تطور عمليات حزب الله ضد جيش الاحتلال: أسلحة جديدة ودلالات عسكرية

17 مايو 2024
قوات الاحتلال تتحقق من مبنى أصابه صاروخ لحزب الله في كريات شمونة، 27 مارس 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- حزب الله يكشف عن ترسانته العسكرية المتقدمة وينفذ عمليات ضد القوات الإسرائيلية، مستخدمًا مسيرات مسلحة وصواريخ في عملية "المطلة"، مما يمثل تطورًا في قدراته العسكرية.
- تصاعد وتيرة العمليات العسكرية مع تكثيف الهجمات على القواعد الإسرائيلية واستهداف مناطيد التجسس، مشيرًا إلى استخدام أسلحة ثقيلة ومتطورة وتنفيذ كمائن ضد قوات الاحتلال.
- استمرار التصعيد من جانب حزب الله مع تركيز على استخدام الطائرات المسيرة لضرب أهداف إسرائيلية ذات قيمة، مع الإشارة إلى أن الحزب لم يكشف بعد عن كامل قدراته العسكرية والاستطلاعية.

تطورت عمليات حزب الله ضد الاحتلال مع كشفه أكثر عن ترسانة أسلحته

في عملية "المطلة" أغار الحزب لأول مرة على موقع إسرائيلي بالصواريخ

محلل: تطور عمليات الحزب رسالة بأنّ الحرب الشاملة لن تكون نزهة

شهدت العمليات العسكرية التي يشنّها حزب الله على مواقع جيش الاحتلال الإسرائيلي وتجمّعاته تطوّراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة مع كشفه أكثر عن ترسانة أسلحته وصواريخه وفرضه معادلات جديدة في الميدان تشي بمسارٍ مختلفٍ قد تسلكه الحرب في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن الأجواء الراهنة سياسياً ودبلوماسياً، توحي بأنّ إطلاق النار على جبهة لبنان الجنوبية المستمرّ منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لن يتوقف، أقلّه في القريب العاجل، وقبل انتهاء العدوان على غزة.

وتطورت عمليات حزب الله ضد جيش الاحتلال منذ أيّام بالتزامن مع تكثيف الأخير استهدافه للمدنيين في القرى والبلدات الحدودية، جنوبي لبنان، واغتيالاته لقادة عسكريين ميدانيين في المقاومة، وتوسيع رقعة غاراته لتطاول نقاطاً من خارج قواعد الاشتباك ودائرة القرار الدولي رقم 1701، أبرزها، في قضاء صيدا، والبقاع، باعتبارها الأعنف منذ 8 أكتوبر الفائت، وحرب يوليو/ تموز 2006.

وشكّلت عملية "المطلة"، يوم أمس الخميس، نقلة نوعية على مستوى كشف حزب الله قدراته العسكرية، باعتبارها المرّة الأولى التي يغير فيها على موقع إسرائيلي بالصواريخ ومن ثم ينقض على الهدف، بحيث "هاجم الموقع وحاميته وآلياته بمسيّرة هجومية مسلّحة بصاروخي (S5)، وعند وصولها إلى النقطة المحددة لها أطلقت صاروخاً على إحدى آلياته والعناصر المجتمعة حولها وأوقعتهم بين قتيل وجريح وبعدها أكملت انقضاضها على الهدف المحدد لها وأصابته بدقّة"، وفق بيان للحزب.

ونشر الإعلام الحربي في حزب الله مميزات سلاح (S5) الذي استخدمه في استهداف موقع "المطلة،" مشيراً إلى أنه سلاح صاروخي / جو أرض، طوله 1.4 متراً، ووزنه 5 كيلوغرامات، ومداه 4 كيلومترات، وهو صاروخ غير موجّه من عيار 55 مليمتراً، تستخدمه القاذفات المقاتلة والمروحيات، ويعمل بالوقود الصلب، ورأسه الحربي شديد الانفجار، ومزود بصمام صدم ميكانيكي.

