الغارات الروسية المكثفة تمنح النظام أفضلية المرتفعات

31 ديسمبر 2015
في قاعدة حميمم العسكرية على الساحل (بول جيبتو/فراس برس)
+ الخط -

تتواصل الحملة العسكرية الشرسة، التي تشنّها قوات النظام، في ريف اللاذقية الشمالي، منذ الأسبوع الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وقد شهدت تلك المناطق معارك طاحنة، ومئات الغارات الجوية الروسية في مناطق المعارضة، والتي منحت النظام والمليشيات التي تقاتل معه، فرصة إحراز تقدم غير مسبوق في تلك الجبهات. تمثل خلال اليومين الماضيين، بالسيطرة على برج القصب، بعد جبل النوبة وتلال أخرى مهمة استراتيجياً، وهو ما يشكل ضغطاً وتحدياً خطيراً لفصائل المعارضة في الساحل. 

اقرأ أيضاً: نتائج المجازر الروسية بريف اللاذقية: جبل النوبة بيد النظام 

وأقدمت الطائرات الحربية الروسية، الأربعاء، على شنّ غارات كثيفة، طاولت مناطق سيطرة المعارضة السورية في جبلي الأكراد والتركمان. جاء ذلك بعد يومٍ شهد هجماتٍ جوية مماثلة، أتاحت للنظام السيطرة على جبل غزالة (تبادل الطرفان السيطرة عليه في الأيام القليلة الماضية)، وهو ثاني أعلى قمة في مناطق جبل الأكراد، بعد قمة النبي يونس، التي يصل ارتفاعها نحو ألف وخمسمائة متر عن سطح البحر.

وبموازاة السيطرة على جبل غزالة، تقدّم مسلّحو مليشياتٍ محلية وأجنبية موالية للنظام، وشنّوا هجوماً عنيفاً، تمكّنوا بعده من السيطرة على برج القصب، الذي يكشف مساحات واسعة في جبل الأكراد، ويتيح لهم السيطرة نارياً على أوتوستراد اللاذقية ـ حلب، خصوصاً أن النظام أتم سيطرته قبل ذلك على جبل النوبة شرقي الأوتستراد، الذي سيطرت عليه المعارضة السورية منذ أكثر من ثلاث سنوات. 

وتمكن النظام، خلال هذه المعارك، من فصل جبلي الأكراد والتركمان عن بعضهما بعضاً، وبالتالي بات التواصل والتنقل ضمن مناطق سيطرة المعارضة في الجبلين، أمراً بالغ الصعوبة، مع فقدانهم السيطرة على أعالي الجبال، في منطقة وعرة التضاريس، تمنح المُسيطر على المرتفعات تفوقاً نارياً.

اقرأ أيضاً: المعارضة السورية المسلحة تردّ على القرار الدولي... في اللاذقية 

ويقول رئيس ديوان فرع المدفعية والصواريخ البحرية والساحلية، المنشق عن النظام، عثمان أسبرو إن "المواقع الاستراتيجية التي احتلها النظام، أخيراً، يمكن استرجاعها في حال كانت جهود الثوار والبندقية موحدة"، مشيراً إلى أن "جبهة الساحل هي من أفقر الجبهات عتاداً وتسليحاً".

ويضيف أسبرو في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "النظام والروس يحاولان جاهدين إبعاد الثوار وخطر مدى الصواريخ والمدفعية الى أكبر قدر ممكن الى الوراء، بعيداً عن مطار حميميم الذي يضم القاعدة الجوية الروسية"، وأن هذه الهجمة الشرسة الآن هي لـ"كسب المزيد من الأوراق على المستوى السياسي".

ويؤكد أسبرو أن مقاتلي الفصائل في جبهات الساحل، خاضوا معارك طاحنة وصعبة جداً، منذ بدء الغارات الروسية في سورية، وتمكنوا من صدّ قوات النظام ومليشياته وقتاً طويلاً، مشدّداً على أن "الخيار الوحيد هو قتال النظام ومليشياته مهما بلغت التحديات، على الرغم من أن الروس يحرقون الحجر والشجر والبشر" بريف اللاذقية الشمالي.

