عبد اللهيان يلتقي نصر الله ومسؤولي لبنان وسط التوترات على الحدود

13 أكتوبر 2023
حسين أمير عبد اللهيان يتلقي نصر الله وميقاتي وبو حبيب (رويترز/مكتب ميقاتي/أسوشييتد برس)
+ الخط -

التقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، صباح اليوم الجمعة، أمين عام "حزب الله" اللبناني حسن نصر الله، ورئيس الحكومة نيجب ميقاتي، ضمن جولة بدأها في لبنان تشمل لقاءات مع مسؤولين، وذلك بعد زيارة أجراها إلى العراق.

وركز عبد اللهيان، في تصريحات له فور وصوله إلى بيروت، مساء الخميس، على أنّ "فتح جبهات أخرى من قبل سائر تيارات المقاومة ضد الكيان الصهيوني هو احتمالٌ واردٌ".

ويحمل عبد اللهيان إلى بيروت رسالة مباشرة، قال فيها: "إننا هنا لنعلن بصوتٍ عالٍ مع الشعوب والحكومات الإسلامية أننا لن نتحمّل جريمة الكيان الصهيوني ضد أهل غزة".

وقال بيان لـ"حزب الله"، الجمعة، إن نصر الله استقبل وزير الخارجية الإيراني و"جرى استعراض للأحداث والتطورات الأخيرة في المنطقة، خصوصاً بعد عملية (طوفان الأقصى) والعدوان الإسرائيلي المتوصل على غزة والجرائم الوحشية التي يرتكبها بحق أهل غزة جميعاً، وما جرى في المسجد الأقصى والضفة الغربية".

وجرى خلال اللقاء أيضاً "تقييم الأوضاع والمواقف الدولية والإقليمية والنتائج المحتملة، وتم التشاور حول المسؤوليات الملقاة على عاتق الجميع، والمواقف الواجب اتخاذها تجاه هذه الأحداث التاريخية والتطورات الخطيرة"، وفق البيان.

وشدد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، خلال لقائه وزير الخارجية الإيراني، على ضرورة "بذل كل المساعي الدبلوماسية من قبل جميع الأطراف لوقف ما يجري من أحداث في غزة وحماية لبنان".

ونقل المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة عن وزير الخارجية الإيراني قوله إن "المهم بالنسبة إلينا هو أمن لبنان والحفاظ على الهدوء فيه، وهذا هو هدف زيارتي، واقترح عقد اجتماع لقادة المنطقة للبحث في الأوضاع".

كما حذر الوزير الإيراني من "امتداد الأحداث الجارية في غزة إلى مناطق أخرى في المنطقة، إذا لم يوقف بنيامين نتنياهو حربه المدمّرة ضد القطاع، وأن ما قامت به حركة "حماس" كان رداً على سياسة نتنياهو وجرائم إسرائيل".

من جانبه، قال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني، إنّ "لبنان لم يكن يوماً يرغب في الحرب أو يسعى إليها ونحذّر بشدّة من أنّ استمرار التصعيد واجتياح غزة سيشعل المنطقة بأسرها ويهدّد السلم والأمن الإقليميين والمصالح الدولية".

ودعا بو حبيب "عقلاء العالم للضغط على إسرائيل لوقف آلة الحرب العبثية والعودة إلى المسار الدبلوماسي وإعطاء الحقوق المشروعة للفلسطينيين"، معتبراً أن "على المجتمع الدولي أن يفهم أنه لن يكون هناك استقرار في المنطقة من دون حلٍّ عادلٍ وشاملٍ للشعب الفلسطيني".

من جهته، شدد عبد اللهيان على أنه "إذا لم تتوقف وبشكلٍ عاجلٍ جرائم الحرب المنظمة التي يرتكبها الكيان الصهيوني المزيف، فيمكن تصوّر أي احتمال".

وأشار عبد اللهيان إلى أنه يتفق مع نظيره اللبناني في وجهات النظر بشأن ضرورة الوقف العاجل لجرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال ضد المدنيين في غزة، وعقد اجتماع عاجل لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي (OIC)، أو أن يكون الاجتماع على مستوى قادة الدول الإسلامية.

