مقاومو جنين.. مطاردون من الاحتلال والأمن الفلسطيني

21 سبتمبر 2023
تسعى قوات الاحتلال إلى إنهاء حالة المقاومة في جنين (Getty)
+ الخط -

بين مطاردة قوات الاحتلال الإسرائيلي والأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، أظهر استشهاد مقاومين من كتائب المقاومة في مخيم جنين، شمال الضفة الغربية، قبل يومين، حجم استهداف عناصر المقاومة الفلسطينية من حركات "حماس" و"الجهاد الإسلامي" و"فتح"، حيث كان الشهداء ضمن قائمة المطلوبين للأجهزة الأمنية الفلسطينية.

وتسعى قوات الاحتلال عبر حملات عسكرية من فترة إلى أخرى على مخيم جنين إلى إنهاء حالة المقاومة عبر استهداف المقاومين واعتقالهم، كان آخرهم أحد عناصر "كتائب شهداء الأقصى"، الذراع العسكرية لحركة "فتح"، محمد نغنغية، الذي اعتقل في السادس من الشهر الجاري، وحوله الاحتلال إلى الاعتقال الإداري.

وفي السياق، اعتقلت قوات أمن خاصة فلسطينية المقاوم أحمد جدعون داخل مقهى في مخيم جنين، حيث تتقاطع جهود الاحتلال والسلطة الفلسطينية لمنع تمدّد العمل المسلح المقاوم في المخيم.

ويأتي هذا الاستهداف من الاحتلال والسلطة الفلسطينية ليؤكد ما كشفته مصادر مقربة من "كتيبة جنين"، الذراع العسكرية لحركة "الجهاد الإسلامي"، في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، حيث أشارت إلى أن الأمن الفلسطيني يسعى لاعتقال 30 مطلوبًا من المخيم بحجّة استهداف مقار الأمن "المقاطعة".

وأيضا، أكد المفوض السياسي العام، المتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية اللواء طلال دويكات، في حديث مع وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية "وفا"، قبل ساعات قليلة من العدوان على مخيم جنين، أن "عملية المتابعة والملاحقة لمرتكبي أعمال إطلاق النار ستستمر من أجل توقيفهم، وتقديمهم إلى العدالة، لينالوا عقابهم وفق القانون".

بين سجون السلطة والاحتلال

وأكد مصدر مقرب من فصائل المقاومة في مخيم جنين، لـ"العربي الجديد"، أن الشهداء الثلاثة (محمود السعدي، ومحمود عرعراوي، وعطا موسى) كانوا مطلوبين لدى الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، وكذلك الاحتلال، قبل استشهادهم مساء أول أمس الثلاثاء، خلال عدوان الاحتلال على مخيم جنين.

وأظهر استشهاد محمود السعدي، بشكل علني وواضح، فصول المطاردات والملاحقات التي يتعرض لها المقاومون، حيث قال أحد أقربائه، فضل عدم ذكر اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد": "اعتقل السعدي مدة سنتين في سجون الاحتلال، وسابقًا اعتقل في سجون الأجهزة الأمنية 75 يومًا تعرض خلالها لمختلف أنواع التعذيب والإهانة وتوجيه التهم الملفقة، رغم أن حقيقة الاعتقال جاءت على خلفية انحيازه للمقاومة ضد الاحتلال".

وقبل أشهر، كانت معلومة قد وصلت إلى الشهيد السعدي تشير إلى أنه ضمن قائمة المطلوبين للأجهزة الأمنية الفلسطينية، حيث يشير أحد أقربائه إلى أنه بعد معركة مخيم جنين مطلع يوليو/ تموز الماضي، باتت تحركات الشهيد محمود لا تتعدى إطار المخيم على خلفية ملاحقته من قوات الاحتلال والأجهزة الأمنية.

ولم يكن والد الشهيد عرعراوي، خالد عرعراوي، بمنأى عن اعتقالات السلطة الفلسطينية، حيث جرى اعتقاله وآخرين مدة 63 يوما، على خلفية طرد وفد من مركزية حركة "فتح" خلال تشييع شهداء مخيم جنين في شهر يوليو/ تموز الماضي.

