تعديل عراقي وزاري مرتقَب...ومعركة الموصل بقيادة أميركية من القيارة

تعديل عراقي وزاري مرتقَب...ومعركة الموصل بقيادة أميركية من القيارة

18 يوليو 2016
خطط عسكرية للتحرك نحو معقل "داعش" في القائم(علي محمد/الأناضول)
+ الخط -
يترقب العراقيون مشهداً سياسياً وعسكرياً ساخناً خلال الأيام المقبلة. فالحراك داخل بغداد لتعديل وزاري مرتقب يعتزم رئيس الوزراء حيدر العبادي إجراءه، يبرز إلى الواجهة، بعد فشل التعديل الأول، واستقالة وزير الداخلية محمد الغبان، وتصاعد الحراك الشعبي بقيادة التيار الصدري مجدداً للضغط على العبادي من أجل حكومة "تكنوقراط". أمّا ميدانياً، تؤكد مصادر عسكرية لـ"العربي الجديد" تسلم الأميركيين مهمة قيادة المعارك في محاور الموصل الأربعة، بعد اقتصار العمليات على الجيش النظامي والعشائر و"البشمركة"، بمشاركة وإشراف أميركي، واستبعاد مليشيات "الحشد الشعبي" وحزب العمال الكردستاني الذي يوجد في مناطق وقرى شمال العراق، والذي قدّم طلباً للحكومة للمشاركة.

كما باتت قاعدة القيارة هي الأخرى بحكم المحسومة كمقر جديد للقوات الأميركية في العراق بعد وصول فريق أميركي بدأ بمساعدة قوات كردية بعمليات صيانة لمدارج الطائرات فيها وعدد من المباني بداخلها. ووفقاً لمصادر سياسية عراقية رفيعة المستوى تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإنّ "رئيس الوزراء حيدر العبادي أبلغ قيادات مختلفة في التحالف الوطني نيته إجراء تعديل وزاري بعد فشل مشروعه السابق في تشكيلة وزارية مكوّنة من شخصيات متخصصة بكل وزارة ستسند إليها".

وقضت المحكمة الدستورية العليا، الشهر الماضي، ببطلان جلسة البرلمان العراقي التي صُوّت خلالها على تسمية خمسة وزراء جدد وإقالة خمسة آخرين من حكومة العبادي. كما ألغت الجلسة التي سبقتها، والتي قضت بإقالة رئيس البرلمان سليم الجبوري وهو ما خلق أزمة سياسية كبيرة في البلاد. وأسهم قرار المحكمة في إنهاء الأزمة غير أنه أدى إلى نسف ورقات رئيس الوزراء الإصلاحية التي تشمل إقالة وزراء وتسمية آخرين وتغيير رؤساء المفوضيات والمؤسسات المستقلة، من بينها البنك المركزي، ومجلس القضاء الأعلى، وديوان الرقابة المالية، ومفوضية الانتخابات. هذه الأوراق الإصلاحية رفعها المتظاهرون بالتيارين المدني والصدري منذ مطلع العام الحالي، ووافق عليها العبادي، إلا أن الخلافات السياسية ورفض الجناح الموالي لإيران بزعامة نائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي تلك الورقات أدى إلى إفشالها.

ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن العبادي أجرى سلسلة لقاءات مع قيادات التحالف لطرح مشروع تعديل وزاري جديد يشمل مناصب الداخلية، والكهرباء، والصناعة والتجارة، والاتصالات، والنقل، والصحة والموارد المائية. ومن المقرر أن يبدأ العبادي لقاءات ومباحثات مع الكتل الأخرى بعد الاتفاق مع قادة التحالف الوطني الحاكم للبلاد، إذ تهدد كتلة "بدر" بالانسحاب من الحكومة في حال لم تُعط منصب وزارة الداخلية الذي تم الاتفاق عليه عند تشكيل الحكومة. وبحسب التسريبات لـ"العربي الجديد"، فإن التعديل الوزاري يشمل أيضاً عدداً من الوزارات أبرزها وزارتا النقل والمواصلات لدمجهما في وزارة واحدة.

ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة بدء حراك سياسي علني حول التعديل الجديد وسط مخاوف من أزمة سياسية جديدة تعصف بالبلاد، خصوصاً أن الخلافات باتت تثار مع كل دعوة للإصلاح والقضاء على الفساد في البلاد المتخم أصلاً بالمشاكل.