ودعا عبد اللهيان "الحكومات الإسلامية كافة لكي تعلن وبصوتٍ عالٍ وتدعو إلى وقف جرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني ووقف الحصار ضد النساء والأطفال والمدنيين في غزة".

وانتقد الوزير الإيراني السياسة الأميركية "التي بيدٍ تقوم بإرسال السلاح والقنابل لقتل النساء والأطفال والمدنيين في غزة، وبيدٍ أخرى تدعو جميع الأطراف إلى الالتزام بضبط النفس".

في السياق، قال عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" (تمثل حزب الله برلمانياً)، النائب حسين جشي، لـ"العربي الجديد"، إن "إيران في قلب محور المقاومة وفي قلب الصراع مع العدو الصهيوني، وبالتأكيد موضوع لبنان مرتبطٌ بالأحداث، ولكن لا أحد من قيادات المحور يفصح عن معلومات بشأن التدخل سواء بالزمان والمكان، هذه أسرار خاصة بالمحور، الذي هو على جهوزية كاملة ويراقب بدقة وحاضر للتدخل بأي لحظة".

وأشار جشي إلى أن "الوضع في الجنوب حالياً هو الترقب، والأمور مرهونة بالتطورات في فلسطين. نحن حاضرون وعلى جهوزية كاملة ونراقب كل التفاصيل بدقة ولن نتخلى عن مسؤولياتنا، أما النقطة الفاصلة بالتدخل من عدمه مرتبطة بالمجريات على الأرض وما تقرّره القيادة".

وشدد نائب حزب الله على أن "المعادلة واضحة، عندما يكون هناك استهداف لأمن أي شخص لبناني سيكون هناك ردّ، القتل مقابله القتل، هذه هي المعادلة".

وحول موقف لبنان الرسمي وحكومته بشأن ضرورة تحييد لبنان عن الصراع، وما إذا كان حزب الله يلتزم به، قال جشي: "أمام القضايا الكبرى، الحسابات أحياناً تتغير، بالمبدأ نحن مقاومة معنية بالدفاع عن لبنان، وبالوقت نفسه مرتبطون بقضايا الأمة، هذا لا يعني أننا سنتدخل بكل تفصيل ولا بأنه في حال كان هناك تهديد كبير لقضايا الأمة لن تكون لنا علاقة، لذلك فإن الأمور مرتبطة بالوقائع والتطورات الميدانية".

وعلم "العربي الجديد" أن "اللقاء بين عبد اللهيان ونصر الله بحث الاحتمالات كافة، والحالات التي يمكن التدخل فيها، وأنه يجب أن يكون الجميع على جهوزية مستمرة تبعاً للتطورات، وأن كل ما يعني فلسطين يعني المحور ككلّ، والجبهات كلها يمكن أن تفتح لمواجهة العدو الإسرائيلي ومجازره بحق الشعب الفلسطيني، والاتصالات ستبقى مفتوحة بين الأطراف بهذا المجال".

من جهة ثانية، قالت أوساط حكومية لـ"العربي الجديد"، إن "ميقاتي شدد أمام الوزير الإيراني على ضرورة أن يكون لبنان بمنأى عن الصراع، وتحييد جنوبه، وأن الوضع دقيق جداً والبلد لا يحتمل الدخول في معركة واسعة، وأكد في المقابل، إدانة لبنان لجرائم العدو بحق الفلسطينيين، كما إدانته الخروقات والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للبنان جوّاً وبحراً وبرّاً، وهو يتحرك وفق الأطر الدبلوماسية الأممية بهذا المجال".

على صعيدٍ متصل، قال وزير الإعلام اللبناني في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري خلال جولة له على بلدات جنوبية حدودية، إن موقف الحكومة اللبنانية واضح وهو ضدّ الإبادة الحاصلة بحق الشعب الفلسطيني، مشدداً على أنه "لا أحد يريد الحرب ولكن يُمكن أن تفرَض علينا وعندها يجب أن نكون قدّها".

