يبدو أنّ المفاوضات التركيّة الأميركيّة بشأن التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، لا تزال تعاني الكثير من العقبات، في وقت يصفها البعض بأنّها "متعثّرة". وعلى الرغم من إعلان الحكومة التركيّة أخيراً، اتفاقها مع الجانب الأميركي على تدريب وتسليح قوات المعارضة السورية المعتدلة، التي من المفترض أن تبدأ في شهر مارس/آذار المقبل، لكن مصدراً في الخارجية التركيّة يؤكّد لـ"العربي الجديد"، أنّه "لا يزال هناك الكثير من الخلافات بين الطرفين، يمكن اختصارها في ثلاثة بنود رئيسية: يتمحور أوّلها حول الجهة التي ستحاربها هذه القوات المدرّبة". ويقول إنّه "في وقت ما زالت الإدارة الأميركية تصرّ على أن تكون قوات "داعش" الهدف الرئيس، تحاول تركيا أنّ تضيف قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى لائحة الأعداء"، مشيراً إلى أنّ "الطرفين المفاوضين توصلا في النهاية إلى معادلة فحواها: اترك هذا السؤال بدون إجابة خارج الاتفاقية".
ويتعلّق الخلاف الثاني، وفق المصدر ذاته، بـ"هوية أولئك الذين سيتمّ تدريبهم، إذ تصر الإدارة الأميركيّة على اختيار عدد من المقاتلين التي تراهم من الموثوقين، بحسب وجهة نظرها، فيما لا تزال أنقرة تحاول أن تدفع نحو تدريب جميع قوات الجيش السوري الحر وتسليحهم كجزء من الصفقة. وترى أنّهم قد كسبوا الكثير من الخبرة خلال 3 سنوات من القتال، ما يقلّل الوقت الذي سيحتاجونه للتدريب". ويؤكّد المصدر أنّ "الطرفين أضاعا الكثير من الوقت في النقاش حول هذا الأمر، ويحاولان الآن التوافق بشكل مبدئي على الدفعة الأولى من المقاتلين".
وتشكّل "نوعيّة الأسلحة التي سيتم تقديمها مادة خلافية أخرى، إذ تخشى الإدارة الأميركية أن يوجّه المقاتلون الذين ستقوم بتدريبهم السلاح إليها في وقت ما، في سيناريو شبيه بما حصل في أفغانستان". لذلك لا تريد واشنطن، وفق المصدر التركي، "تسليح قوات المعارضة السوريّة بأسلحة ثقيلة متطورة، قبل التأكد من قدراتهم القتالية وولائهم، خوفاً من سقوط هذه الأسلحة بيد داعش كما حصل مع الجيش العراقي".
ومن المقرر أن يقام برنامج التدريب في ثلاث دول، بالاضافة إلى تركيا، حيث سيختار كل بلد المقاتلين السوريين، بما يتناسب مع أولوياته وعلاقاته. ويوضح المصدر التركي أنّ تركيا ستستضيف ما بين 1500 و2000 مقاتل سنوياً في البرنامج، الذي سيمتدّ لثلاث سنوات قابلة للتمديد، على أن تتولى التدريب مهمة مشتركة تركية أميركية، في وقت ستخضع باقي المراكز في الدول الأخرى للتنسيق العام في الولايات المتحدة.
ولا تزال واشنطن "متردّدة" حيال فرض منطقة آمنة تزامناً مع حظر جوي في المناطق السورية القريبة من الحدود التركية، وفق المصدر الذي يرى أنّ "الإدارة الأميركية لا تريد التورّط أكثر في الحرب"، لافتاً إلى أنّ "سلاح الجو التابع للنظام السوري بقي بعيداً في الفترة السابقة وتجنّب طائرات التحالف". ويؤكّد أنّ "فرض حظر الطيران، بحسب عسكريين، لن يأخذ أكثر من 24 ساعة لتدمير سلاح الجو التابع للنظام ومضاداته الأرضية المتركزة بشكل أساسي غرب البلاد، ذلك أن تركيا جاهزة لفعل أي شيء في حال وافقت الإدارة الأميركية على منطقة حظر الطيران، من إدارة العمليات الجوية والأرضية، وحتى توجيه ودعم قوات الجيش السوري الحر".
من جهتها، تتريّث تركيا في فرض حظر الطيران بشكل منفرد. ويقول المصدر التركي إنّه "لا علاقة للأمر بالقدرات العسكرية، لكن القضية دولية، ولا بدّ من أن تكون هناك قوة دولية تقوم بذلك، وإجماع سياسي دولي يغطي الأمر"، موضحاً أن بلاده "في نهاية المطاف لا تريد أن ترى نفسها فجأة غارقة في الحرب السورية وحدها".
ويشير إلى أنّه "من شأن منطقة حظر الطيران أن تُضعف نظام الأسد بشكل كبير، من خلال القضاء على سلاح الجو الذي يشكل عنصر التفوق الوحيد لقواته، مما سيدفعه قسراً إلى التفاوض والدخول في عملية ديمقراطية لانتقال السلطة". وباتت قاعدة إنجرليك، بحسب المصدر، "مفتوحة للطوارئ وحالات الهبوط الاضطراري لطائرات التحالف أيضاً، بعد أن كانت متاحة للاستخدام الإنساني واللوجستي فقط"، مؤكداً أنّ "الولايات المتحدة حتى الآن لم تتقدم بطلب رسمي لأنقرة لاستخدام طائراتها أو جنود أتراك في العمليات الموجّهة ضد التنظيم".