جدل في تونس بعد المصادقة على "تصويت العسكريين والأمنيين"

01 فبراير 2017
البرلمان التونسي صادق على تصويت العسكريين (Getty)
+ الخط -

تباينت ردود النقابات الأمنية والمهتمين بالشأن العسكري في تونس، مباشرة، بعد أن صادق مجلس نواب الشعب على الفصل السادس من مشروع قانون الانتخابات المحلية، والذي يمكّن العسكريين والأمنيين من التصويت في الانتخابات البلدية والجهوية دون غيرها من الانتخابات.

وبالرغم من مصادقة مجلس النواب بـ144 صوتا مع "تصويت العسكريين والأمنيين" مقابل معارضة 11 نائبا، وامتناع 3 نواب عن التصويت، إلا أنّه يبدو أن الموضوع لا يزال يثير جدلا وردودا مختلفة بين مؤيد لهذا القرار ورافض له.

وقال الناطق الرسمي باسم نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل، مهدي الشاوش، لـ"العربي الجديد"، إنّ هذا الفصل كان مطلبا للعديد من الأمنيين، الذين سبق وأن عبّروا عن رغبتهم في ممارسة حقهم في التصويت في الانتخابات المحلية، وأنهم يريدون حقهم في المواطنة وفي التمتع بحقوقهم كاملة، مبينا أنهم فضّلوا التريث مباشرة بعد الثورة، مراعاة للظرف الانتقالي الذي كانت تمر به تونس.

وأضاف الشاوش انّهم ارتأوا عدم تعطيل المسار الانتقالي والمطالبة بحقهم في التصويت بعد انتخابات 2014، ولكن بعد انطلاق الحديث عن الاستحقاقات الانتخابية، وفي ظل الحريات التي يكفلها الدستور، فمن حق الأمنيين التصويت.

وأوضح الناطق الرسمي باسم نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل، أنه بعد الحصول على هذا الحق فإنه من غير المقبول من بعض الأمنيين المزايدة والادعاء برفضهم هذا الفصل، لأنه يعتبر مكسبا وخطوة أولى في اتجاه مزيد من الحقوق، التي ينص عليها الدستور، والتي ستنطلق بحق التصويت في الانتخابات البلدية، وفي انتظار الحصول على مكاسب أخرى، معتبرا أن هذا الفصل كان محل جدل كبير، وعطل مسار بلاد كاملة.

وأشار إلى وجوب النظر إلى تجارب الدول الديمقراطية، والمقاربات الأجنبية في هذا الصدد؛ إذ إنه لم يعد من المقبول الحديث عن ديمقراطية مع القيام باستثناءات، معتبرا أنّ حديث البعض عن تجاذبات سياسية، وعدم تحييد للمؤسسة الأمنية، طرح مغلوط، لأن الأمني يعرف مسؤوليته جيدا، وسبق للمؤسسة الأمنية أن ساهمت في إنجاح الانتخابات السابقة التي عرفتها تونس منذ 2011 و2014، ولم يلاحظ أي انحياز لأي طرف، كما أن تجارب المقارنة تبين أن الأمنيين في بلدان أخرى يصوتون، ولم يشكل ذلك أي خطر على المنظومة الأمنية.

وحول الإشكاليات التي سترافق تمكين الأمنيين من التصويت؛ مثل عدم تواجدهم في مناطق سكناهم، رد الشاوش أنه يجب الحديث عن ممارسة الحق أولا، أما طريقة تنفيذه وممارسته فسيبقى الاختيار للأمنيين بالتصويت من عدمه، وأضاف أن أي أمني يريد الحصول على حقه في التصويت في الانتخابات المحلية، لكي لا تكون الديمقراطية انتقائية، وتستثني أطرافا من المواطنة، لأن المفاهيم ستصبح ساعتها مختلّة.

من جهته، عبّر النقابي الأمني في النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي، شكري حمادة، عن رفضه مشاركة الأمنيين في الانتخابات البلدية، مبينا أن الأمن في تونس يجب أن يكون أمنا جمهوريا محايدا.

وقال حمادة، في تصريح لوسائل إعلام محلية، إن هناك عدة صعوبات تحول دون تصويت الأمنيين في الانتخابات المحلية، ومن ذلك أنهم مدعوون إلى تأمين الانتخابات والمشاركة فيها في نفس الوقت، واعتبر أن هذا الحق سيقود إلى اتهام الأمنيين بإنجاح بعض القوائم الانتخابية الفائزة وإفشال أخرى، مبينا أن النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي بمختلف فروعها لن تشارك في الانتخابات المحلية.

واعتبر العميد السابق في الجيش الوطني، ورئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، مختار بن نصر، أنّ هناك عدة إشكاليات في تطبيق هذا الفصل، ومنها تسييس المؤسسة الأمنية والعسكرية، إلى جانب أنّ أغلب العسكريين يدوّن لديهم في بطاقات الهوية في خانة العنوان، عبارة وزارة الدفاع الوطني، ولا يوجد وثيقة رسمية للتعريف بالناخبين ومناطقهم، وبالتالي هناك إشكال كبير في التنفيذ.

وقال بن نصر لـ"العربي الجديد" إن تسريح كل الأمنيين والعسكريين للتصويت في يوم واحد، مسألة عويصة جدا، وغير ممكنة، خاصة أن العسكريين لا يعملون في مناطق سكناهم ويعملون في محافظات أخرى، وهو إجراء اتخذته وزارة الدفاع الوطني للنأي بالمؤسسة عن التجاذبات، مبينا أنه باستثناء بعض الجنود الذين يسمح لهم بأن يكونوا قريبين من مقرات سكناهم شريطة ألا يكونوا في نفس محافظتهم، فإن النسبة الكبيرة منهم بعيدة.

وأضاف بن نصر أن مهمة العسكريين يوم الانتخابات مرهقة ومتعبة، إذ عليهم حمل صناديق الاقتراع، والتأمين اللوجستي، وحراسة المؤسسات، معتبرا أن أميركا لم تتجاوز هذا الإشكال إلا بعد أن عممت استعمال الحواسيب، ومكّنت العسكريين والأمنيين من التصويت عن بُعد، مبينا أن تونس ليست لديها حاليا هذه الآلية، وأن الظرف دقيق، ولا يمكن على ضوئه تسريح العسكريين والأمنيين دفعة واحدة لينتخبوا في محافظاتهم، مشيرا إلى أنّ التجربة الديمقراطية الهشة وأمام الظرف الدقيق الذي تمر بها تونس؛ فإنه يمكن القول إننا لا نزال غير مؤهلين لفتح هذا الباب، مبينا أن من المهم بناء الديمقراطية تدريجيا، وليس تمكين العسكريين والأمنيين من التصويت، وأن البلاد غير جاهزة، كما أن العملية محفوفة بالكثير من الخلل.

 

 

دلالات
المساهمون