المكاري المحسوب وزارياً على "تيار المردة" برئاسة سليمان فرنجية مرشح "حزب الله" و"حركة أمل" لرئاسة الجمهورية، أشار إلى أن "الموضوعية لا تعني أنه يجب أن نكون على الحياد.. وما يحصل إجرام وإبادة جماعية".

وأعلنت الحكومة اللبنانية، أمس، ضرورة تجنيب لبنان تداعيات ما يحصل والمحافظة على الأمن، وتواصل رئيسها نجيب ميقاتي مع كافة القوى السياسية الفاعلة طالباً "ضبط النفس وعدم الانجرار إلى المخططات الإسرائيلية".

وتلقى المسؤولون اللبنانيون منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" اتصالات دبلوماسية خارجية تنبّه إلى ضرورة نأي لبنان بنفسه عن الصراع وتحييد الجبهة الجنوبية، وبالتالي ردع "حزب الله" وإبقائه بعيداً عن ساحة المعركة، "لما سيكون لتصرفه من تداعيات خطيرة على لبنان"، حسب ما جاء في التحذيرات.

وعقدت الحكومة اللبنانية جلسة، أمس الخميس، لم يصدر عنها أي مقررات علنية، بل اكتفى رئيسها نجيب ميقاتي بإلقاء كلمة شدد فيها على أن "لبنان في عين العاصفة"، مشيراً كذلك إلى أن مجمل الحوادث التي تجري على طول الخط الأزرق هي "نتيجة للاستفزازات الإسرائيلية ولخرق العدو الإسرائيلي الدائم للقرار 1701"، فيما ركز أيضاً على طلب الخارج السعي لتهدئة الأوضاع.

وعلم "العربي الجديد" من مصادر أن "جلسة الحكومة كانت متشنجة، خصوصاً من جهة وزراء محسوبين على "حزب الله"، وقد شددوا على ضرورة ردع الإسرائيلي ووضع حدّ لانتهاكاته، وأن موقف لبنان الرسمي يجب أن يكون صارماً بهذا الإطار، كما وإدانة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين".

ووفق المصادر، "توقف وزراء في الحكومة عند موقف وزير الخارجية اللبناني في اجتماع جامعة الدول العربية، باعتباره ضعيفاً، وسجّلوا اعتراضهم عليه".

وشهدت الجلسة بحسب المعلومات أيضاً مناقشات لبعض الوزراء الذين سألوا عن مدى جهوزية لبنان أمنياً في حال حدوث حرب وتوسّع رقعة المعركة، وكان الطلب إلى القادة الأمنيين تكثيف إجراءاتهم على الحدود اللبنانية الجنوبية، وفي مناطق وجود اللاجئين الفلسطينيين، وذلك بالتزامن مع دعوة حركة "حماس" إلى النفير العام، اليوم الجمعة.

ويسود الهدوء الحذر على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة، اليوم الجمعة، في ظل خروقات بين فترة وأخرى.

وأطلقت القبة الحديدية التابعة لجيش الاحتلال، اليوم الجمعة، صاروخين فوق الناقورة والمنطقة المحيطة في ظلّ تحليق مكثف لطائرات الاحتلال وخرقها للأجواء اللبنانية.

وقالت وسائل إعلام تابعة لـ"حزب الله" إنّ صاروخين من القبة الحديدية انفجرا في سماء الحدود في القطاع الغربي جنوبي لبنان لاعتراض جسم مجهول.

ولا تزال المدارس والثانويات والمهنيات الرسمية والخاصة في الأقضية المتاخمة للحدود الجنوبية مقفلة منذ مطلع الأسبوع، كما هي حال غالبية المحال والمؤسسات التجارية.

وقال مصدر عسكري في الجيش اللبناني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "التنسيق مستمر مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) ورفعنا من مستواه اليوم، بالتزامن مع الدعوة إلى النفير العام، وسنتشدد في ضبط التحركات التي ستحصل على الحدود، للحؤول دون تطوّرها أمنياً".