كذلك، وفي سياق تطور عمليات حزب الله ضد جيش الاحتلال، يكثف الحزب من نصبه كمائن مركبة ونارية لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وشنّه هجمات جوية بمسيّرات انقضاضية على قواعد عسكرية، آخرها اليوم الجمعة على المقرّ المستحدث لقيادة كتيبة المدفعية 411 في جعتون، حيث "استهدفت خيم استقرار ضباطها وجنودها ومبيتهم، فأصابت أهدافها ‏بدقة وأوقعت عدداً منهم بين قتيلٍ وجريح"، وفق بيان للحزب.

وبرز أيضاً استهدافه لمنطاد تجسّسي ضخم قرب طبريا، يوم الأحد الماضي، واستخدامه لصواريخ ثقيلة جديدة باسم جهاد مغنية، (نجل عماد مغنية، من كبار قادة حزب الله، وقتل عام 2015 بغارة إسرائيلية على موكب مع قياديين في الحزب في القنيطرة)، تعدّ شديدة الانفجار وأبعد من حيث المدى.

في الإطار، يقول مصدر نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد"، إنّ "عمليات حزب الله ضد جيش الاحتلال لا تزال في بداياتها من حيث نوعيتها، والأسلحة المستخدمة، وما استعمل منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، ليس إلا القليل، والعدو سيُفاجأ بقدرات المقاومة العسكرية، والاستطلاعية، وأنظمتها الدفاعية الجوية، عدا عن امتلاكها مسيّرات بمختلف الأحجام، لم يكشف عنها كلّها بعد، وصواريخ قادرة على إصابة أهدافها بدقة والوصول إلى العمق الإسرائيلي"، مشيراً إلى أنّ "كل الضربات موجعة للعدو وإن لم يقرّ بذلك وبالخسائر التي يتعرّض لها".

دلالات ومؤشرات تصعيد عمليات حزب الله

في السياق، يقول العميد منير شحادة، منسّق الحكومة اللبنانية لدى قوات الأمم المتحدة المؤقتة "يونيفيل" سابقاً، لـ"العربي الجديد"، إنّ "التصعيد من جانب حزب الله خصوصاً بعد العملية المزدوجة التي نفذها ضد موقع عرب العرامشة، في إبريل/ نيسان الماضي، له دلالات ومؤشرات عدة، وفيه رسائل ردعية وتحذيرية لإسرائيل، منها أنها لو أرادت أن تفتح حرباً شاملة، فإنّ المقاومة جاهزة وحاضرة ولديها العديد من المفاجآت لم تظهرها بعد، كما تأتي رداً على تهديد إسرائيل باجتياح رفح، وتنفيذ عملية عسكرية برية في الجنوب اللبناني، وعلى الاغتيالات الإسرائيلية التي تطاول كوادر من المقاومة ومدنيين".

ويلفت شحادة إلى أنّ "إسرائيل استخدمت منذ 8 أشهر لغاية اليوم سواء في غزة أو على صعيد لبنان 85% من قدراتها القتالية، نوعاً وليس كمّاً، في حين أنّ المقاومة في لبنان لم تستخدم سوى 25% من قدراتها القتالية، وأيضاً نوعاً وليس كمّاً، ما يعني أن هناك الكثير من المفاجآت بعد بيد حزب الله، الذي يلجأ إلى الكشف عن أسلحته بطريقة ذكية، تباعاً وتصعيدياً".

كذلك، يلفت شحادة إلى أنّ "المقاومة أظهرت قدرتها على إرسال طائرات تجسّسية تقوم بالتصوير ومن ثم تعود أدراجها، وأخرى انقضاضية، في حين لم تتمكن القبة الحديدية من التصدّي لها، أو حتى لطائرات الإشغال، وهذا يعود إلى استهداف حزب الله المنظومة الجوية الإسرائيلية، سواء على صعيد العواميد المنتشرة على طول الحدود اللبنانية وكاميرات المراقبة وآلات التجسّس العالية الدقة المثبّتة عليها وتقنياتها، وضربه قاعدة ميرون أكثر من مرّة، وإسقاطه أيضاً المنطاد الإسرائيلي مقابل طبريا، ما جعل الإسرائيلي يفقد السيطرة الجوية والتحكم الجوي في الجبهة الشمالية وجعل القبة الحديدية بمتفرّعاتها غير فعّالة باتجاه المسيّرات الانقضاضية والتجسّسية".

