صحيفة دنماركية تنتقد رئيسة الوزراء: تطرف قومي وفرز مخزٍ دعماً لإسرائيل

14 نوفمبر 2023
قالت الصحيفة إن فريدركسن تطرح سياسات تقسم المجتمع (Getty)
+ الخط -

الموقف السياسي لرئيسة حكومة الدنمارك ميتا فريدركسن وزعيمة "الحزب الاجتماعي الديمقراطي" المحسوب على يسار الوسط الإسكندنافي، يبدو ثابتاً في تشدده المؤيد لدولة الاحتلال الإسرائيلي، على عكس مواقف زملائها من المعسكر نفسه في النرويج، أضف إليه مواقف جيل شاب في الشارع الدنماركي الرافض لمواقفها. فهذا الثبات في ركوب موجة عالية من تأييد تل أبيب، والانزعاج الواضح من تحركات الشارع رفضاً للعدوان والجرائم الإسرائيلية في غزة، عرّضها في تظاهرات السبت الماضي إلى انتقادات شديدة بهتافات تدعوها إلى "وقف النفاق".

بالتأكيد يبدو أن مشاركة الجالية الفلسطينية، وبصورة خاصة مواليد المملكة من الشبان والشابات، أفزعت فريدركسن وحلفها اليميني والشعبويين في البرلمان. أمر دفعها إلى تجربة فاشلة تستهدف حظر الفعاليات في الشارع، بحجة هتافات قلة قليلة ببعض الشعارات الممنوعة.

وعلى مستوى الصحافة، غرّدت صحيفة إنفورماسيون خارج السرب، بذهاب رئيس تحريرها رونه لوكابيرغ، اليوم الثلاثاء، إلى افتتاحية منتقدة لتوجهات فريدركسن وطرحها سياسات تقسم المجتمع أكثر مما هو منقسم. فرئيسة حكومة ائتلاف اليمين ويسار الوسط تريد بوضوح "توحيد الدنمارك الصحيحة وفضح الدنمارك الخطأ"، بحسب ما عنون لوكابيرغ.

هذا ببساطة يعني عند كاتب الافتتاحية "أن تكون رئيسة الحكومة قومية عدوانية، تحذر من الأجانب من أجل وحدة الأمة، وذلك ليس تناقضاً فحسب، بل تقديم لنسخة متطرفة من أخلاقيات الحكومة". ويشير لوكابيرغ إلى أن "الرفيقة فريدركسن كتبت إلى الرفيق بيتر (هامليغورد، وزير عدلها من الحزب نفسه)، رسالة بدأتها بـ(عزيزي وزير العدل)، معربة عن أسفها لأن الهجوم على إسرائيل والكارثة الإنسانية في غزة يتركان آثاراً ويخلقان انقساماً في الدنمارك".

ومضت في رسالتها، التي يشير إليها لوكابيرغ كمذكرة حكومية، لتبدي انزعاجاً واضحاً من الشارع الذي يعبر عن رفضه للعدوان الإسرائيلي، ويرفض حتى مواقف فريدركسن، بدليل هتافاته المتكررة التي تعتبر أن سياساتها تندرج تحت "الازدواجية والنفاق".

ما يلتقطه رئيس تحرير صحيفة إنفورماسيون من مذكرة رئيسة حكومة بلد إسكندنافي هو الأخطر، باعتبار أن ما يحدث في غزة "جعلنا نشهد أخيراً سلوكاً مزعجاً في الداخل، يغذيه الصراع". فوفقاً لرئيسة الحكومة، فإنّ "أصل المشكلة هو أن الناس في الدنمارك (وتقصد الفلسطينيين وآخرين)، لم يعتنقوا قيمنا الدنماركية". بمعنى آخر، رأت فريدركسن في خروج "الناس" في الاحتجاجات، ومعهم بالطبع شارع دنماركي واضح المشاركة، تعبيراً عن "قيم أخرى" متناسية أن القيم الإنسانية العالمية التي تتصدرها الدنمارك، حتى في فترات حكم يمين الوسط، لا تمنع الاحتجاج على جرائم الحرب الموصوفة بوضوح عند منظمات حقوقية يشارك في صياغتها متخصصون دنماركيون وإسكندنافيون.

ولفت لوكابيرغ في افتتاحيته إلى أن فريدركسن "طلبت من وزير العدل المخلص للغاية (لها)، إعداد تقرير عن كيفية استخدام الشرطة والنيابة العامة، لحماية وتطبيق القانون الجنائي ضد، من بين أمور أخرى، التحريض على الإرهاب والموافقة عليه، وما إلى ذلك، ربطاً بالتظاهرات الأخيرة والتصريحات العامة المتعلقة بالنزاع في إسرائيل وغزة".

ومضى لوكابيرغ يقول إن "الجواب على طلبها يجب أن يكون على طاولتها بعد غد الخميس" (استباقاً على ما يبدو لتظاهرات الجمعة والسبت المقبلين)، ويشدد في السياق على أن "الشيء المميز ليس أنها تدرك وجود بعض الصراخ المتطرف في التظاهرات، وهو موجود بالطبع، لكنّه إشارتها إلى فئة من المواطنين، وبأنها لا تثق في أن السلطات تتولى المهمة بالفعل، وأن استعدادنا الموسع للإرهاب لا ينبغي أن يكون كافياً".

ويعتبر رئيس تحرير "إنفورماسيون" أن "هذا النوع من الخطاب المزدوج الفريدريكسي (كما أطلق عليه بنسبته إليها) في مذكرة رسمية هو من ناحية يجعلها تتحدث كقومية غاضبة ضد الأجانب (في اتهامها أنهم لم يتبنوا قيم البلد)، ومن ناحية أخرى يجعلها تريد توحيد المملكة".

ويشرح لوكابيرغ هذا بقوله: "إنها تقسم، من خلال رسم خط أخلاقي، بين أولئك الذين يعرفون القيم الدنماركية وأولئك الذين لا يعرفونها، ويجب فهم أنّ الأخيرين هم غير دنماركيين، ثم تدعي أنها تريد توحيد الأمة".

ويختم الرجل افتتاحيته بالقول إن ما يجري "كأنه تناقض في الانقسام والتوحد، وهي مرابطة بطريقة تجعل الهدف فضح المخطئين، أي باعتبار أن الحق يتحد في التغلب على الباطل، وتلك هي النسخة المتشددة من الأخلاق الإدارية التي تتبناها حكومة الوسط: علينا جمع البالغين لتحديد من هم غير متعلمين للقيم، وبالتالي نلتقي مع الوسط الصحي لأجل تهميش الأجنحة المدمرة".

ويوجه لوكابيرغ كلامه لفريدركسن بالقول: "عزيزتي رئيسة الحكومة، هل تصدقين حقاً أن هذا النوع من الفرز المخزي يخلق مجتمعاً أكثر تضامناً وعدالة؟ نحن لا نفعل ذلك".