بطولات من مسافة صفر

ومساء أول أمس الثلاثاء، استشهد 4 فلسطينيين، بينهم الشاب رأفت خمايسة، وشبان آخرون ينتمون لكتائب المقاومة، هم محمود السعدي، ومحمود عرعراوي، وعطا موسى، في أعقاب اشتباكات عنيفة خاضها مقاومون ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها لمخيم جنين بهدف اعتقال كوادر المقاومة، على رأسهم قائد "كتائب شهداء الأقصى"، المطارد محمد أبو البهاء، والذي فشلت قوات الاحتلال في اعتقاله، فيما وقع جنود الاحتلال في كمين نصبه مقاتلو كتائب فصائل المقاومة، في مقدمتهم الشهيد محمود السعدي.

وارتقى الشهيد محمود السعدي (23 عامًا) بعد أن قاتل من مسافة صفر، حيث أكد من كانوا برفقته أن صوت صراخ جنود الاحتلال خلال الاشتباك خرج من موقع مواجهته، ولكن الاحتلال تمكّن من اغتياله عبر طائرة "درون" مسيرة بدون طيار، كما يروي أحد أقربائه فرحان السعدي في حديث لـ"العربي الجديد".

أما الشهيد محمود عرعراوي (24 عاماً) فيروي عنه شقيقه مجد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه قد وصل إلى موقع الاشتباكات متأخرًا، واخترق الصفوف حتى قاتل في المقدمة رفقة صديقه محمود السعدي، حيث ارتقيا سويًا خلال القتال من مسافة صفر، إذ كانت المرة الأولى التي يشارك فيها عرعراوي بالقتال بدون جعبته أو لثامه، بعد أن ضاق الوقت بأن يجهز نفسه للمواجهة.

مجد يوضح أن شقيقه الشهيد محمود اعتقل في وقت سابق من شهر أغسطس/ آب 2017، مدة 9 أشهر في سجون الاحتلال، وقاتل مع "كتيبة جنين" منذ نشأتها دون أن يعرفه أحد، قائلًا: "كان محمود يتميز بالتخفي، فلم يكن يعرف أحد مشاركته مع كتائب المقاومة، وهو يحمل سلاحه الشخصي، وقاتل مع الشرفاء من مختلف الفصائل".

وكانت "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لـ"حماس"، نعت شهيديها  قبل شهرين، وقالت في بيانها: "نزف شهيدينا اللذين أساءا وجه قوات الاحتلال الخاصة وأذاقاها بأس جنين الشديد، وأمطراها بصلياتٍ كثيفة من الرصاص، وفجرا عدداً من آليات العدو بعبوات الموت، موقعَين في صفوفهم إصاباتٍ محققة".

إعدام واضح

وكان الفتى الشهيد رأفت خمايسة (16 عامًا) أول الشهداء في اشتباكات أول أمس، حينما كشف أمر قوات الاحتلال الخاصة وهي تحاصر منزل المطلوب المطارد محمد أبو البهاء، حيث يقول خاله مصطفى الخطيب لـ"العربي الجديد": "كان رأفت أول من أصيب في الاشتباكات بعد أن لاحظ حصار قوات اليمام الخاصة منزل أبو البهاء، وتوجه مسرعًا إلى ساحة المخيم كي يحذّر شبان المقاومة من تلك القوات، لكنه فوجئ بوصول جنود الاحتلال قبله وإطلاق رصاصة عليه من مسافة قريبة في بطنه، خرجت من ظهره، ثم حاول النهوض، لكنه أصيب برصاصة أخرى في كتفه".

وبحسب خال الشهيد، فقد حاول أحد الجيران في مخيم جنين إنقاذ رأفت وتواصل مع الهلال الأحمر الفلسطيني والمستشفيات بهدف تقديم العلاج له، لكن الاحتلال منع وصول مركبات الإسعاف حتى ينفذ عملية إعدام واضحة بحقه.

ويروي الخطيب أن الشهيد رأفت كان متأثرًا بحالة المقاومة في مخيم جنين رغم صغر سنه، ويقول: "كان رأفت يعشق المخيم، ويحب التقاط الصور بأسلحة أفراد (كتيبة جنين) تيمنًا بهم، وقد نال ما تمنى، فكان أول من استشهد في تلك الاشتباكات".

المساهمون