ويردف شحادة: "طائرات المقاومة باتت قادرة على أن تسرح وتمرح فوق سماء إسرائيل، بدليل أنّ المقاومة عدا عن إظهارها يوم الخميس المسيّرة التي تحمل صاروخين من نوع (S5)، أرسلت طائرة سبقتها، عمدت إلى تصوير الهدف وعادت إلى قواعدها سالمة مع المعلومات التي جمعتها، ما يعني أنّ للمقاومة قدرة استطلاعية قوية ناتجة عن تعطيل منظومة المراقبة والتجسّس والتحكم الجوي في الجبهة الشمالية، من العواميد إلى قاعدة ميرون فالمناطيد".

ويلفت شحادة أيضاً إلى أنّ "تركيز عمليات حزب الله على الطائرات المسيّرة والانقضاضية يعود إلى كونها أرخص من حيث الثمن، ولا تتخطى آلاف الدولارات، لكنها في المقابل، مؤذية لإسرائيل، وقادرة على ضرب أهدافٍ بملايين الدولارات، على سبيل المثال المنطاد الإسرائيلي، مقابل طبريا، الذي يُعدّ من الأضخم في العالم، وفيه تجهيزات تجسسية كثيرة"، مشيراً إلى أنّ "حزب الله يستخدم في كلّ مرة مسيّرات جديدة تختلف عن تلك التي دأب على استعمالها في بدء الحرب، أي (شاهد 136)، منها التي لجأ اليها باستهداف عرب العرامشة، وكذلك التي أعلنها أمس الخميس".

كذلك، يتوقف شحادة عند إسقاط حزب الله لطائرات مسيّرة إسرائيلية، أبرزها هيرمز 450، وهيرمز 900، ليقول إنّ "ذلك يظهر أن لدى المقاومة صواريخ مضادة للطائرات الحربية، ولا تُحمَل فقط على الكتف، بمعنى أن أي طائرات سواء إف 16، أو 15 أو 35 أصبحت كلّها بخطر".

من جهته، يقول الكاتب والباحث السياسي حسن الدّر، لـ"العربي الجديد"، إنّ "أساس التصعيد ورفع مستوى التوتر في الجبهة من جانب حزب الله مرتبطٌ بتطور الحرب في غزة وعملية رفح للضغط على الجيش الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية والشارع الإسرائيلي، خصوصاً أن وقف الحرب في جبهة الشمال هو مطلبٌ لكل المجتمع الإسرائيلي، وليصار إلى إدخال وساطات غربية على رأسها أميركية وفرنسية للحلّ، ومعروفٌ أن موقف حزب الله واضحٌ بعدم فك ارتباط الجبهتين واستمرار جبهة لبنان الجنوبية حتى وقف العدوان على غزة".

كذلك، يلفت الدّر إلى أنّ "عمليات حزب الله ضد جيش الاحتلال انتقلت إلى مرحلة جديدة أكثر تصعيدية سواء بنوعية الأسلحة المستخدمة والصواريخ الثقيلة والحديثة، والمسيّرات المسلّحة، أو نوعية الأهداف من مناطيد التجسّس والقواعد العسكرية الإسرائيلية، ويعود ذلك أيضاً إلى الكلام الذي يُنقل من دبلوماسيين إلى المسؤولين اللبنانيين أو يقوله قادة الاحتلال عبر التهديد بتوسعة الجبهة في أيّ وقت وأنّ صيف لبنان سيكون ساخناً، الأمر الذي يدفع الحزب إلى إظهار بعض قدراته العسكرية ليبعث رسالة واضحة للإسرائيليين بأنّ الحرب إن شنّوها فلن تكون نزهة وستكون مقبرة لجنود الاحتلال".

وإذ يرى أنّ "التصعيد سيستمر ويرتبط بالتطورات بغزة"، لا يتوقع في المقابل أن تتطوّر المواجهات إلى حرب شاملة بلا أسقف أو خطوط حمراء، "خصوصاً أن الإسرائيلي لا يتحمّل الحرب، والأميركي كما الإيراني لا يريدانها"، يختم الدّر.

المساهمون