وفي سياق التطورات الميدانية بسورية، قالت مصادر محلية في ريف إدلب لـ"العربي الجديد"، إن مناطق بالمحافظة، شهدت الأربعاء، غارات روسية، أدت إلى "سقوط  ثلاثة وعدة جرحى في الغارة التي استهدفت مخيم النازحين قرب قرية الشيخ مصطفى" جنوب غرب معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، فيما "استهدفت غارة روسية أخرى قرية خان السبل" جنوب شرق مركز المحافظة.

وشهد ريف حلب الشمالي، أمس، تفجيراً ضخماً، استهدف مقراً للمعارضة السورية، عند طريق قرية كفركلبين، المتاخمة لمدينة إعزاز. وأكد شهود عيان أن "الانفجار كان ضخماً وسمع دويه في كل المنطقة، وتم بواسطة صهريجٍ مفخخ، كان يستهدف مقرّات أحرار الشام والجبهة الشامية"، وأدى "لمقتل شخصٍ واحد، إضافة إلى إحداثه أضراراً مادية كبيرة".

وفي حين لم يصدر تعقيب رسمي من حركة "أحرار الشام" أو "الجبهة الشامية"، حول الحادثة، حتى ظهر الأربعاء، يرجح أن يكون مسلحو "داعش" من يقف خلف الانفجار، إذ إن التنظيم يشن، منذ الثلاثاء، هجوماً واسعاً في مناطق سيطرة المعارضة بريف حلب الشمالي، تمكن على إثره من السيطرة على بعض القرى الحدودية مع تركيا.

وفي وسط البلاد، أكد المتحدث باسم "مركز حمص الإعلامي" لـ"العربي الجديد"، أن "لجنة التفاوض عن حي الوعر، قررت إغلاق طريق المهندسين وتوقيف العمل فيه مؤقتاً، ريثما تتوقف خروق النظام، والتي كان آخرها استهداف ثلاثة أشخاص مدنيين في منطقة الجزيرة السابعة استشهد اثنان منهم وأصيب الثالث، مشيراً إلى أن "اجتماعات تعقد لبحث سبل ضبط هذه الخروق".

وكان طريق المهندسين قد فُتح أمام حركة المدنيين، قبل نحو 10 أيام، وأتاح لهم الدخول والخروج من الحي الذي تسيطر عليه المعارضة، على إثر اتفاق الوعر الذي أبرم، خلال هذا الشهر، برعاية أممية.

وفي درعا جنوب البلاد، يواصل النظام والمليشيات المتحالفة معه، لليوم الثالث، شن هجومهم العنيف وغير المسبوق على مدينة الشيخ مسكين ذات الموقع الاستراتيجي بريف درعا الشمالي، الذي شهد خلال الساعات الـ72 الماضية، أكثر من مائة وخمس عشرة غارة روسية.

وقال الناشط الإعلامي، أحمد المسالمة، لـ"العربي الجديد"، إن "مليشيات النظام تمكنت من التقدم على الجهة الشرقية من مدينة الشيخ مسكين بغطاء جوي بطيران السوخوي الروسي وقذائف المدفعية وراجمات الصواريخ". لكنه أشار إلى أن "الجيش الحر يتصدّى لمحاولات التقدم، وتدور اشتباكات عنيفة جداً بمختلف صنوف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والرشاشات".

ويعتبر هذا الهجوم الذي بدأه النظام، أول أمس، الأوسع من نوعه في مدينة الشيخ مسكين ذات الموقع الاستراتيجي، التي بقيت منذ بداية هذه السنة تحت سيطرة المعارضة المسلحة.

كما أن المعارك الدائرة حالياً بالريف الشمالي للمحافظة، هي الأشرس منذ أكمنة جبهات درعا عموماً، قبل نحو أربعة أشهر، إذ إن الغارات الروسية، أتاحت للنظام أريحة فتح معارك، بعدما كان في الفترة السابقة يكتفي بالدفاع عن المناطق الخاضعة لسيطرته.

المساهمون