محللون إسرائيليون: الجبهة الرئيسية انتقلت من غزة إلى لبنان والحرب قد تتوسّع

07 يناير 2024
منشأة عسكرية للاحتلال أثناء استهدافها من قبل حزب الله (حسن فنيش/فرانس برس)
+ الخط -

أشار عدة صحافيين ومحللين إسرائيليين، اليوم الأحد، إلى أن المواجهة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي و"حزب الله" اللبناني قد تتدهور إلى حرب واسعة في حال فشل الجهود الدبلوماسية، واعتبر بعضهم أن جبهة الحرب الرئيسية تحوّلت من غزة إلى لبنان على خلفية تصاعد المعارك، خاصة يوم أمس السبت.

وكتب الصحافي يوسي يهوشع، في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أنه على الرغم من أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله "يرسل إشارات حول بحثه عن استراتيجية للخروج من جولة القتال الحالية، إلا أن الحزب قصف أمس هدفاً استراتيجياً في القيادة الشمالية".

واعتبر يهوشع أنه "بعد مرور ثلاثة أشهر على الضربة التي تلقّتها إسرائيل من قبل حركة حماس في الجنوب، وعلى الرغم من وجود عدد كبير من جنود الاحتلال ما زالوا يقاتلون حتى اليوم في قطاع غزة، لكن غزة لم تعد جبهة الحرب الرئيسية"، مضيفاً: "حتى لو كانت إسرائيل وحزب الله لم يخططا لتدهور الأمور على هذا النحو، فلم يعد بالإمكان أن نغمض عيوننا وأن نحدّث أنفسنا عن يوم آخر عادي من المعارك. أحداث نهاية الأسبوع أشارت إلى تصعيد آخر، حتى لو لم يطلق حزب الله بعد صواريخ لمسافات طويلة ستكلفه الإعلان رسمياً عن حرب واسعة، وواضح أن التصعيد قد يخرج عن السيطرة".

وأشار الكاتب الإسرائيلي إلى أن "حزب الله لم يكتف بإطلاق مكثّف لعشرات الصواريخ باتجاه أهداف عسكرية إسرائيلية، ولكنه أطلق أيضاً باتجاه هدف استراتيجي في القيادة الشمالية" كجزء من الرد على اغتيال صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، فيما قصف جيش الاحتلال بدوره عدة أهداف في لبنان.

ورغم التصعيد، رأى الكاتب أن الجهود ما زالت متواصلة لتجنب التصعيد: "تتواصل الجهود الدولية في محاولة للتوصل إلى صيغة تقود إلى تهدئة، كما أن خطاب نصر الله الأخير بدا وكأنه استراتيجية خروجه من جولة المعارك"، ولكن رغم ذلك، فإن "هذا لا يقنع وزير الأمن يوآف غالانت الذي أشار إلى تفضيل إسرائيل أيضاً المسار الدبلوماسي، لكنه لمّح في ذات الوقت إلى أن الوقت ينفد".

وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل أبلغت عاموس هوكشتاين، الوسيط الأميركي بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، الذي زار إسرائيل الخميس الماضي، بأن إسرائيل لن تتنازل عن طلبها في "إزالة التهديد على خط المواجهة".

استمرار تركيز حزب الله على الشمال

ومن جانبه، يرى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل أن إسرائيل ما زالت تحتوي الوضع الحالي في الشمال، وتعتبره أقل الأمور سوءاً، وعن الرشقات الصاروخية المكثفة أمس، قال هارئيل إنها "لم تسفر عن وقوع إصابات، لكنها استهدفت مواقع لاتجاه الجنوب أكثر من ذي قبل، في منطقة طريق صفد - عكا. والأهم من ذلك هو الهدف الرئيسي الذي تركّزت حوله عمليات الإطلاق، جبل الجرمق (ميرون بالعبرية)، حيث تتمركز وحدة المراقبة الجوية الشمالية لسلاح الجو الاسرائيلي، وحيث تراقب الرادارات كل الحركة  في الأجواء السورية واللبنانية".

واعتبر هارئيل أنه "في الوقت الحالي، يبدو أن الاحتمالات الأرجح هي أن يستمر حزب الله في التركيز على شمال البلاد، وألا يحاول توسيع المواجهة إلى وسطها (أي إطلاق صواريخ لمسافات أبعد). ومع ذلك، فإن هذه التقديرات يمكن أن تكون مضللة".

ويتابع هارئيل أن حدود القصف بين الطرفين تبدو مرضية لإسرائيل حتى الآن: "وصلنا إلى وضع تعتبر فيه إسرائيل أن إطلاق النار واسع النطاق، المستمر منذ ثلاثة أشهر، والذي أدى إلى إجلاء عشرات الآلاف من مواطنيها من منازلهم، هو الخيار الأقل سوءاً. وطالما أن رد حزب الله يبدو في النطاق الحالي، فإن إسرائيل تحد أيضاً من نطاق وشدة هجماتها".

أما الكاتب والمعلق الإسرائيلي تسفي برئيل فاعتبر، في مقال تحليلي في صحيفة "هآرتس"، أن حسن نصر الله "يرى أن هناك فرصة لتسوية الحدود، لكن المواجهة العسكرية لها قواعدها الخاصة"، وأن "الجبهة الأقرب إلى التدهور هي جبهة لبنان".

وأضاف برئيل أن "الأمين العام لحزب الله أوفى أمس بوعده بالانتقام لاغتيال العاروري، لكنه ما زال يتحرك بحذر في معادلة الردع. إن موافقة المنظمة على الترسيم النهائي للحدود البرية بين إسرائيل ولبنان قد يدفع القناة الدبلوماسية بين الطرفين إلى الأمام. ولكن لا تزال هناك العديد من العقبات في الطريق".

ويشير برئيل إلى وجود فرصة لتخفيف التصعيد: "في الوقت نفسه، كان لنصر الله أيضاً تصريح مهم قد يعزز القناة الدبلوماسية بين إسرائيل ولبنان"، ويقصد بذلك إشارة نصر الله، خلال خطابه الأخير، إلى وجود فرصة تاريخية لتحرير كامل الأراضي اللبنانية وإرساء المعادلة التي تمنع العدو (الإسرائيلي) من انتهاك سيادة لبنان، وهو ما اعتبره الكاتب الاسرائيلي دعوة من قبل نصر الله لترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان، الأمر الذي قد يشكّل مخرجاً من الحرب وعدم تدهورها، مضيفاً أن الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين يحاول الدفع بهذا الاتجاه.

من جانب آخر، أشار الكاتب إلى أن "استكمال ترسيم الحدود، خاصة في منطقة مزارع شبعا، سيتطلب تجاوز عقبة سياسية صعبة لا تتعلق فقط بلبنان أو إسرائيل. وتزعم إسرائيل - والأمم المتحدة تؤيد ادعاءها - أن هذه الأراضي كانت تحت السيادة السورية، وأنها احتلتها في حرب الأيام الستة. ومن ثم فإن أي تسوية حدودية في مزارع شبعا ستتم في إطار المفاوضات مع سورية وليس مع لبنان. ويدّعي لبنان من جانبه أن المنطقة تخضع لسيادته".

وقال برئيل إن "السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت الحكومة اللبنانية وجهود الوساطة الأميركية ستنجح في قطع العلاقة بين غزة ولبنان، وبالأساس، ما إذا كان الحوار العنيف بين إسرائيل وحزب الله لن يخلط الأوراق ويتسبب في مواجهة شاملة قد تتحول إلى حرب إقليمية؟".

المساهمون