة، ووقف العمل في بعض مواد الدستور.

وبعد يوم واحد من إعلان أمير الكويت بحلّ البرلمان والتعليق الجزئي للدستور، أعلنت النيابة العامة في 11 مايو/ أيار، حبسها مواطناً احتياطياً، وحجز وضبط وإحضار آخرين، وذلك لطعنهم في حقوق وسلطات الأمير، والعيب في ذاته والتعرض لشخصه بالنقد، عبر منصات التواصل الاجتماعي، من دون أن تُشير إلى أسمائهم أو صفاتهم، والذين تبّين فيما بعد أنهم النائب السلفي السابق وليد الطبطبائي، والنائب في المجلس المنحلّ أخيراً أنور الفكر، والمواطن محمد الحشان العجمي المغرد تحت الاسم المستعار "نيرون". وفي ذات اليوم، أمرت النيابة العامة بحبس الطبطبائي والعجمي وإحالتهم إلى السجن المركزي. ويوم الأحد الماضي، أمرت بذات الشيء للفكر، بعدما توجّه إليها بنفسه في اليوم ذاته، بعد أيام من انتشار خبر بوجود أمر ضبط وإحضار بحقه.

وفيما عُقدت أولى جلسات محاكمة الطبطبائي لدى محكمة الجنايات، يوم الاثنين الماضي، التي قررت استمرار حبسه ورفضت طلب إخلاء سبيله، وحددت الجلسة المُقبلة في الثالث من  يونيو/حزيران القادم، من أجل المرافعة، من المُنتظر أن يمثل أمامها أنور الفكر في 28 مايو/ أيار، بعدما حُدد أمس الاثنين هذا الموعد لأولى جلسات محاكمته، بينما من غير المعروف بعد أية تفاصيل متعلقة باستمرار حبس أو محاكمة المغرد باسم مستعار "نيرون" المواطن محمد الحشان العجمي.

ومن بين ما تستند إليه محكمة الجنايات في مواجهة المسجونين السياسيين الأربعة، وقبلها أوامر النيابة العامة الصادرة أخيراً، المادة 25 من قانون أمن الدولة الكويتي، التي تنصّ على أنه "يُعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات، كل من طعن علناً أو في مكان عام، أو في أي مكان يستطيع سماعه أو رؤيته من كان في مكان عام، عن طريق القول، أو الصياح، أو الكتابة، أو الرسوم، أو الصورة، أو أي وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الفكر، في حقوق الأمير وسلطته، أو عاب في ذات الأمير، أو تطاول على مسند الإمارة". كما تنصّ المادة 54 من الدستور الكويتي على أن "الأمير رئيس الدولة، وذاته مصونة لا تُمسّ".

وكانت المحكمة الدستورية قد حسمت الجدال السياسي والقانوني حول المادة 25 من قانون أمن الدولة، والذي استمر طويلاً، خصوصاً في زخم الحراك الاحتجاجي المُعارض قبل أكثر من عقد، بعد الطعن لديها من قِبل نوّاب سابقين ومغردين على دستورية المادة، حيث حكمت بدستوريتها، وسلامة النصّ القانوني بعدم تعارضه مع نصوص الدستور الكويتي، وبما يتوافق مع مواد الأخير التي تناولت ذات الأمير وصلاحياته الدستورية.