وصل أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي أكبر أحمديان، اليوم الاثنين، إلى العراق واستقبله عصام السعدي، نائب مستشار الأمن القومي العراقي، في زيارة تطرح تساؤلات حول سياقاتها وأهدافها.
وتعد زيارة أحمديان الأولى له منذ توليه المنصب في 22 مايو/ أيار 2023، وأيضاً هي الزيارة الأولى لمسؤول إيراني إلى العراق بعد قصف الحرس الثوري الإيراني محافظة أربيل، شمالي العراق، الشهر الماضي.
بالفيديو .. وصول أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي أكبر أحمديان إلى بغداد.https://t.co/9pQHtHxrSz pic.twitter.com/Mrph3QaqGl
— قناة العهد (@ahadtv) February 5, 2024
واليوم الاثنين، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن زيارة أحمديان إلى بغداد تأتي في إطار استمرار المشاورات والتعاون بين البلدين، بما فيه التعاون الأمني و"مكافحة الإرهاب"، فضلاً عن التعاون بينهما على الصعيد الإقليمي لتعزيز السلم والاستقرار والأمن في المنطقة.
وأضاف كنعاني أن "علاقات جيدة" تربط إيران بالعراق وإقليم كردستان، مؤكداً أن "المصالح المشتركة تستدعي تجاوز بعض القضايا الخلافية في إطار التعاون المشترك وترك الموانع الموجودة المحتملة جانبا وتعزيز أرضيات العلاقات أكثر من قبل".
سياقات الزيارة
يقول الخبير الإيراني صلاح الدين خديو، لـ"العربي الجديد"، إن زيارة أحمديان إلى العراق تأتي على خلفية التطورات الأمنية خلال الشهر الأخير، في سياقي الصراع الإيراني الأميركي المتصاعد في ساحات المنطقة، بما فيها الساحة العراقية، وسياق العلاقات الإيرانية العراقية، على خلفية التوتر الذي طرأ على هذه العلاقات قبل فترة من جراء قصف إيراني لأهداف في أربيل.
ويرى خديو أن أهم تلك التطورات الأمنية هي الهجمات المتبادلة بين حلفاء إيران والولايات المتحدة، خاصة الهجمات الأميركية الأخيرة رداً على "هجوم البرج 22"، شمال شرقي الأردن، والتي طاولت أهدافاً داخل العراق تعود لفصائل الحشد الشعبي المتحالفة مع طهران، الأمر الذي عكس تحول الأراضي العراقية إلى ساحة صراع بين الولايات المتحدة وإيران، وهو ما يعارضه العراق، وأعلن رفضه تحول الساحة العراقية إلى حلبة لتصفية الحسابات بين الطرفين.
يضيف الخبير الإيراني أن السياسة الإيرانية على الأغلب تتبع نهج "ضبط النفس" تجاه الهجمات الأميركية الأخيرة، وهو ما ترحب به الحكومة العراقية، مشيراً إلى أن العراق لطالما كان قناة لتبادل الرسائل بين طهران وواشنطن خلال السنوات الأخيرة إلى جانب القنوات القطرية والعمانية في المنطقة، ولذلك ربما تهدف الزيارة إلى تنسيق وترتيبات جديدة لخفض التوتر وضبط إيقاعه بحيث تعمل إيران على ضبط أعمال الجماعات المتحالفة معها، كما عكس ذلك البيان الصادر عن كتائب حزب الله العراقي التي علقت عملياتها ضد المصالح الأميركية.
أما في ما يتصل بسياق العلاقات الثنائية، فيقول خديو، إن أمين مجلس الأمن القومي الإيراني في زيارته هذه سيسعى على الأرجح إلى احتواء التوتر والحساسية الطارئة على العلاقات السياسية والأمنية إثر قصف أربيل في منتصف الشهر الماضي، والذي أدى إلى تنديد الحكومة العراقية واتخاذها مواقف حادة تجاهه على نحو غير مسبوق.
ونفذ "الحرس الثوري" الإيراني، في 16 من الشهر الماضي، هجمات بالصواريخ والمسيرات على أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، معلنا أن هجماته استهدفت "مقراً رئيسياً لجهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية (الموساد)"، لكن أربيل نفت صحة الرواية الإيرانية، واعتبرت أن القصف "يُعد تغطية لفشل إيران في ملفات عدة"، كما دان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني القصف، واعتبره "عملاً عدوانياً وتطوراً خطيراً يقوّض العلاقات القوية بين بغداد وطهران".
كما استدعت بغداد سفيرها لدى طهران، فضلاً عن قيامها برفع شكوى إلى مجلس الأمن الدولي ضد إيران.
وعليه، سيعمل أحمديان خلال زيارته، وفق الخبير خديو، على إدارة وإنهاء هذا التوتر وإعادة العلاقات إلى مسارها الطبيعي، والحد من تأثير ذلك على العلاقات الثنائية.
عناوين ثلاثة
من جهته، يقول الخبير الإيراني في العلاقات الإيرانية العراقية علي رضا مجيدي إن ثلاثة عناوين تشكل جدول أعمال زيارة أمين مجلس الأمن القومي الإيراني إلى العراق"، مشيراً إلى أن العنوان الأول مرتبط بالمهلة التي حددتها الحكومة الإيرانية لبغداد قبل عام ونصف بشأن وجود الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة على أراضي إقليم كردستان العراق، بغية إخراج هذه المجموعات من الإقليم.
ويشير مجيدي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن إيران في علاقاتها مع العراق تبدي "جدية في التصدي لتلك جماعات الإيرانية المعارضة وأنشطة الموساد ودوره المخرب على الأمن الإيراني"، حسب قوله.
أما عن العنوان الثاني لزيارة أحمديان، فيرى مجيدي أن له صلة بالمباحثات العراقية الأميركية المرتقبة بشأن وجود قوات التحالف في العراق والاتفاقية الأمنية بين البلدين، على خلفية الرسالة التي نقلتها السفيرة الأميركية ألينا رومانوسكي لدى بغداد، أواخر الشهر الماضي، من الإدارة الأميركية إلى وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين.
يرجح مجيدي انطلاق مرحلة جديدة من المباحثات الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن خلال الفترة المقبلة، مضيفاً أن إيران ستطرح ملاحظاتها وتحفظاتها بشكل صريح إذا ما وجدت فيها ما يمس أمنها القومي.
العنوان الثالث للزيارة، وفق مجيدي، هو التوترات الأخيرة في المنطقة، على خلفية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وردود فعل "فصائل المقاومة" التي تعتبرها واشنطن محسوبة على إيران، غير أن مجيدي يقول إن العلاقة بين طهران وتلك الجماعات ليست على نحو كأن إيران هي التي تقودها وتسيطر عليها.
وعما إذا كانت الزيارة ستنجح في احتواء التوتر الأخير في العلاقات الإيرانية العراقية، يبدي مجيدي تفاؤله، مشيراً إلى "وجود وجهات نظر مختلفة داخل الحكومة العراقية بهذا الشأن".
ويضيف أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ومستشاره للأمن القومي قاسم الأعرجي يسعيان إلى احتواء هذا التوتر، لكن المفاوضات التي ستجري في العراق ستثبت ما إذا كان لدى وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين وحكومة إقليم كردستان العراق أيضا التوجه نفسه أم لا.