العقوبات الإسرائيلية ضد أسرى "حماس": مرحلة ما قبل التفاوض؟

03 يناير 2017
"حماس" تقول إنّ لديها 4 جنود إسرائيليين(عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
عادت إلى التفاعل من جديد قضية الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حركة "حماس" في غزة، مع بث كتائب القسام شريطين مصورين للمحتجزين لديها، وما تبعه من اتخاذ المجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية والأمنية في إسرائيل (الكابينت)، سلسلة من العقوبات تطاول أسرى الحركة وشهداءها المحتجزة جثامينهم. وردت "حماس" على العقوبات الإسرائيلية بحق شهدائها وأسراها بالتأكيد على أنّ كل الضغوط لن توصل لنتيجة غير التبادل في موضوع الجنود الأسرى لديها، وأنّ العقوبات بحق الأسرى لم تتوقف وهي مستمرة بدون أو مع قرار وزاري. ويعتبر الفلسطينيون العقوبات تعبيراً عن حالة الإفلاس التي وصلت إليها الحكومة الإسرائيلية، والتي تحاول استرضاء الشارع الإسرائيلي الغاضب على إهمالها ملف الجنود الأسرى لدى "حماس" في غزة منذ أكثر من ثلاث سنوات. وهذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها حكومة الاحتلال لعقوبات تجاه أسرى "حماس" لدفع الحركة لتغيير سياساتها تجاه الجنود الإسرائيليين، إذ سبق ذلك عقوبات شديدة للغاية ضد أسرى "حماس" عقب أسر الجندي، جلعاد شاليط، عام 2006، وتضييق أقوى كلما تعثرت مفاوضات التبادل في حينه.

وأكد الناطق باسم "حماس"، حازم قاسم، لـ"العربي الجديد"، أنّ هذه القرارات التي اتخذتها الحكومة المصغرة للاحتلال هي همجية لا تمارسها إلا العصابات التي تعمل خارج القانون، وهي تعبر عن حالة عجز وإفلاس في خياراتها عندما تنفذ إجراءات ضد جثامين شهداء وأسرى عُزّل. وأشار إلى أنّ هذه الإجراءات قديمة جديدة، لحكومة تُجرب المجرب، وأنّ هذه العقوبات أثبتت أنّ هناك فشلاً حقيقياً لدى الاحتلال، مشدداً على أن المقاومة والشعب الفلسطيني لن يتراجعا عن خياراتهما، وأن العقوبات لن تكسر إرادة المقاومة ولن تدفعها للتراجع عن شروطها للإفراج عن أسرى الاحتلال، بحسب قوله. وبيّن الناطق باسم "حماس" أنّ طريق الاحتلال للحصول على أسراه لن يتم إلا عبر صفقة يستجيب فيها لشروط المقاومة و"كتائب القسام" (الجناح العسكري لحركة حماس)، مؤكداً أنّ الاحتلال في مرات سابقة، جرّب هذه الوسائل بعد أسر شاليط وشن هجمة شرسة على القطاع، وفرض حصاراً شاملاً، واتخذ إجراءات بحق الأسرى وذويهم، لكنه لم ينجح في الحصول على شيء، أمام صمود الأسرى والمواطنين و"كتائب القسام"، على حد تعبيره.

وشدد قاسم على أنّ المقاومة تعتبر أنّ تحرير الأسرى هدف استراتيجي لها، ولديها تجربة وخيارات أمنية واستخباراتية، وإيمان مطلق بحقها في الإفراج عن الأسرى، إضافة إلى التفاف شعبها حولها، وهو ما سيمكنها من الوصول لصفقة تبادل مشرفة.


