احتدمت الأزمة بين إيران والسعودية وارتفعت معها وتيرة التصريحات السياسية المتبادلة بين الطرفين، منذ اقتحام محتجين إيرانيين مبنى السفارة السعودية في العاصمة الإيرانية، نهاية الأسبوع الماضي، والهجوم على مبنى القنصلية في مدينة مشهد الواقعة شمال شرقي البلاد وإحراق أجزاء منه، كردود أفعال على إعدام الشيخ نمر النمر.
بدت ردود الأفعال عالية المستوى ورافقها غضب شعبي، ما زال ملحوظاً في كلام الشارع الإيراني المحتج على قطع السعودية علاقاتها بإيران. وهو ما لحقه سلسلة مقاطعات من دول خليجية وعربية أخرى، مع التنديد الرسمي الإيراني بكل هذه الخطوات السياسية، لكن التصريحات الإيرانية الأخيرة باتت أخف حدة من تلك الصادرة قبل أيام.
زاد الحديث الرسمي الإيراني عن رفض حادثة اقتحام السفارة والتعرّض للأماكن الدبلوماسية، على الرغم من أن الحكومة الإيرانية لامت المحتجين على هذا السلوك منذ البداية، لكنها بدأت تتخذ إجراءات، للوقوف على أسباب الحادثة ومعاقبة المسؤولين عنها كما تطالب.
لم يختلف ما جاء في رسالة روحاني عن تصريحات صدرت، أخيراً، عن وزير خارجيته، محمد جواد ظريف، فضلاً عن مسؤولين آخرين في مراكز صنع القرار الإيرانية المختلفة، التي تتباين انتماءات أعضائها الحزبية والسياسية بين متشددين ومعتدلين.
اقرأ أيضاً: إيران تلوم السعودية والعراق يتوسط لوقف التصعيد
كما صدر تصريح آخر عن قائد قوى الأمن الداخلي، العميد حسين أشتري، الذي نقلت عنه وكالة "أنباء فارس"، أمس، قوله إن "الاحتجاج أمام السفارة كان طبيعياً"، لكنه شكك بعملية الاقتحام، ليبدأ الحديث في الداخل الإيراني عن احتمال وجود سيناريوهات أخرى لها علاقة بالتخطيط للأمر خارج البلاد، بغية الإيقاع بإيران كما قال بعضهم. إلا أن الحديث عن هذا الاحتمال ما زال محصوراً في تصريحات محدودة، وغالبية المتحدثين الرسميين يسعون لعدم مقابلة الخطوة السعودية بقطعها للعلاقات.
وعلى الرغم من التصريحات الإيرانية عن عدم الرغبة في التصعيد، لكن هذا لا يعني أن الانتقادات لسياسات الرياض الأخيرة قد خفّت حدتها، فروحاني نفسه وخلال عقده لاجتماع لأعضاء حكومته، أمس، ركز على موقف بلاده من قطع السعودية علاقاتها بإيران، وتحدث عن مبررات التصعيد السعودي، كما تراه بلاده التي يبدو أنها تحاول كسب التأييد الدولي بسياستها هذه.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" عن روحاني: "إن السعودية تعمل على الترويج لصورة سلبية عن إيران، فيما بلاده استطاعت أن تبدل هذه الصورة سابقاً، من خلال تأكيدها الدائم ضرورة الوقوف بوجه التطرف والعنف والإرهاب في الإقليم". وأضاف أن "السعودية تقف بوجه الحل في سورية والعراق، وتشن ضربات عسكرية في اليمن، وتساهم بزيادة الحقن الطائفي".
وركز روحاني على ما اعتبره "إنجازاً إيرانياً ودولياً"، ألا وهو الاتفاق النووي، مستخدماً مصطلحات من نوع "أن بلاده فاوضت الدول الست الكبرى، وخرجت باتفاق لاقى ترحيب الكلّ، إلا إسرائيل والسعودية وبعض المتشددين في الولايات المتحدة". كما ذكّر بأن "طهران تستقبل منذ ذاك الوقت (أي منذ الإعلان عن الاتفاق مع الغرب في يوليو/تموز الماضي)، وفوداً سياسية واقتصادية من كل أنحاء العالم. ما يعني اعترافاً بدور طهران المؤثر إقليمياً ودولياً"، واتهم: "الرياض اليوم تعمل على إفشال الاتفاق وتخريب علاقات طهران بالآخرين".
وتزامناً مع صدور هذه التصريحات، وتركيز المسؤولين الإيرانيين على هذه الوتيرة منها، استقبلت طهران اجتماعاً بين مساعدي وزيري خارجية سورية وسويسرا، بحضور مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية، حسين أمير عبد اللهيان، لبحث تطورات الوضع السوري وآلية إيصال مساعدات للمدنيين المنكوبين هناك.
وأفاد عبد اللهيان أن "التصعيد السعودي سيُعطّل جهود الحوار لحل الأزمة السورية"، مؤكداً أن "بلاده ستلتزم بالبنود التي أعلن عنها في مؤتمرات الحوار السابقة، كما تصرّ على تأدية دور بنّاء وستكمل اتصالاتها بأطراف الحوار".
وتضع مواقع إيرانية اتصالات مسؤولين غربيين مع طهران، على رأسهم وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، والبريطاني فيليب هاموند، والمطالبات الأوروبية بالتهدئة بين الرياض وطهران، في سياق التأكيد على الدور الإيراني في المنطقة والعالم. كما يحقق التقارب الذي كانت ترنو إليه حكومة الاعتدال الإيرانية مع الغرب، بعد التوصل لاتفاقها النووي.
اقرأ أيضاً السفارة السعودية بالقاهرة: الاعتداءات الإيرانية ليست الأولى