وعلى صعيد الملف العسكري والمعارك الدائرة في شمال العراق، علمت "العربي الجديد" من مصادر عسكرية عراقية رفيعة المستوى وصول فريق أميركي إلى قاعدة القيارة (60 كيلومتراً جنوب الموصل)، واستقرت فيها مع قوات كردية. وباشر هؤلاء عمليات صيانة وترميم شملت مباني رئيسية ومدرج الطائرات المقاتلة الذي كان العراق يستخدمه إبان حرب الثمانينيات مع إيران فضلاً عن مهابط للمروحيات، وفقاً للمصادر.

ويقول العقيد ماجد حميد الجاف من قوات الجيش العراقي في محور مخمور لـ"العربي الجديد" إنّه "يبدو أنّ الأميركيين قرروا الاستقرار في قاعدة القيارة وإدارة معركة الموصل منها. فالقوات الأميركية وصلت مع كرفانات (بيوت جاهزة) وباشروا عمليات صيانة ومعهم قوات كردية، باعتبار أنّهم يثقون بها". ويبيّن أن "المعلومات التي تم التأكد منها تشير إلى أنه لا مكان للحشد الشعبي ولا لحزب العمال الكردستاني بمعارك الشمال العراقي، كما تم الاتفاق على ذلك. والأميركيون سيتدخلون أثناء المعركة عند الحاجة برياً لصعوبة المهمة، كما أن الغطاء الجوي سيكون حاضراً"، وفقاً للعقيد.

فيما تؤكد مصادر عسكرية أخرى بالجيش العراقي أن وجود الأميركيين في قاعدة القيارة تم بموافقة من العبادي، وسيتكفل الأميركيون ببنائها وتأهيلها، وقد تكون لهم قاعدة مهمة تغنيهم عن قاعدة أنجرليك التركية في المستقبل القريب، خصوصاً أنها أقرب إلى الأهداف في سورية والعراق. ويرسخ هذا الأمر لبقاء عسكري أميركي أطول وأقوى في العراق بمثلث معقّد قد يشهد توترات بين بغداد وأربيل ضمن ملف المناطق المتنازع عليها، إذ توجد مناطق وقرى قريبة من القاعدة تطالب بها أربيل لضمها إلى حدود كردستان وترفض بغداد ذلك، بحسب المصادر العسكرية.

في غضون ذلك، أعلنت خلية الإعلام الحربي المتحدثة باسم قيادة العمليات المشتركة، في بيان لها، أن "طيران التحالف الدولي تمكّن من تدمير عشرات الأهداف المهمة لأماكن وجود عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وخطوط دفاعاته في الشرقاط والقيارة". فيما يؤكد قائد قوات الجيش، اللواء الركن نجم الدين كريم الجبوري لـ"العربي الجديد"، الانتهاء من نصب جسر عائم على نهر دجلة بين مخمور والقيارة سيستخدم لعبور القوات العراقية والأخرى المساندة لها، فضلاً عن الدبابات والآليات، وبدعم أميركي، إلى الضفة الثانية من النهر، حيث تقع مدينة القيارة". ويضيف الجبوري أن المدينة على أعتاب تحريرها من "داعش"، "وبذلك تكون الموصل الهدف المقبل من المعارك".

ويتوقع نائب رئيس مجلس محافظة نينوى، نور الدين قبلان أن يكون الصيف الحالي حافلاً بالأحداث الأمنية والعسكرية. ويوضح قبلان لـ"العربي الجديد"، أنّهم يسعون إلى "إكمال تحرير القيارة للتوجه إلى الموصل بأقرب وقت وقبل نهاية العام الحالي".

وبينما تزداد حدة المعارك بالشمال، تؤكد مصادر عراقية محلية في الأنبار، غربي العراق، أن خططاً عسكرية تجري للتحرك نحو معقل "داعش" الأخير والأهم في المحور الغربي، وهي مدينة القائم (5 كيلومترات عن الحدود العراقية السورية)، بغية استعادة السيطرة عليها. ويعني هذا الأمر، بدء فصل جديد مع التنظيم في العراق، يكمن في تحوله من تنظيم بكيان معلوم المكان إلى مجرد جيوب وخلايا متناثرة في مناطق شمالي، ووسط، وغربي العراق.


المساهمون