وذكر مدير جمعية "واعد" للأسرى والمحررين، عبد الله قنديل، أنّ الإجراءات الإسرائيلية المعلن عنها كعقوبات، جديدة قديمة، فإن جزءاً منها معمول به منذ وقت سابق، وكل أسبوع هناك تفتيش استفزازي أو اقتحام ليلي ونقل قيادات في السجون وعزلها انفرادياً، بحسب تأكيده. وأوضح في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ كثيراً من أهالي الأسرى في غزة، منذ قرار إعادة استئناف الزيارات للمعتقلات، لم يقوموا بزيارة أبنائهم في السجون، متحدثاً كذلك عن خطوات سيقوم بها الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية للرد على التمادي الإسرائيلي بحقهم. وأشار إلى أنّ "أهالي الأسرى لن يستسلموا للمصاعب والمتاعب التي تدفعهم لها حكومة (بنيامين) نتنياهو"، مشدداً على أنّ العقوبات "لا تؤثر على الأسرى، على الرغم من قسوتها وصعوبتها"، وأنّ الأسرى بتماسكهم يدفعون المقاومة لمزيد من التصلب في ملف التبادل والجنود المحتجزين، وفق قوله.

ولفت قنديل إلى أنّ الخاسر الوحيد في هذا الأمر هو عائلات الجنود الإسرائيليين الأسرى في غزة، مضيفاً أنّ تجربة (الجندي الأسير سابقاً في غزة) شاليط حاضرة، إذ لم تسفر كل الإجراءات العقابية والتجسسية عن تطور في الصفقة السابقة، على حد تأكيده. ورداً على سؤال حول تأثر المقاومة بمثل هذه العقوبات الإسرائيلية، أجاب: "إننا أمام مقاومة وازنة واستطاعت أنّ تقدم كثيراً في صفقات التبادل، وفي جعبتها ما سيؤثر على الموضوع بالإيجاب، والوحيد الذي في مأزق حكومة الاحتلال إذ يمر العام تلو العام دون أنّ تقدم على تنفيذ أي من الوعود التي تقوم بها لأهالي (جنودها) الأسرى".

وفي نفس السياق، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي، حاتم أبو زايدة، لـ"العربي الجديد"، إنّ الاحتلال الإسرائيلي يقوم بالإجراءات حالياً من أجل خفض سقف التوقعات عبر استمرار الادعاء بأن جنوده جثث، وذلك لخفض ثمن الصفقة المقبلة، ومحاولة للضغط على حركة حماس. وأكد أنّ الاحتلال سيعزز من الضغط على "حماس" عبر الضغط على الأسرى ومن الممكن أن تشملها إجراءات تطاول الضغط على القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ عشر سنوات من أجل أهداف سياسية. وذكر أنّ نتنياهو غير معني حالياً بالوصول إلى صفقة تبادل، أو الدخول في مفاوضات مع "حماس"، على الرغم من التلميحات التي حملتها مقاطع الفيديو الأخير لـ"القسام"، بأنّ هناك عدداً من الجنود على قيد الحياة. وأوضح أنّ حركة حماس لن تقوم بكشف جميع أوراقها التي تمسك بها لأنها تريد مقابل كشف مصير الجنود وتفاصيلهم ثمناً، وستستمر ذراعها العسكرية بطرح المزيد من التلميحات عبر مقاطع فيديو أو وسائل أخرى، بحسب تأكيده.

وبيّن أبو زايدة أنّ خيار "حماس" حالياً هو الصبر بما في ذلك أسراها داخل السجون، ورفض الانصياع للضغوط عليها من أجل الدخول في صفقة تبادل جديدة، وهي ضغوط تهدف إلى زعزعة تحركات الحركة وجعلها تقبل بأي ثمن، بحسب قوله. غير أنّه رأى أنّ ما يجري حالياً بين الجانبين أشبه بالحرب النفسية التي تهدف في نهاية المطاف، إلى الدخول في مفاوضات من أجل التوصل إلى صفقة تبادل جديدة، مستبعداً في ذات الوقت، أنّ يتم التوصل لصفقة في المدى المنظور وفي ظل الظروف الحالية.