ألكسندر فان دير بيلين...من الجامعة إلى الرئاسة النمساوية

05 ديسمبر 2016
اهتم بقضايا البيئة والعدالة الاجتماعية(فلاديمير سميسك/فرانس برس)
+ الخط -

قد لا يعرف الكثيرون بأن أستاذ الاقتصاد ألكسندر فان دير بيلين، الذي أصبح رئيساً لجمهورية النمسا، وسيؤدي اليمين الدستورية رسمياً في 26 يناير/كانون الثاني 2017، ليس نمساوي الأصل. هاجر أجداد الرئيس الجديد عام 1763 من هولندا إلى الإمبراطورية الروسية آنذاك. وعند اندلاع الحرب الأهلية الروسية، هاجر مرّةً أخرى جزء من العائلة التي استعادت اسمها الهولندي الأصلي فان دير بيلين.

وعلى رغم محاولة اليمين إثارة الجدل بشأن متى أصبح فان دير بيلين حاملاً للجنسية النمساوية، وبأنه لم يقم بالخدمة العسكرية، إلا أن ذلك لم يؤثر في مسيرته الشخصية.

بحسب تعريفه على الصفحة الرسمية للبرلمان النمساوي، ولد الرجل في فيينا عام 1944. هو بروفسور في الاقتصاد في جامعات عدة، منها فيينا وإنسبروك.

مارس نشاطه السياسي في "الاجتماعي الديمقراطي" ثم انتقل إلى حزب الخضر، منذ عام 1976 وحتى التسعينيات. احتل منصب رئاسة الحزب والمتحدث الرسمي باسمه في الفترة بين 1997 و2008، ورئيس المجموعة البرلمانية في البرلمان النمساوي عام 1999.

في جعبته، العديد من النشاطات الأكاديمية الحافلة على مدى سنين طويلة حتى تقاعد عام 2009. وأصبح أيضاً عضوا في المجلس البلدي لفيينا عام 2012. عُرف بنشاطه الذي يميل مبكراً إلى اليسار، وكوّن علاقات واسعة بأحزاب وشخصيات من الخضر وتيارات يسار الوسط. وجمعت الرجل صداقة بالاقتصادي التركي، مراد سرتيل، من خلال أبحاث وإصدارات مشتركة.

فاندير بيلين، كما يسميه النمساويون، هو اليوم في الثانية والسبعين من عمره، من أم إستونية وأب روسي. أثرت عليه روحه المرحة في قبول إخفاقات سياسية طيلة مسيرته في الترشح لمناصب عدة، أخفق في بعضها ونجح في غيرها. لكنه وخلال مسيرة عقد من الزمن في حزب الخضر، كان للكاريزما الشخصية تأثيرها في وضع هذا الحزب على خارطة الأحزاب السياسية، التي يُسمَع صوتها ويُحترم في الشارع النمساوي، وخصوصاً النجاح في الوصول بالحزب إلى البرلمان.

اهتم رئيس النمسا الفائز بقضايا البيئة والعدالة الاجتماعية، في تنقله بين الاجتماعي الديمقراطي والخضر، ولم يخفِ في مسيرته تلك الانتقال من معارضة الرأسمالية إلى تبني الليبرالية والاقتراب منها أكثر.

انتقده كثيرون خلال الحملة الانتخابية الحالية، بأنه رجل "هادئ جدا ومسالم أكثر مما ينبغي". ويستشهد هؤلاء بسيل الاتهامات التي جاء بها منافسه نوربرت هوفر بحقه، لكنه بقي هادئا يبتسم.

له فلسفة خاصة حول بلده والخروج من أزماتها، فخلال فوزه، وأثناء تبادل التحية مع منافسه هوفر، أجاب على سؤال عما سينتظر النمسا من مستقبل قائلاً "ستكون هناك حاجة للجميع، حتى لهوفر وحزبه، للخروج من أزمات التعليم والبطالة وما نواجهه من تحديات".

رئيس بطبيعة حذرة ومترددة يصفه بعض الشباب في فيينا، بينما آخرون يقولون علناً "لم يكن هناك من خيار آخر غيره... فقد بقي هو وهوفر في المنافسة".

تبقى لألكسندر فان دير بيلين مواقف غير شعبوية، في زمن يعتبر فيه البعض بأن القارة تتجه نحو فرز شعبوي يميني ويساري. لم يعارض مثلاً وبقوة الاتحاد الأوروبي مثل منافسه، بالرغم من وجود تحفظات لديه وتردده في مسألة توقيع اتفاقيات التجارة الحرة، مع عدد من الأطراف الدولية.

وعلى الرغم من كل ما أشيع عن ديانة الرجل، فهو بالولادة بروتستانتي وليس يهوديا، وخرج من الكنيسة وأعلن بشكل واضح بأنه غير متديّن.

العارفون بعمل أحزاب اليمين المتطرف وتقدمهم الكاسح، يعترفون بأن وصول بيلين إلى سدة الرئاسة، وإن لم تكن ذات أهمية من حيث الحكم، لن توقف الاندفاعات التي أراد هوفر تمريرها، عبر استفتاءات، من خلال قاعدته الشعبية والبرلمانية، وقد يشكل ذلك صداعا لبيلين. في المقابل، يرى آخرون أن ذلك قد يكون عامل فرملة، لتشويه صورة النمسا ووقف حالة الانقسام في مجتمعها، الذي يئن من مشاكل، غير تلك التي ساقها اليمين عن المهاجرين.

المساهمون