القبائل الليبية من تونس: لابد من مصالحة شاملة

03 مايو 2016
حضر الاجتماع أكثر من 35 شخصية ليبية (العربي الجديد)
+ الخط -

عقد ممثلون عن المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، اليوم الثلاثاء، اجتماعاً في ضاحية قمرت بالعاصمة التونسية، في محاولة منهم للخروج بتوصيات من شأنها أن تجمع شمل الليبيين المتباعدين والمتناحرين، وتجعل ليبيا وطناً آمناً ومستقلاً.

ويأتي هذا الاجتماع بمبادرة من "المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية". وحضر الاجتماع أكثر من 35 شخصية ليبية من مختلف المدن الشرقية والغربية والوسطى، مؤكدين أنّ الحل يجب أن يكون ليبياً ليبياً وعبر مصالحة شاملة. واعتبر المجتمعون، في الوقت ذاته، أنه بدون حوار مجتمعي مع القبائل الليبية، فإن ليبيا لن تخرج من أزمتها، ولن يكتب لأي حكومة النجاح.

وقال رئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، لعجيلي عبد السلام البريني، لـ"العربي الجديد"، إنّ الحل في ليبيا لا بد أن يكون داخليا، وعن طريق التوافق بين جميع الليبيين، مؤكّداً أن مجلس القبائل والمدن الليبية يطالب بعودة المهجّرين، والاحتكام إلى الصندوق، ورفع الغطاء عن جميع المليشيات المسلحة.

وأضاف لبريني، أنّ على الليبيين أن يتوافقوا فيما بينهم، وأن يقاوموا أي تدخل أجنبي في ليبيا، موضحاً أن هناك وعياً من قبل القبائل على ضرورة التدخل وحل الصراع، وإلا فإن البلاد ستكون في طريقها إلى الانقسام ومزيد من الضياع، وبالتالي لابد من إيجاد مخرج للأزمة التي تتخبط فيها ليبيا.

واعتبر رئيس المجلس، أنّ الحل في ليبيا لا يجب أن يكون بضغوط خارجية، وأن الحكومة الحالية يجب أن تضع في اعتبارها أن التشكيلة الحكومية لن تنجح إن لم تكن متوازنة، وعليها أن تحتكم إلى الكفاءات، وليس إلى الجهويات أو إلى اعتبارات أخرى، وأن تعتمد على مبدأ المواطنة، لأن ليبيا لجميع الليبيين.

من جهته، قال رئيس اللجنة الجزائرية للسلم والمصالحة، أحمد مزار، لـ"العربي الجديد"، إنّه "في ظل تنامي الأزمة الليبية، وانتشار السلاح والإرهاب، وتزايد عدد المليشيات، فإن المسؤولية أصبحت مشتركة لإيجاد حل للمعضلة الليبية، على اعتبار أن الكل جزء من المشكلة، وبالتالي الكل جزء من الحل، وهو ما يدعو إلى البحث عن الحل في التركيبة القبلية لاحتواء الأزمة، والمساهمة في بناء مصالحة ليبية".

وأضاف مزار، أنّ "حكومة وفاق وطني، لا يمكنها أن تنجح، وأن تكون في أوج قوتها من دون حاضنة اجتماعية"، مبيناً أن الحاضنة تكمن في مجلس القبائل الليبية التي لها سلطة التأثير واتخاذ القرار، والتي يمكنها عن طريق سلطتها الشعبية، أن تقدم أرقاماً صحيحة عن مناطق انتشار السلاح، وعن المجموعات المسلحة.

واعتبر أنّ القبائل الليبية يمكن أن توحّد الليبيين ضمن صف واحد، مبيناً أن "الصراع في ليبيا ليس صراعا سياسيا، بقدر ما هو صراع جهوي أيديولوجي قبلي، وهو ما يستدعي حوارا شاملا، ومصالحة اجتماعية تتبناها القبائل، ويتبناها كذلك المجلس الأعلى للقبائل الذي يبقى له دور هام في التنسيق بين المدن، وكذلك مع دول الجوار، في محاربة الإرهاب، وحماية الحدود، ودعم حكومة الوفاق الوطني".

وتابع أن "هذا اللقاء يأتي في توقيت حساس وحاسم تمر به ليبيا، على أمل أن يتم الوصول إلى ميثاق ليبي تتبناه حكومة الوفاق الوطني، يساعد في إيجاد استراتيجية تحل الأزمة، فالوقت ينفد، خاصة في ظل وجود مخططات لتفكيك المنطقة الليبية إلى دويلات وإلى طوائف، وفي ظل وجود مشاريع عدّة لتدخلات عسكرية، هي بصدد انتظار التوقيت المناسب للتدخل، وهو ما سيدفع ليبيا إلى مزيد من الفوضى".

بدوره، قال المنسق العام للشأن الليبي للمركز الدولي للدراسات الاستراتيجية، خالد الغويل، لـ"العربي الجديد"، إنّه طالما لا يوجد حوار مجتمعي يدفع جميع الأطراف الليبية إلى التصالح، فجل الحلول تعتبر مبتورة، معتبراً أن غالبية الحوارات التي حدثت سابقاً، ومنها حوار الصخيرات وجنيف، كانت منقوصة، ولم تجمع كل الأطراف الليبية.

وأوضح الغويل، أنّه من الصعب تجاهل المكون الاجتماعي في الأزمة الليبية، لأن النسيج الاجتماعي هو الوحيد الذي يُخرج ليبيا من التطرف، ومن الفوضى نحو بر الأمان، ثم تأتي بعد ذلك الاتفاقات السياسية، معتبراً أن هناك تعمداً مقصوداً لتغييب القبائل الليبية، وعدم إشراكها في الحوارات القائمة.

من جهةٍ ثانية، بيّنت رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية، بدرة قعلول، لـ"العربي الجديد"، أنّ لقاء اليوم يجمع ممثلين عن القبائل الليبية، وهو لقاء تاريخي، هدفه التهدئة، والمصالحة.

وأوضحت قعلول، أنه حان الوقت للخروج من مجرد تشخيص الوضع في ليبيا والسؤال عن وجود تدخل أجنبي من عدمه، إلى حوار مجتمعي، ووضع اليد في اليد، لأن القبائل والعشائر الليبية، مهما اختلفت، فإنها لن تقبل الوضع الخطير والسيناريوهات التي تُحاك ضد ليبيا.

وأشارت إلى أن هناك تأكيداً واضحاً من القبائل الليبية، أن حكومة فائز السراج باتت أمراً واقعاً، ولكنهم يقترحون أن تكون هذه الحكومة معدلة وفق منطق التوافق، وعن طريق إشراك القبائل والمجتمع الليبي، من دون إقصاء لأي طرف.

المساهمون