جونسون وزعامة المحافظين البريطانيين... طموح سياسي من بوابة إسرائيل

14 نوفمبر 2015
جونسون أمام حائط المبكى (ليور مزراهي/Getty)
+ الخط -
يبدأ النائب عن حزب المحافظين في مجلس العموم البريطاني، عمدة لندن، بوريس جونسون، معركة المنافسة على زعامة الحزب باكراً جداً، ويختار إسرائيل لتكون نقطة إطلاق حملة تترجم طموحاته التي يتنافس فيها مع وزير الخزانة الحالي، جورج أوزبورن، ووزيرة الداخلية البريطانية، تريزا ماي، لخلافة زعيم الحزب الحالي، رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون بعد العام 2020.

وعلى الرغم من أنّ التوقيت لا يزال مبكراً، فإن جونسون لا يريد إهدار الفرصة لنيل رضى تل أبيب مهاجماً حملات مقاطعة إسرائيل، وواصفاً حملة المقاطعة الدولية "للدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط" على حدّ تعبيره، بـ"الفكرة الغبية"، زاعماً أن "حملة المقاطعة المحصورة في أوساط أكاديمية يقودها نفر من اليسار الجامعي لا يمثلون السلك الأكاديمي أو التيار المركزي في الغرب، وبالتالي لا تأثير لهم في بريطانيا".

تصريحات جونسون الحماسية من تل أبيب، التي زارها لمدّة ثلاثة أيام، لتوثيق العلاقات التجارية بين بريطانيا وإسرائيل، لم تنجح في إخفاء نواياه الحقيقية وطموحه في السباق إلى زعامة حزب المحافظين وخلافة كاميرون في رئاسة الحكومة بعد الانتخابات العامة المقبلة في العام 2020، وهو ما حاول إخفاءه عندما تهرّب من الجواب عن سؤال لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، بالضحك والاستهزاء، قائلاً، "هناك طابور طويل لأشخاص يرغبون بالترشح لزعامة حزب المحافظين"، وتظاهر بالزهد في التفكير بالأمر لأنه مشغول جداً بالعمل كعمدة للعاصمة البريطانية. وسيغادر جونسون منصبه كعمدة لندن في مايو/ آيار المقبل.

وترى بعض الصحف البريطانية، في زيارة جونسون إلى إسرائيل، "محاولة للتمهيد لطرح ذاته كمرشح لزعامة المحافظين خلفاً لكاميرون والظهور بصورة شخصية عالمية قادرة على قيادة بريطانيا مستقبلاً، وليس كمجرد مسؤول محلي".

اقرأ أيضاً: الحكومة الفلسطينية ترفض تصريحات رئيس بلدية لندن

ولم يكتف جونسون بانتهاز فرصة وجوده في تل أبيب لكسب أنصار له هناك، بل ركّز على أهمية الجالية اليهودية في لندن، إذ وعد بمواصلة "حربه" على اللاسامية في لندن بكل قوة، وأنّه سيبذل كل جهده لحماية المواطنين اليهود فيها، من دون أن يفوّت فرصة الغمز من قناة المسلمين. وذكّر جونسون مستمعيه في إسرائيل وبريطانيا بعمق تعلّقه بالصهيونية، عندما تطوّع مع شقيقته للعمل في كيبوتس "كفار هنسي" (مستعمرة في الجليل) قبل ثلاثين سنة.

أثارت تصريحات عمدة لندن موجة غضب واستنكار في الأوساط البريطانية، لا سيما الشخصيات المؤيدة لحركة المقاطعة العالمية لإسرائيل "BDS"، والتي قالت إنّه كان الأجدر بعمدة لندن دعوة إسرائيل إلى احترام القانون الدولي بدلاً من محاولة التغطية على جرائمها.
كما انتقل الغضب من تصريحات جونسون إلى أوساط وشخصيات فلسطينية رسمية وشعبية، رأت فيها استفزازاً لمشاعر الفلسطينيين، "في أوجّ تصاعد الإعدامات بدم بارد لطلبة مدارسنا وجامعاتنا، ونسائنا وأطفالنا" على حدّ تعبير وزير التربية والتعليم العالي الفلسطيني، صبري صيدم. أما رئيس الحكومة الفلسطينية، رامي الحمد الله الذي التقى جونسون في رام الله، برّر اللقاء بضرورة "إبلاغه استياء الحكومة الفلسطينية من التصريحات التي أدلى بها خلال زيارته لإسرائيل".

حاول جونسون الاختباء وراء إصبعه، معللاً إلغاء لقاءات وفعاليات رسمية وشعبية كانت مبرمجة خلال زيارته للضفة الغربية بـ"الدواعي الأمنية". وقبل ذلك، حاول التملص من خطيئة ما اقترفه من مغالطات، بإلقاء اللوم على منصات الإعلام الاجتماعي، التي أخرجت عباراته عن سياقها، على حدّ زعمه.

عمدة لندن، الذي سبق وانتقد "العملية العسكرية التي قامت بها إسرائيل في غزة (عدوان 2014)، واصفاً ما تقوم به إسرائيل في استخدام القوة المفرطة والبشاعة، وما يجري بالعمل المأسوي الذي لا يخدم إسرائيل على المدى البعيد"، تجاهل خلال تصريحاته الأخيرة، واقع الاحتلال وجرائمه، ليمضي بالقول: "ينبغي أن يكون الشخص مجنوناً حتى يشارك في مقاطعة إسرائيل، الدولة الوحيدة في المنطقة التي تشهد تعددية وتمتاز بمجتمع مفتوح"، وهو بذلك يحاول أن يكون يهودياً أكثر من يهود بريطانيا الذين أظهر استطلاع مؤسسة "إبسوس موري"، أنّ 75 في المائة منهم يؤيدون حق الفلسطينيين الشرعي للمطالبة بوطن مستقل، على أساس حلّ الدولتيْن، وأنّ ثلثين من الـ1131 شخصاً الذين شاركوا في الاستطلاع، يؤيدون أنّ على إسرائيل التخلي عن الأرض مقابل السلام.

اقرأ أيضاً: عمدة لندن والمنافسة على خلافة كاميرون
المساهمون